الاعلام الكاذب!

30 يونيو، 2017

مدار اليوم
لايختلف متابعو تطورات الحدث السوري في سنواته الست الماضية على قول، ان الاعلام كان بين ابرز الأسلحة، التي استخدمها نظام الأسد في الحرب السورية، وانه سخر في هذا الجانب كل مايملكه من إمكانيات وأدوات، واستعان بحلفاء وأصدقاء، بل ان بعض خصومه السذج من افراد ومؤسسات، شاركوا في عملياته القذرة، التي نظمت في محورين، كان أولهم تخويف السوريين وتجريمهم، والثاني تبرئة النظام من جرائمه، وتجميل صورة النظام ولاسيما رئيسه لاعادة تسويقه.
وبطبيعة الحال، ماكان لنظام الأسد المضي في حربه الإعلامية دون ممارسة الكذب والتضليل الفاضحين. ومنذ بداية الثورة في آذار من العام 2011، مضى النظام في حربه الإعلامية، مطلقاً اتهاماته للمتظاهرين والمحتجين بأنهم “إرهابيين” و”أصوليين” و”مسلحين” و”عملاء” و”مندسين”، وبانهم أدوات للقوى الخارجية المعادية للشعب السوري من إسرائيل الى الولايات المتحدة الذين يديرون مؤامرة دولية ضد سوريا ونظامها “المقاوم” والممانع”. كما مضى على طريق بث الخوف والرعب في وسط السوريين، مكملاً مابثه من مقاطع الفيديو ومقابلات لحملات القمع والتعذيب، بممارسة عمليات القتل والاعتقال وتدمير البيوت والحصارات على التجمعات السكنية في مناطق التظاهر.
وسعى اعلام النظام وحلفائه الى تأكيد ان كل ما يجري من اعمال عنف وقتل وتدمير في سوريا، انما هي اعمال وفظائع، تقوم بها “عصابات مسلحة” و”جماعات إرهابية” هدفها الوصول الى السلطة، والتحكم بمصير سوريا والسوريين، ولم يقتصر هذا النهج على الممارسات الدموية اليومية، بل العمليات النوعية، كما في هجوم الكيماوي على الغوطة وغيرها، وفي الهجمات الجوية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وهو في كل الأحوال، انما كان يصور اعمال النظام بانها دفاع عن السوريين وعن الدولة السورية ومؤسساتها، وانه يسعى من خلالها الى التخلص من الأعداء وإعادة “الامن” و”السلام” الى البلاد.
ولعل الأسبوع الأخير، يقدم صورة مختصرة ونموذجية لفصل من مجريات الحرب الإعلامية، التي مارسها نظام الأسد ضد السوريين طوال السنوات الماضية، فاضافة الى السياق العام الذي يمجد ويهلل للهجمات و”الانتصارات” التي يتابعها مع حلفائه من مليشيات طائفية وقوى مسلحة إيرانية وروسية في انحاء مختلفة من البلاد على اعتبارها حرباً ضد “الإرهابيين” و”المتطرفيين، فقد ركز في واحدة من هجماته على اثنين من الفنانين المؤيدين للثورة، أولها اصالة نصري والثاني جمال سليمان، فرتب للاولى قضية مخدارت اثناء مرورها في مطار بيروت، حيث تسيطر قوى تتبع حزب الله، بقصد الإساءة لها وتشويه سمعتها، وشن حملة شائعات حول جمال سليمان الذي قيل انه أصيب بجلطة قلبية في بيروت بعد لقاءه اصالة نصري للاطمئنان عليها، فيما كانت وقائع مرض جمال سليمان في اتجاه آخر.
الوجه الآخر لمجريات الأسبوع الماضي في الحرب الإعلامية، ما قدمه اعلام النظام من أنشطة لرأس النظام بمناسبة عيد الفطر، بدءاً من مشاركته في صلاة العيد في حماة الى زياراته لبعض بيوت “المواطنين” مروراً بالحواجز الأمنية، وهو في ذلك كله، سعى لان يقدم صورة عن “حياة طبيعية” للسوريين، وان رأس النظام يتابع حياته ومسؤولياته بصورة طبيعية في بلد ظروفه طبيعية، بل انه يقدم الصورة الأفضل والابسط عن شعبية الرؤساء في دول العالم الأخرى. متناسياً، ان العالم كله يعرف الظروف القائمة في سوريا بعد أكثر من ست سنوات من حرب، يصر النظام وحلفائه على استمرارها من خلال إعاقة ورفض الحل السياسي.
في مختصر الأسبوع الأخير من حرب النظام الإعلامية على السوريين ولتحسين صورة النظام ورئيسه، لم يكن اعلام النظام واكاذيبه وحيدين في ذلك الفصل، بل اعلام حلفائه من الإيرانيين والروس والمليشيات، وانضمت له مؤسسات إعلامية واقلام مأجورة، لكن الأهم ان وسائل اعلام غير محسوبة على حلف النظام، شاركت في الحملة، كان بينها وسائل لبنانية ومصرية، إماراتية وسعودية ايضاً، يفترض انها محايدة او او هي محسوبة على اطراف معادية لنظام الأسد، لكنها اثبتت جميعها انها تنتمي الى نسق الاعلام الكاذب!

الاعلام الكاذب!

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]