الدمار الكبير في البنى التحتية والوضع الأمني يعوقان عودة أهالي مدينة الباب

2 سبتمبر، 2017

جيرون

شكلت إجازة عيد الأضحى المبارك التي سمحت بموجبها السلطات التركية للاجئين السوريين، بقضاء عطلة العيد في منطقة (درع الفرات)، فرصةً للعديد من السوريين للعودة إلى مدنهم وقراهم، بعدما خصصت السلطات التركية “معبر باب السلامة” لدخول السوريين الراغبين في قضاء إجازة العيد، والعودة مجددًا إلى تركيا، بعد انقضاء الإجازة، لمن يرغب بالعودة.

خلال إجازة العيد الحالي، والعيد الماضي قبل نحو شهرين، عاد قسم كبير من أهالي منطقة (درع الفرات) إلى قراهم وبلداتهم لقضاء إجازة العيد، لكن القسم الأكبر منهم عاد -أو ينوي العودة- إلى تركيا بعد انتهاء الإجازة، وعلى الأخص أهالي مدينة الباب (كبرى مدن درع الفرات)، من دون التفكير في الاستقرار في مدينتهم التي ستحتفل بعد أيام بالذكرى السنوية الأولى لتحريرها من سيطرة تنظيم (داعش)، يحصل هذا بالرغم من كل الجهود المبذولة من قبل المجلس المحلي للمدينة، والحكومة التركية من أجل إعادة إعمار مدينة الباب والبلدات المحيطة بها، والتي تضررت إلى حد كبير، في الاشتباكات مع عناصر التنظيم.

عن أسباب عزوف أغلب أهالي مدينة الباب والبلدات المحيطة بها عن العودة إلى ديارهم، أفاد أحد أعضاء المجلس المحلي في مدينة الباب -رفض الكشف عن اسمه- لـ (جيرون): أن “حجم الدمار الكبير الذي شهدته مدينة الباب، على مستوى البنى التحتية والخدمات الأساسية، والذي يحتاج إلى إمكانات دولة من أجل النهوض بواقع المدينة، شكّل عائقًا كبيرًا أمام عودة الأهالي إلى المدينة، بالإضافة إلى مشكلة الماء والكهرباء التي لم تحل حتى الآن، وعلى الرغم من كل محاولات المجلس المحلي، والمساعدات التي تلقاها من الحكومة التركية، إلا أن حجم المعوقات والصعوبات حالَ دون إيجاد حلّ جذري لهذه المشكلات”.

أضاف عضو المجلس المحلي أن “الانفلات الأمني الذي شهدته المدينة بعد تحريرها، بسبب العقلية الفصائلية من قبل معظم فصائل الجيش الحر، وقيام بعض العناصر بعمليات سلب ونهب وخطف مدنيين، كان له أثر بليغ في عدم عودة الحياة إلى المدينة، حيث يرفض الكثير من أصحاب رؤوس الأموال العودةَ إلى المدينة والمساهمة في إعادة إعمار المدينة التي كانت تعدّ من أهم المراكز الاقتصادية والتجارية في ريف حلب”.

في السياق ذاته، تحدث حسين الأحمد، رئيس المكتب الخدمي لمدينة قباسين التابعة لمدينة الباب، عن الواقع الذي تعيشه الباب والبلدات المحيطة بها، وعن حجم الدمار الكبير الذي لحق بها. وقال الأحمد لـ (جيرون): “إن الأنقاض التي تم ترحيلها من مدينة الباب، من قبل الآليات التركية كبيرة جدًا، لكن حل مشكلة الأنقاض يحتاج إلى إمكانات دول، فحجم الدمار في مدينة الباب وصل إلى 60 بالمئة، وهو ما أخر كثيرًا عمليات إعادة الإعمار، والكلام نفسه ينطبق على مدن قباسين، وبزاعة التابعة لمدينة الباب”.

أضاف الأحمد: “أمام هذا الواقع الصعب، بالإضافة إلى عدم توفر المياه بسبب قطعها من قبل النظام بعد سيطرته على محطة المياه في الخفسة، وقطع التيار الكهربائي من قبل قوات النظام وميليشيات (قوات سورية الديمقراطية) بعد السيطرة على المحطة الحرارية وسد تشرين؛ أصبح الوضع الخدمي في المنطقة بالغ الصعوبة، كما شكل سوء الوضع الأمني عاملًا إضافيًا، لعدم رغبة المواطنين في الاستقرار، وقرارهم بالعودة إلى تركيا بعد انتهاء عطلة العيد”.

من جانب آخر، يرى الصحفي سعيد غزول أن الجهود التي تبذلها الحكومة التركية، لإعادة إعمار مدينة الباب، كبيرة جدًا، وعلى المستويات كافة، ولكنها تأخرت قليلًا نوعًا ما، بعكس ما جرى في منطقة جرابلس الحدودية، أولى المدن التي تم استعادتها من “تنظيم الدولة”، عقب انطلاق عملية (درع الفرات) بساعات، حيث بدأ العمل فيها خلال أيام مع استمرار المعارك جنوبها.

قال غزول لـ (جيرون): “يعود التأخير ببذل الجهود لإعادة الإعمار في الباب إلى أسباب كثيرة، منها ما يتعلق بنسبة الدمار الكبير الذي تعرضت له المدينة، حيت تجاوز الدمار الكلي 40 بالمئة، بالإضافة إلى الدمار الجزئي، مع دمار شبه كامل للبنية التحتية، وخاصة شبكات المياه والكهرباء، إضافة إلى خلافات الفصائل داخل المدينة التي لم تنتهِ إلا مؤخرًا، فضلًا عن العدد الكبير للنازحين في المدينة ومن المناطق كافة، قبل طرد التنظيم، وزيادتهم بعده، كان الأمر يحتاج إلى وضع خطط، تأخذ في أولوياتها كل هذه الاعتبارات، للبدء بأي عمل، ولكن الآن بدأت عجلة إعادة الإعمار تدور في المدينة وبتسارع أيضًا، لتحقيق إنجازات كبيرة في أسرع وقت ممكن، يعيد الحياة إلى المدينة فعلًا”.

يذكر أن موقع (مونيتور) الأميركي سلط الضوء في تقرير له، يوم الثلاثاء الماضي، على الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة التركية لإعادة إعمار مدينة الباب، وذلك من خلال الدعم الذي تقدمه الحكومة التركية للمجلس المحلي في المدينة، من خلال دفع رواتب موظفيه، وتقديم المعدات الثقيلة والشاحنات، بالإضافة إلى المصاريف التشغيلية التي مكنته من نقل أنقاض المباني المدمرة، وفتح الطرق المغلقة بأكوام الركام.  (ف، م)

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]