العنف في سورية قلب حياة الأطفال رأسًا على عقب

30 ديسمبر، 2017

ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في تقريرها الأخير، أن الأطفال في مناطق الصراع، في جميع أنحاء العالم، يتعرّضون للهجمات على نطاق صادم على مدار العام، مع تجاهل أطراف الصراع بشكل صارخ للقوانين الدولية الرامية إلى حماية أكثر الفئات ضعفًا.

أعرب مانويل فونتين، مدير برامج الطوارئ في المنظمة، عن “حزنه لتعرّض الأطفال للهجوم والعنف الوحشي في منازلهم ومدارسهم وملاعبهم”، محذّرًا من أن تصبح هذه الوحشية هي (طبيعة الصراع الجديدة).

تعرّض أطفال سورية، منذ بداية الحرب حتى الآن، لعددٍ لا يُحصى من الانتهاكات الوحشية، حيث أشارت (يونيسف) إلى استخدام الأطفال كدروعٍ بشرية في المعارك الدائرة بين الأطراف المتنازعة، إضافة إلى تعرّضهم للحصار والجوع ونقص التغذية، فضلًا عن استهدافهم من قبل قناصة النظام والأسلحة المتفجرة في المدارس والمستشفيات.

بحسب أحدث إحصائية لـ (الشبكة السورية لحقوق الإنسان)، فإنه “يوجد 26.446 طفلًا سوريًا قُتلوا، خلال السنوات الست الماضية، وكان لقوات النظام النصيب الأكبر من هذا العدد”.

يتعرّض أطفال الغوطة الشرقية في الأشهر الأخيرة، منذ أن أطبق النظام كل المنافذ إليها، لعددٍ كبير من الانتهاكات، تبدأ بالقتل نتيجة القصف (توفي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة 15 طفلًا بفعل القصف والحصار)، مرورًا بإصابة عددٍ كبير من الأطفال بإعاقات جسدية دائمة، كحالة الطفل (كريم) الذي تعرّض لكسر في الجمجمة وفقد عينه في إثر قصف قوات النظام، وهو الآن بحاجة إلى عناية طبية خاصة لا تتوافر في مشافي الغوطة، لأنه معرّضٌ لفقدان بصره بشكل كلي، وليس نهايةً بسوء التغذية الحاد الذي يصيب معظم أطفال الغوطة، بفعل شحّ الموارد الغذائية، حيث أكد عدد من الناشطين في المنطقة تكرار حالات الإغماء عند عدد كبير من الأطفال، بسبب تناولهم وجبة واحدة فقط خلال اليوم.

القصف والحصار والجوع هي ليست الأشياء الوحيدة التي عانى ويعاني منها أطفال سورية، فقد أُجبر كثير منهم، في مناطق عدة، على حمل السلاح، وتستمر ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل أطراف النزاع المختلفة، وشدّدت (يونيسف) على أن “بعض هؤلاء الأطفال يقاتلون في الخطوط الأمامية، وبعضهم شارك في عمليات إعدام ميدانية وأعمال انتحارية بواسطة أحزمة ناسفة، أو عملوا كحراس في السجون”.

وبحسب تقرير لـ (يونيسف) أيضًا، نُشر في آذار/ مارس 2017 بعنوان (في الحضيض – معاناة الأطفال في سورية الأسوأ على الإطلاق) فقد “جُنّد أكثر من 850 طفلًا، لكي يحاربوا في النزاع الدائر”، وأكدت المنظمة أن هذه النسبة مرتفعة مقارنةً بالأعوام السابقة، وأضافت: “إن معاناة الأطفال في سورية لم يسبق لها مثيل، حيث يتعرّض الملايين من الأطفال لهجمات بشكل يومي؛ ما قلب حياتهم رأسًا على عقب، إضافة إلى العواقب المروعة على صحتهم ورفاههم ومستقبلهم”.

قال المختص النفسي نضال سعيد لـ (جيرون): “لقد دفع الأطفال فاتورة كبيرة للحرب في سورية، فالأطفال هم الحلقة الأضعف في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة. إضافة إلى الضرر الجسدي، تكبّد الأطفال أضرارًا نفسية كبيرة، تتمثل بارتفاع مستويات العنف والتوتر نتيجة معايشتهم لأهوال القصف”.

وأضاف: “للأسف استطاعت الحرب أن تنتج جيلًا ضائعًا من الأطفال، بسبب الصدمات التي تعرضوا لها، وستكون إعادة تأهيل الأطفال نفسيًا عملية دقيقة، تستلزم وقتًا وجهدًا كبيرين، ودعمًا من كافة الجهات والمنظمات الإنسانية المعنية”.

دعا مدير برامج الطوارئ في (يونيسف)، جميعَ أطراف النزاع إلى “التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وأن تُنهي فورًا الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال، وأن تكفّ عن استهداف الهياكل الأساسية المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات”، كما دعا أيضًا “الدول ذات النفوذ على أطراف النزاع، إلى استخدام هذا التأثير لحماية الأطفال”.

نسرين أنابلي
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون