نظام الأسد يستغل حصار تنظيم الدولة لدير الزور.. هكذا استفاد من معاناة السكان لتحقيق المكاسب مع حلفائه

3 يوليو، 2017

دأب نظام الأسد منذ بداية حصار تنظيم “الدولة الإسلامية” لما تبقى من مناطق خاضعة له في دير الزور في بداية عام 2015، إلى الترويج لأكاذيب وبث روايات تخدم وجهة نظر، وبالوقت ذاته تخفي العديد من الحقائق حول ما يجري على الأرض، وبدعم من إعلامه والإعلام الأجنبي والعربي المؤيد له.

ولعل من أشهر ما سعى إليه النظام، هو المبالغة في أعداد المدنيين المتواجدين داخل هذه المناطق المتمثلة في حيي الجورة والقصور، وقريتي عياش والبغيلية (خسرها لاحقاً) غرباً، والطحطوح وهرابش وقرية الجفرة شرقاً، ليروج منذ أكثر من عام على أنه بقي منهم نحو 200 ألف، بينما الواقع بحسب ما يؤكده ناشطون وسكان هو أقل من 80 ألف نسمة، إضافة إلى ترويج العديد من الأكاذيب الأخرى.

الصحفي أحمد العطرة محرر شؤون المنطقة الشرقية في قناة “الجسر” المعارضة، يرى أن “نظام الأسد وشبيحته” استغلوا حصار دير الزور، وقال في هذا الإطار لـ”السورية نت”، إن “الناظر المتمعن إلى مجريات الأمور في أحياء مدينة دير الزور المحاصرة، يعرف تماماً أن النظام كان شريكاً في حصار المدنيين وضيّق الخناق عليهم، كي يكونوا سلعة يربح من ورائها المال أولاً، والدعم العسكري ثانياً، والتعاطف من دول تحارب تنظيم الدولة ثالثاً”.

وحول الروايات الكاذبة التي حاول النظام ترويجها، أشار العطرة، إلى أن النظام عمد إلى “الكذب على العالم بأن أعداد المحاصرين أكثر من 200 ألف، وهذا الرقم كان قريباً من الصحة بداية الحصار، لكن شبيحة النظام قاموا بتهريب المدنيين عن طريق حواجز تنظيم الدولة أو عن طريق الطائرات المروحية، وذلك مقابل مبالغ خيالية لا يستطيع المدني دفعها إلا بعد أن يبيع بيته وسيارته ومقتنياته كي يخرج بأطفاله من جوع سببه النظام قبل التنظيم، وهم الآن لا يتجاوزون ثمانين ألف مدني”.

وشدد العطرة، على أن “المساعدات التي تلقيها الطائرات التابعة للأمم المتحدة باستمرار ويكذب النظام بأنه من يقوم بذلك، تكفي مئات آلاف المواطنين، إلا أنه يستولي عليها ويوزعها على عناصر وضباط الجيش والميليشيات التابعة له في هذه الأحياء، ومن ثم يقوم بتوزيع الفتات على المدنيين المحاصرين، كما يعمد إلى بيع بعض المساعدات لتجار متعاملين معه، ليعرضونها في الأسواق بأسعار باهضة”.

وتطرق العطرة، إلى “كذب النظام أيضاً في مسألة قتاله لتنظيم الدولة، ولعل المتابع للشأن الديري يعرف تماماً أن الخناق أطبق على المدنيين في حي هرابش شرق المدينة بعد قطع الطريق العسكري الواصل بينه وبين حيي الجورة والقصور غرب دير الزور، ويعرف الجميع أن التنظيم أصاب مطار دير الزور العسكري بالشلل التام رغم عدم سيطرته على أرضه”.

وتابع: “كذب النظام ويكذب على المدنيين المحاصرين أولاً وعلى العالم ثانياً، بأنه حارب ويحارب الإرهاب، ولكن المجريات تثبت أنه بعد كل انسحاب من منطقة يخلف وراءه سلاحاً وذخيرة يستولي عليها التنظيم كهدية من نظام الأسد، وكم من مظلة محملة بالذخيرة والسلاح والوقود سقطت كما يدعي النظام بالخطأ في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، لتكون منحة أخرى تساعد التنظيم وتزيد من قدرته وتسليحه”.

الناشط الحقوقي رامي العساف وهو من أبناء دير الزور، قال لـ”السورية نت”، إن وطأة الحصار على المدنيين تضاعفت نتيجة حصار خارجي يفرضة “تنظيم الدولة”، وداخلي يفرضه النظام وضباط وموظفوه وسماسرته.

وذكر العساف، أن النظام يروج للحصار بينما يقبض من المدنيين مبالغ طائلة للسماح لهم بالمغادرة، وذلك بعد أن فرض عليهم الحصول على موافقات من المحافظ المعين من قبله، ثم أصبحت الموافقة طبية من خلال المستشفى العسكري، وأخيراً تحولت إلى موافقة أمنية يتم عن طريقها اعتقال الشباب وتجنيدهم.

وأضاف أن مما عمد الإعلام إلى تجاهله، هو تحكم النظام في بيع المواد الغذائية والسلع الأساسية التي كان ينقلها جواً باستخدام طيران الشحن العسكري، حيث كانت المواد الغذائية والأدوية تباع بحوالي عشرين ضعفاً عن مثيلاتها في دمشق والحسكة.

واتفق العساف مع كلام الصحفي أحمد العطرة، بأن النظام استغل المعونات المقدمة من الأمم المتحدة التي يتم إسقاطها من الجو على تلك الأحياء، ووزع القليل منها على العائلات المحسوبة عليه، كعائلات الدفاع الوطني وقتلى النظام وجرحاه، في حين يقوم ببيع الباقي إلى المدنيين بأسعار مضاعفة، “ما يعني استفادة النظام من الحصار المفروض منذ بدايته، حيث تم تسجيل عشرات الحالات التي قامت فيها عائلات من دير الزور ببيع بيوتها أو سياراتها لضباط النظام مقابل مغادرة الأحياء المحاصرة والنجاة بحياتهم”.

وأوضح الناشط الحقوقي، أن كل التقارير الإعلامية التي صورتها وسائل إعلام النظام من الأحياء المحاصرة تتضمن رسائل بعيدة عن معاناة المدنيين المحاصرين، وتختص في دعم صمود قوات النظام والدعاء له في معارك مصطنعة مع “تنظيم الدولة”، لم تغير مواقع سيطرة كل منهما طيلة فترة الحصار إلا بشكل بسيط جداً.

وتابع: “سجلت عشرات حالات الوفاة التي تم توثيقها نتيجة الجوع والمرض في صفوف المدنيين، ولم تسجل حالة واحدة تتعلق بعناصر النظام والميليشيات الداعمة له، ما يعني أن المدنيين هم المتضرر الوحيد من الحصار، بينما المستفيد منه هو النظام وعناصره”.

إبراهيم قنبر أحد المدنيين الذين تمكنوا من الخروج من الأحياء المحاصرة، قال لـ”السورية نت”، إن النظام منذ بداية الحصار روج لكذبة أنه سينهي الحصار من تدمر، وساعده في الترويج لذلك “إعلامي المدينة الموالين له القاطنين في دمشق أو حتى خارج سوريا، وتخدير المدنيين بأخبار من قبيل تبديل رئيس اللجنة الأمنية، أو غيرها من القرارات والخطوات التي يتخذها النظام، وكأن القضية تتعلق برئيس لجنة أمنية أو ما شابه ذلك”.

وأعرب قنبر عن استغرابه من إخفاء حقيقة ما يجري داخل المناطق المحاصرة سواء من إعلام النظام أو إعلام المعارضة حول الواقع الصحي داخل هذه الأحياء، ورفض النظام إعطاء أي بيانات أو أرقام أو إحصائيات تتعلق بالأمراض المتفشية وأعداد المرضى خاصة بين الأطفال، مشدداً على أن “هذا الأمر لوحده يؤكد أن الإعلام يركز فقط على ما يريد النظام ترويجه”.

يذكر بأن “تنظيم الدولة” يسيطر على أغلب مناطق محافظة دير الزور منذ منتصف يونيو/ حزيران 2014، بينما تقتصر سيطرة قوات النظام على عدد من أحياء المدينة ومطار حربي في شرقه ولواء عسكري جنوبه، ويحاصرها التنظيم منذ أكثر من عامين ونصف العام، ويعاني سكانها من أوضاع معيشية صعبة.

وفي حملة عسكرية كبيرة بداية العام الجاري، تمكن “تنظيم الدولة” من عزل المناطق الخاضعة للنظام في غرب وجنوب المدينة (اللواء 137، أحياء الجورة، القصور، مساكن عياش)، عن المطار العسكري وحي هرابش في شرقها.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]