لطفي الحفار
7 ديسمبر، 2017
لطفي بن حسن بن محمود الحفار، سياسي واقتصادي سوري، ولد في حي الشاغور الدمشقي، عام 1885 (بعض المصادر أشارت إلى أنه ولد عام 1891) لأسرة ميسورة تعمل بالتجارة، دفعته إلى التعليم مبكرًا، فدرس بعض علوم الدين والتاريخ والأدب والاقتصاد، على يد عدد من أساتذة دمشق ومشايخها.
كتب عدة مقالات اجتماعية وفكرية، في صحيفتي (العرب) و(لسان الحال)، حض فيها الناس على تعليم أبنائهم، ونبذ التعصب الاجتماعي والجمود الفكري، وغير ذلك، كما أسس عام 1906، مع بعض الشخصيات السورية، جمعية (النهضة العربية) السرية، التي تدعو للاستقلال عن السلطة العثمانية.
دعا الحفار مبكرًا إلى نهضة قطاع الصناعة والتجارة الوطنية، وقدم رؤيته لتأسيس (الشركات المساهمة) عام 1908، ودعم نشوء مؤسسات صناعية وزراعية وتجارية، ومنها شركتا الإسمنت والإنشاءات، كما أسس سوقًا للأوراق المالية، وكانت البدايات المهمة لتطور الصناعة الحرفية إلى نموذج حديث -حينذاك- وفق “النموذج الأوروبي” الذي أنشأ النهضة الأوروبية بمساعدة (البرجوازية الوطنية).
شارك عام 1921 في (المنتدى التجاري)، وشغل عضوية إحدى اللجان المنبثقة عنه، كما أصبح عام 1922 عضوًا في (غرفة تجارة دمشق)، وانتخب نائبًا لرئيسها، وعمل ضمن فريق تحرير نشرة اقتصادية شهرية أصدرتها -حينئذ- الغرفة، واعتبرت أول مطبوعة تختص بالاقتصاد، في سورية.
قدم عدة دراسات اقتصادية وجمركية عن القضايا التي تخص سورية ولبنان وفلسطين، وترأس عدة مؤتمرات اقتصادية، وشجع الاقتصاد الوطني بجرأة، وساعدته مكانته في أوساط التجار، في أن يكون لسان حال السياسيين بينهم، وهذا ما ساعد على تقديم الدعم المالي والمساعدات لـ (الكتلة الوطنية) التي ساهم في تأسيسها مع عدة سياسيين، عام 1928.
استطاع الحفار عام 1924، بمساعدة غرفة تجارة دمشق وفارس الخوري، الحصول من (المفوض السامي الفرنسي) في بيروت، على امتياز مشروع جر مياه الشرب من نبع (عين الفيجة) إلى العاصمة دمشق، ووُصف بأنه “أهم منجزات الحفار”، حيث انطلق المشروع لاحقًا، وأدخل المياه النقية إلى بيوت العاصمة عام 1932، وشغل منصب (المراقب العام) في (مؤسسة الفيجة)، منذ تأسيسها حتى عام 1958.
يعد الحفار أحد مؤسسي (حزب الشعب) عام 1924، كما تولى وزارة (الأشغال العامة والتجارة)، عام 1926 في حكومة أحمد نامي، لكنه استقال بعد نحو 40 يومًا، بسبب خلافات مع سلطة الانتداب الفرنسي، التي نفته إلى منطقة الحسكة شمال سورية، ثم إلى منطقة (أميون) في لبنان، وأفرج عنه عام 1928، وأصبح -في العام نفسه- عضوًا في (الجمعية التأسيسية)، وهي أول برلمان سوري، عمل على وضع دستور للبلاد، وهذا ما أغضب سلطة الاحتلال الفرنسي التي عطّلت عمل الجمعية عام 1929.
انتُخب في 1932 إلى البرلمان السوري عن دمشق، وأعيد انتخابه في 1936 و1945، كما استلم (وزارة المالية) عام 1938، وفي 1939 كُلف برئاسة الحكومة، اتهمه الفرنسيون، مع جميل مردم بيك وسعد الله الجابري، بالتآمر في اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر عام 1940، فغادروا إلى العراق إلى أن ظهرت براءتهم عام 1944.
في 1946 انتخب من قبل (مجلس الجامعة العربية) الذي عقد في بلودان، كرئيس للجنة التي كلفت بدراسة أوضاع فلسطين، كما أصبح نائبًا لرئيس الوزراء في حكومة جميل مردم بيك، وترأس وفد سورية إلى اجتماع الجامعة العربية في القاهرة عام 1948. وقف ضد أول انقلاب عسكري بقيادة حسني الزعيم عام 1949، فتم وضعه تحت الإقامة الجبرية.
شارك في 1946 بتأسيس (الحزب الوطني السوري)، وانتخب نائبًا لرئيس الحزب، ثم رئيسًا له، أصبح (وزيرًا للداخلية)، في عهد الرئيس شكري القوتلي، في حكومة سعد الله الجابري، واستمر في حكومة فارس الخوري. عمل على تأسيس نظام جمركي سوري، ونظام ضرائب يراعي أوضاع الفقراء، وإصدار العملة على أساس الذهب.
ترشح لرئاسة الجمهوري في انتخابات 1955، لكنه انسحب لصالح شكري القوتلي، بعد انفصال الوحدة السورية المصرية بأشهر، قاد عبد الكريم النحلاوي عام 1962 انقلابًا عسكريًا، واعتقل رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة والبرلمان وعدد من السؤولين من بينهم الحفار، وأودعوا سجن المزة لنحو 15 يومًا.
بعد تلك المرحلة، آثر البقاء في بيته، وجمع خطبه ومحاضراته في مؤلف من جزأين، بعنوان: (ذكريات لطفي الحفار)، وأطلق (ندوة ثقافية) في بيته، شارك فيها عدد من الكتاب والمثقفين، بدأت لقاءاتها كل أربعاء، لكنها أخذت بالتراجع وتباعدت لقاءاتها، مع تبدل الزمن ورحيل البعض عن الحياة.
رحل الحفار عن الحياة في شباط/ فبراير 1968، وودعته دمشق إلى مثواه الأخير في مدافن العائلة بجبل قاسيون، عن 82 عامًا، أمضى جلها في العمل بالشأن العام، كأحد الرجال الذين ساهموا بتأسيس الدولة السورية.
حافظ قرقوط
[sociallocker]
جيرون