اتفاقات خفض التصعيد بوابة لنفوذ روسي دائم في سورية
30 أغسطس، 2017
منار عبد الرزاق
يشكك مراقبون بجدوى مفاوضات أستانا التي أعلن عن تأجيلها إلى منتصف أيلول/ سبتمبر المقبل، في ظل الاتفاقات المنفردة التي توقعها روسيا مع فصائل المعارضة، في ما بات يُعرف بـ “اتفاقات خفض التصعيد”.
رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم مصطفى سيجري قال لـ (جيرون): إن اتفاق “خفض التصعيد هو ابتزاز سياسي، تمارسه روسيا على تركيا”، مبينًا ما ذهب إليه بأن “الجانب الروسي يريد خلط الأوراق، من خلال الاتفاقات الجانبية”، ورأى أن “أستانا هو مؤتمر تفاوضي، بين الروس والأتراك، للاتفاق على تبادل النفوذ في الشّمال السوري”.
يرى سيجري أن “تعثر أستانا، في جولاته الخمس الماضية، هو لابتزاز الجانب التركي من أجل تقديم تنازلات”، دون أن يوضح طبيعة التنازلات التي تسعى إليها روسيا من الجانب التركي. وتوقع أن “يكون الهدف من المؤتمر القادم في أستانا الاتفاقَ على إدلب بين الأتراك والروس، إثر الاتفاق بين روسيا وأميركا في الجنوب والشرق، والتفرّد الروسي في الوسط”.
يرى الصحافي السوري المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد أن مفاوضات أستانا هي “محاولة روسية لنقل الملفات الحساسة دوليًا، من عواصم الدبلوماسية في فيينا وجنيف ولوزان وغيرها، وإعلان الفضاء السوفيتي السابق منطقة دبلوماسية عالمية أيضًا بشكل عام، وهو أيضًا محاولة لنقل الملف السوري أو بعض جوانبه، إلى عواصم حلفاء موسكو”.
عدّ عبد الواحد، خلال حديثه لـ (جيرون)، أن أستانا “جاءت بعد فشل جهود في إطار المجموعة الدولية، لدعم سورية، في تحقيق أي تحوّل في الشأن السوري، وتراجع الأميركي عن الانخراط في جهود التسوية السورية”.
وقال: إن “الظروف الدولية السابقة دفعت الروس إلى البحث عن اتفاق مع الدول الفاعلة ميدانيًا، فروسيا بحاجة إلى خلق فرق، تؤكد من خلاله على نجاح حملتها في سورية، وصولًا إلى إنهاء الأزمة، بما يضمن عدم تورطها في نزاع متشعب معقد إلى ما لا نهاية، خصوصًا أنها غير قادرة على التورط في نزاعات طويلة، نتيجة عدم امتلاكها القدرات المالية ولا العسكرية لذلك”.
أضاف عبد الواحد أنه مع “توفر الظروف لتوافقات (تركية، روسية، إيرانية) واستعداد تركيا للعب دور في إقناع المعارضة بمفاوضات مع الروس -الذي تمخّض عنه اتفاق 29 كانون الثاني/ ديسمبر 2016، لوقف إطلاق النار- عاد الروس لسحب الملفات نحو أستانا، واقترح بوتين مفاوضات برعاية الدول الضامنة لبحث آليات تنفيذ الاتفاق؛ الأمر الذي أتاح لروسيا تدوين اسم أستانا على قائمة عواصم الدبلوماسية العالمية”.
يرى عبد الواحد أن روسيا لجأت إلى توقيع اتفاقات خارج إطار أستانا؛ بسبب “فشل وقف إطلاق النار وانتهاكات النظام، وغياب آليات العقاب؛ لعدم رغبة الروس في لجمه”، مشيرًا إلى أن “قرار موسكو تجزئة الأمر، من خلال مناطق خفض التصعيد، هو لجذب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا سيما أن تصريحات المسؤولين الروس أشارت إلى أن الفكرة مستوحاة من تصريحات الرئيس الأميركي، حول وجود مناطق آمنة في سورية”، وعقّب أن “بقاء واشنطن في موقع المراقب سمحَ للروس بتحقيق فارق على الأرض، من خلال التجزئة”.
الاتفاقات الثنائية -كما يعتقد عبد الواحد- “سمحت لموسكو بتلبية مصالح الأطراف الدولية، والإقليمية؛ حيث إن اتفاق المنطقة الجنوبية الغربية فيه مصلحة أمنية لـ (إسرائيل) والأردن، حلفاء واشنطن، واتفاق الغوطة تعبير روسي عن الاحترام لبعض دول الخليج التي تدعم المعارضة؛ لعدم إحراجها، وضمان بقائها شريكًا مستقبليًا في الملف السوري”. وأشار إلى أن “روسيا تريد، من خلال اتفاقيتي الغوطة وحمص، أن تثبت صورتها كوسيط وضامن، عند السوريين والرأي العام العالمي”.
[sociallocker] [/sociallocker]