‘صحيفة فزغلياد: اتفاق المناطق الآمنة في سورية يذكَّر بالصفقة الكبرى’
6 مايو، 2017
سمير رمان
صورة: لاليري شريفولين/ تاس
منذ منتصف يوم الأربعاء الماضي، أصبح من المعلوم أنَّ روسيا قد أعطت موافقتها على إقامة مناطق آمنة في سورية، خلال مباحثات أستانا التي تقاطرت إليها وفود الحكومة والثوار، والدول ذات العلاقة -إيران وتركيا وروسيا- إضافة إلى وسيط الأمم المتحدة. وبالمناسبة لم تقتصر موافقة الدبلوماسيين الروس على الفكرة وحدها التي كان الأميركيون والأتراك يدعون إليها منذ وقتٍ طويل، ولكنَّهم تقدّموا بخطةٍ محدَّدةٍ لإقامتها وترتيبها.
لكنَّ الإثارة الأهم حدثت قبل حلول المساء، عندما أُعلنت نتائج مباحثات القمة الروسية- التركية في سوتشي؛ إذ أعلن الموافقة الروسية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد انتهاء مباحثاته مع نظيره التركي طيب رجب أردوغان. يرى بوتين أنَّ إقامة المناطق الآمنة (مناطق تخفيف التوتر) في سورية، يعزِّز نظام وقف النار. ومن ناحية أُخرى، قال بوتين إنَّه ناقش البارحة مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، وإنَّ واشنطن تدعم هذا الإجراء.
كذلك نبّه بوتين إلى أنَّ روسيا أجرت مشاوراتٍ أولية مع دمشق وطهران. والآن، تعوِّل موسكو وأنقرة على اتخاذ القرار النهائي بهذا الخصوص، من قِبل المشاركين في مباحثات أستانا. وكما أشارت “فزغلياد”، أضاف بوتين أنَّ مراقبة تطبيق التهدئة في المناطق الآمنة يجب أن يكون مباحثاتٍ منفصلة، وأنَّ الحرب على الإرهاب ستتواصل حتى بعد المناطق الآمنة.
أعرب الرئيس الروسي أيضًا عن الأمل بأنْ تفضي العملية السلمية إلى استعادة السيادة السورية على كامل أراضيها وإلى دولةٍ ذات قيادةٍ موحَّدة. وعلى التوازي، تنقل (تاس) عن بوتين قوله إنَّه يفترض ألا تحدث في المناطق الآمنة غارات جوية. ومن جانبه، أعلن الناطق الإعلامي باسم الرئيس الروسي عن مناطق حظر للطيران.
بحلول المساء، أعلنت وزارة الخارجية الروسية ترحيب الحكومة السورية بإقامة مناطق تخفيف التوتر. وأخيرًا، وبعد ست سنواتٍ على الحرب في سورية، وجدت الدول العظمى صيغةً للسلام في هذه البلاد.
في الساعات نفسها وبانسجامٍ، على ما يبدو، بين مشاركي لقاء أستانا وسوتشي، صرَّح وزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون أنَّ الولايات المتحدة الأميركية وروسيا اتفقتا على بدء استعادة العلاقات بعملٍ مشترك لتسوية النزاع السوري. وبشكٍ غير متوقَّع، تنصَّل المكتب الصحفي في البيت الأبيض من الهجوم الذي أطلقه رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية، قبل ساعاتٍ معدودة، بحقِّ روسيا ” أكبر خطر” على الديمقراطية الأميركية. ومن ثمّ، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن استمرار تواصل وزارته مع الولايات المتحدة في سورية.
سبق لإدارة باراك أوباما أنْ اقترحت إقامة مناطق حظرٍ للطيران في سورية، ولكنَّ هذه المقترحات لم تنفَّذ. كانت روسيا تعارض بشدة هكذا مبادرات. وكان وزير الدفاع حينئذٍ قد قال في جلسة استماعٍ أمام الكونغرس، أنَّ تطبيق مثل هذه المناطق سيعني، في واقع الأمر، صدامًا مباشرًا مع القوات المسلحة الروسية؛ مما يعني ببساطة أنَّه غير ممكنٍ بالنسبة إلى أميركا.
غير أنَّ دونالد ترامب وعد، في أواخر كانون الثاني، بعد تسلّمه مقاليد السلطة مباشرةً، وعدًا لا يقبل التأويل أنَّه “سيقيم مناطق آمنة في سورية”، ووصل الأمر به إلى أن يوقِّع أمرًا طالب إدارته ووزارة دفاعه بإعداد الخطة المناسبة خلال 90 يومًا. في حقيقة الأمر، قابلت موسكو دعوة الرئيس الأميركي ترامب بحذر. وقال الناطق الإعلامي باسم بوتين، ديمتري بيسكوف إنَّ أحدًا لم يشاور موسكو بهذا الخصوص. وها هي الـ 90 يومًا انقضت، وتبيّن أنَّ دبلوماسيّ البلدين لم يقفوا خلالها مكتوفي الأيدي. فالاتفاق جاهز.
ليست صفقة بعد، ولكنَّها إشارةٌ جيدة
قال عضو مجلس الاتحاد للشؤون الدولية، العضو السابق في إدارة السياسة الداخلية في إدارة الرئيس أوليغ ماروزوف: إنَّ الاتفاق على المناطق الآمنة هو “إشارة جيدة”، محذِّرًا في الوقت نفسه من استخدام مصطلح “الصفقة”. وأضاف لصحيفة فزغلياد أنَّ “إقامة مثل هذه المناطق فكرة قديمة، وتتعلَّق المسألة في جرِّ الشركاء الذين يتعلَّق بهم حلُّ النزاع في سورية إلى الانخراط في هذه الفكرة. واليوم، لأن شركائنا الرئيسيين -الولايات المتحدة الأميركية وتركيا- مستعدون، مبدئيًّا، لدعم الفكرة، نرى هذا مؤشرًا إيجابيًا. ولكنْ يجب عدم الاستسلام للأوهام وافتراض أننا وجدنا مفاتيح حلَّ لكافَّة المشاكل السورية. أعتقد أنَّها البداية فقط”.
لا يعتقد السيناتور ماروزوف أنَّ روسيا تبتعد عن الأسد حاليًا؛ إذ قال: “بحسب معلوماتي، وافق الأسد على فكرة إقامة المناطق الأربع الآمنة. الأمر يتمُّ بموافقة الأسد الكاملة، ولا يمكن أنْ يكون الأمر خلاف ذلك. مازالت روسيا تتحدَّث عن تواجدها في سورية بدعوةٍ من الحكومة الشرعية ولا يمكننا العمل هناك دون تنسيقٍ مع الأسد”.
وفي الوقت نفسه، أوضح رئيس الوفد الروسي إلى مباحثات أستانا ألكسندر لافرينتيف أن فصائل المعارضة المسلحة المعتدلة ستتولى الحرب على العصابات الإرهابية في المناطق الآمنة الأربع، بدعمٍ من الدول الضامنة. المناطق الآمنة الأربع ستكون في إدلب، شمال حمص، الغوطة الشرقية، وفي جنوب البلاد، بينما ستتولى حمايتها وحداتٌ محايدة من دولٍ ليست منخرطة في النزاع.
حتى الآن لم تعط ِالفصائل المعارضة موافقتها على المقترح الروسي. وصرَح أحد ممثلي المعارضة المعتدلة أنَّهم سيطلبون إجاباتٍ مكتوبة على جملةٍ من التساؤلات، من ضمنها إجابات حول مناطق بعينها. وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية وتركيا تدعمان الفكرة، فإنَّه لن يكون بمقدور المعارضة التعنت أكثر من اللازم.
سيكون الأميركيون أكثر حذرًا بشأن أوكرانيا
في حديثٍ لصحيفة (فزغلياد)، قال رئيس مجلس السياسات الخارجية والدفاعية، عميد كلية الاقتصاد والسياسة العالمية سيرغي كاراغانوف: “بتحقيقنا الانتصار السياسي في سورية، وبترك نظام تداول السلطة هناك، وبتحقيق كلَّ أهدافنا عمليًّا، سيكون لدينا مواقف قوية بما يكفي لبدء التفاهم. ولا سيّما أننا بحاجةٍ إلى أيِّ اتفاق؛ لأنَّ الحرب بلا نهاية، ويمكنها أنْ تجرَّنا إلى أتونها”. يؤكد المحلل السياسي أنَّه يتوجَّب على روسيا العيش “بعقلها لا بعقل الأسد”. ويتابع موضِّحًا: “إنَّ إبقاء الأسد في السلطة ليس هدفنا في سورية. هدفنا التوصل إلى سلامٍ مقبول في سورية”.
لا يستبعد كاراغانوف إمكان تقديم الولايات المتحدة تنازلاتٍ ما لروسيا مستقبلًا، بما في ذلك في المسالة الأوكرانية، فقضايا العالم شديدة التداخل. وإذا كانت هناك استثماراتٌ مشتركة، فسيكون لدى كلِّ الأطراف الرغبة بالاستغناء عنها. وبالتالي، من المفهوم أنَّ يتصرّف الأميركيون بحذرٍ أكبر في بقية المناطق، وليس بالضرورة في الموضوع الأوكراني وحده فقط”.
اسم المقالة الأصلي Соглашение о зонах безопасности в Сирии напоминает «большую сделку»
اسم الكاتب يوري زايناشوف مكان النشر صحيفة فزغلياد تاريخ النشر 03 – أيار 2017 رابط المقالة https://www.vz.ru/politics/2017/5/3/868913.html
ترجمة سمير رمان
[sociallocker] [/sociallocker]