مي سكاف.. عن مسرح (تياترو) وبذاءة النظام مع سِلمية الفنانين والمثقفين
31 أكتوبر، 2017
وصفت الفنانة مي سكاف النظامَ السوري بأنه “نظامٌ عنصري”، وقالت إن عماده “الفساد ومبدأ (فرّق تسد)”، وأنه “لم يتوانَ يومًا عن العمل الحثيث لضرب الروابط الاجتماعية، بين المواطن السوري والآخر، في وقتٍ كان يعيش فيه السوريون في وهمٍ كبير، هو وَهْم الممانعة”، إلا أن الحقيقة برأيها “أن النظام ارتبط ارتباطًا عضويًا مستتراً بالكيان الصهيوني. وادّعى العلمانية بينما هو في الحقيقة نظامٌ طائفي بامتياز”.
وقالت سكاف في حديث لـ (جيرون) أنها بدأت قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، عندما أسست معهد ومسرح (تياترو) لفنون الأداء، انطلاقًا من إيمانها بالحراك السلمي، وليكون منبرًا فنيًا حرًا مستقلًا، مشيرةً إلى أن إنجاز المشروع “كان شاقًا، واصطدم بعوائق كثيرة، لا سيما أن السلطات الأمنية والوزارات المتنفذة كانت تُهيمن على المنابر الفنية في سورية”.
وأضافت: “مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية؛ كانت نهاية (تياترو)، فبعد توقيعنا -كفنانين وإعلاميين ومثقفين- على بيان فك الحصار عن درعا، وإيضاح موقفنا مما يحصل؛ قوبلنا بالرد التشبيحي البذيء والاعتقال عدة أيام، وكان هذا هو الوجه الأسود الخفيف لنظام الأسد. اعتقدنا في تلك المرحلة أننا نقوم بعمل سلمي، ولسنا عصابات مسلحة، كما ادعى”، موضحةً أن “النظام هو من أجبر الأهالي على حمل السلاح، حيث كان يرمي السلاح أمامهم، وهم يرفضون حمله، ويصرّون على التظاهر السلمي، لكن بعد زيادة جرائمه والقتل الممنهج الذي طبقه؛ أجبر المدنيين على حمل السلاح، للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم”.
واستشهدت الممثلة السورية بما قاله الكاتب الفلسطيني سلامة كيلة، بعد خروجه من معتقلات النظام إبان الثورة بعد 9 سنوات من الاعتقال: “من أراد أن يُقاوم الكيان الصهيوني؛ فليقاوم نظام الأسد”، مؤكدةً أن “جوهر النظامَين واحد، وأوضحت في هذا الخصوص: “حاول النظام إقناعَ العالم بإرهاب الإسلام والإسلام السياسي، إلا أن الثورة السورية نظيفةٌ من كل ادعاءاته”.
أشارت في حديثها كذلك إلى الحتمية التاريخية التي فرضتها الثورة باستمراريتها، ووعي الشارع السوري بمطالبه، وقالت في هذا الجانب: “لو ذهب بشار الأسد إلى درعا في بداية الثورة، وعاقب عاطف نجيب وشبيحته على ما اقترفوه من جرائم، واعتذر من الأهالي؛ لربما كنا قد وقعنا في الخطأ نفسه الذي وقعنا فيه في الثمانينيات”، مشيرةً بذلك إلى “موقف حافظ الأسد بعد مجازر حماة وحادثة نزع حجابات الرأس للسيدات في دمشق، حيث مدّ شقيقَه رفعت –وهو أحد المسؤولين عن تلك الجرائم- بالمال وأخرجه من سورية، واعتذر من الأهالي”.
عن الضغوطات التي تعرضَتْ لها بسبب موقفها المناصر للثورة، أوضحت: “هددني النظام بالقتل إن لم أخرج، واضطررت إلى السفر عنوةً، أتمنى لو أنني استشهدت في سورية، ولم أخرج من بلدي. الأهم أن عائلتي كانت داعمة لي في موقفي، وعلى الرغم من أنني خسرت الكثير من الأصدقاء، لكنني كسبت أصدقاء جددًا عوضوني عما فقدته”.
تطرّقت سكاف إلى “المؤتمر الذي عُقد بعد توقيع (بيان الحليب) في بداية الثورة السورية، والذي حرّض فيه النظام شبيحتَه”، كما وصفتهم، “مثل الفنان السوري نجدت أنزور وغيره، لإقامة مؤتمر حواري، كان هدفه الرئيس إخماد أصوات الفنانين، حيث إن أجهزة المخابرات حضرت المؤتمر، وقامت في نهايته بنزع أشرطة الكاميرات من المصورين والصحفيين”، كاشفةً “أن العديد من الفنانين الموالين لنظام الأسد والمثقفين أظهروا موقفهم المؤيد للنظام، واصطفوا منذ البداية إلى جانبه، منهم من أظهر هذا الولاء بدفعه المال للنظام السوري، ومنهم من حمَل السلاح وقاتل ضد الثائرين مثل أحمد رافع الذي قُتل ابنه، وزهير عبد الكريم الذي خرج من سورية، بعد تعرّض حياته للتهديد”.
في السياق ذاته، كشفت عن لقائها مؤخرًا بالفنان سلوم حداد، في عمل الفنان حاتم علي الأخير، لافتهً إلى أنها لم تبادره بالسلام، إنما هو من بادرها به، وعلى الرغم من الحوار الذي دار بينهما إلا أن خطابه كان وفق وصفها “ضعيفًا”، كذلك الحال بالنسبة إلى لقائها بالفنانة رجاء مخلوف الذي جرى في المكان ذاته، مشيرة إلى أن بينها وبين حداد “تاريخًا كبيرًا من الأعمال الدرامية، بداية من (العبابيد) ومرورًا بالعديد من الأعمال الأخرى”، وقالت “شاركته في عمل درامي، ولا أمانع من مشاركته أعمالًا فنية أخرى في المستقبل”، مشبهةً ذلك “بالعدالة الانتقالية المُطالب بها في المستقبل”، وقالت: “الخلاف العميق مع حداد وغيره سيبقى، في وقتٍ يجب فيه على الفنان أن يقف وقفة ضميرية مع الشعب، لأن صوته بألف صوت”.
عن موقفها من المخرج حاتم علي، رأت أن “موقف علي مغاير لموقف حداد، فله ولزوجته العديد من المواقف المناصرة والمساعدة للشعب المظلوم وللثورة، بالرغم من أنه لم يعلن موقفه”. وأردفت: “كما دفعنا ثمنًا بتوقفنا عن العمل سنواتٍ، بسبب موقفنا المناصر للثورة، سيدفع الفنانون الآخرون ثمنًا لموقفهم المناصر للأسد، وسيكونون مرفوضين من الناس، ليس هؤلاء الذين يقفون على قاسيون، بل الذين طالبوا بحريتهم وتشردوا وقدموا الشهداء والمعتقلين، فالفنان رسالة وتاريخ، يجب عليه مناصرة شعبه، وألا يكون مهرّج سلطان، إما أن يتمنى الناس له الرحمة، أو أن يقولوا: لا رحمَه الله، فقد شارك في سفك دم شعبه، والأخيرة تنطبق على دريد لحام الذي لم يكن إلا طائفيًا وتاجِر فن”.
نبّهت سكاف إلى أنه “لا يوجد مموّل أو فنان أو حتى قنوات واعية لأهمية الأعمال الفنية الثورية”، مجيبةً بتأسف، على سؤالٍ حول إمكانية مشاركتها في أعمال فنية حالية أو مستقبلية مع فنانين اتخذوا موقفًا مواليًا للنظام، بأنها لن تعمل “مع فنانين شاركوا في القتل أو كان لهم يدٌ فيه، مثل نجدت أنزور”، خاتمة حديثها بأنها، عندما تستطيع “سأرفع دعاوى عليه وعلى فنانين آخرين، شاركوا في التشبيح مثل أحمد رافع، زهير رمضان، وسلاف فواخرجي”.
يُذكر أن سكاف تعرضت، قبل الثورة، لحادث (ضربة على رأسها)، اضطُّرت في إثره إلى البقاء مدة شهرين، في قسم العناية المركزة في (مستشفى الأسد) في العاصمة دمشق، ثم مكثت بضعة أشهر تحت رعاية أهلها وأصدقائها في منزلها؛ “الأمر الذي استدعى تبجح شبيحة الأسد ومناصريه بادعائهم علاجها، واستغلال هذا الحدث كنقطة ضدها، بعد موقفها المناصر للثورة السورية”، على حد تعبيرها.
عمار خصاونة
[sociallocker]
جيرون