زفاف اللجوء.. والليلة الأولى في خيمة على جزيرة يونانية
17 أكتوبر، 2015
خاص – ميكروسيريا
للتو حدثتنا الأم عن ابنتها التي زفتها إلى عريسها منذ أيام، وأوضحت أنه كان زفافاً فريداً من نوعه، فالظروف التي يعيشها السوريون بشكل عام لا تمت للاستقرار بصلة، إلا أن الحالة التي شرحتها لنا والدة “نائبة” تختلف كلياً عن كل زفاف حدث في السنوات الماضية التي مرت منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية.
تقول الأم بغصة: “رغم أنها ابنتي الكبرى إلا أنها صغيرة لم تتجاوز السن القانوني، لكن القدر شاء أن تقضي اليوم الأول الذي تخرج فيه من بيت والدها في خيمة على جزيرة يونانية، بعد أن قدمها لها بعض المتطوعين لمساعدة اللاجئين مع قليل من الطعام والماء”.
نائبة فتاة من ريف حلب التقت صدفة بــ “نصيبها” كما يقولون، إذ أنها تعرفت على “عباس” ابن ريف ادلب في مدينة أنطاكيا التركية، ليتطور الإعجاب إلى حب بشكل سريع كما تخفق القلوب المراهقة كالعادة بسرعة، طلب الشاب يدها من والدها ووافقت الأسرة على الخطيب نزولاً عند رغبة الفتاة “الطفلة” إذ حدث ذلك عندما كانت “نائبة” في سن السادسة عشر فقط.
وكمعظم الشبان السوريين الذين تضيق سبل الحياة في تركيا قرر الشاب الهجرة ليغادر بعد خطوبته بأسابيع قليلة إلى “السويد” حيث حصل على الإقامة بعد شهور طويلة، لكن الخطأ الذي ارتكبه الشاب أنه كان صادقاً في الإجابة عن الأسئلة التي وجهت له أثناء المقابلة التي حصل بموجبها على طلب اللجوء، إذ أنه أخبر السلطات السويدية أنه غير متزوج، إلا أنه “خاطب” ولم يدرك أن موضوع الخطبة بالنسبة إليهم ليس أمراً رسمياً معترفاً به.
وعندما همّ بإجراء معاملة لم الشمل عرف أنه لا يحق له أن يستقدم خطيبته كونه غير متزوج، وبعد محاولات يائسة بدأ الشاب بالبحث عن حلول اخرى بديلة، ليصل إلى ضرورة أن تسافر العروس “نائبة” بشكل غير شرعي من تركيا إلى السويد.
تشرح لنا الأم وتقول: “وصل عباس منذ أسابيع إلى أنطاكيا، بعد أن أمّن المبلغ المطلوب لــ “تهريب” ابنتي إلى السويد، وقمنا بإبرام عقد الزواج وودعنا العريس والعروس في أجواء لا تخلو من الحزن وعدم الرضا، ولكن ما باليد حيلة، حيث أبلغنا عباس أنه سينتظر زوجته (الخطيبة) في اليونان، بعد أن تبحر في البلم من أزمير، ومن ثم سيرافقها خلال الرحلة البرية إلى ألمانيا عبر دول البلقان”.
وتضيف: “وصلت ابنتي مع مجموعة من اللاجئين إلى إحدى الجزر اليونانية، إلا أن وصولها للكامب اليوناني في هذه الليلة كان صعباً لعدم توفر المواصلات ما اضطرها للنوم في الشارع في اول ليلة تقضيها خارج منزلنا في انطاكيا، وأخبرتنا منذ قليل أن بعض المتطوعين اليونانين قدموا لها خيمة لتنام فيها وبعض الطعام والشراب لتمضي هذه الليلة”.
بمرارة تقول: “مازال العالم يصمت على الجرائم التي يرتكبها النظام في مختلف الأراضي السورية معارضة أو تابعة له، وزفاف اللجوء هذا لن يكون الحالة الفريدة الأولى أو الأخيرة، إذ يبدو أن المأساة مستمرة دون نهاية”.