‘نيو يورك تايمز: القوات الأميركية ستبقى في سورية لما بعد “داعش”، كما يقول تيلرسون’

20 يناير، 2018

حيّ مُدّمر في معركة ضد (داعش) في شمال مدينة الرقة هذا الشهر. ديليل سليمان/ وكالة الصحافة الفرنسية- صور جيتي

ستبقى القوات الأميركية في سورية طويلًا، بعد معركتها ضد (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش)، لضمان ألا تسيطر إيران، ولا بشار الأسد على المناطق التي تمَّ تحريرها مؤخرًا بمساعدةٍ من الولايات المتحدة، كما قال ريكس تيلرسون، يوم الأربعاء 17 كانون الثاني/ يناير.

إنَّ البقاء في سورية، كما قال السيد تيلرسون، سيساعد في ضمان ألا تكرر إدارة ترامب ما وصفها بأخطاء الرئيس السابق باراك أوباما، التي سحبت قواتها من العراق، قبل إخماد تهديد المتطرفين، وفشلت في تحقيق الاستقرار في ليبيا، بعد الضربات الجوية للناتو التي أدت إلى إطاحة العقيد معمر القذافي.

قال السيد تيلرسون، خلال كلمةٍ في مؤسسة (هوفر)، بالقرب من جامعة ستانفورد، قرب سان فرانسيسكو: “لا يمكننا السماح للتاريخ بتكرار نفسه في سورية، (داعش) على وشك الهزيمة، وبالحفاظ على وجودٍ عسكريّ أميركي في سورية؛ ستتحقق الهزيمة التامة والكاملة لـ (داعش)، وهذا ما سيكون قريبًا”.

كان هناك ما يقرب من 2000 جنديّ أميركي في سورية، الشهر الماضي، وهم مزيجٌ من الوحدات الهندسية التي تقوم ببناء التحصينات، ووحدات المهام الخاصة التي تقاتل، وتدرّب الميليشيات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، المقاولون العسكريون الأميركيون في سورية الذين يساعدون في إزالة الألغام من المناطق التي أُعيد الاستيلاء عليها بعد طرد (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش).

كانت تعليقات تيلرسون التي تعهّد فيها مسؤولٌ من إدارة ترامب بوضوح، وللمرة الأولى، بإبقاء قواتٍ أميركية في سورية بعد انتهاء المعركة الحالية. هذه التعليقات التي وسمت أيضًا خطوة أخرى في تطوّر الرئيس ترامب التدريجي، من زعيمٍ شعبويّ وعد بانتشال الولايات المتحدة من التشابكات العسكرية الأجنبية إلى زعيم يقبل على مضضٍ العديد من استراتيجيات الأمن القومي، التي سخر منها ذات يوم. (أثناء الحملة الرئاسية، قال السيد ترامب: “في لحظةٍ ما، لا يمكننا أنْ نكون شرطيّ العالم”).

فاز السيد أوباما بالبيت الأبيض في عام 2008، جزئيًا بسبب وعدٍ بإنهاء الحرب في العراق، ووافق على دورٍ محدود فقط في الضربات الجوية عام 2011 على ليبيا، وقد أرقّتْ تلك القرارات الضباط العسكريين الذين يعملون الآن مع حكومة ترامب، والتي أدّت بدورها إلى تعميق توّرط الإدارة العسكرية في أفغانستان.

وقال السيد ترامب: يجب أنْ تبقى القوات الأميركية في أفغانستان؛ لأنَّ “انسحابًا متسرعًا من شأنه أنْ يخلق فراغًا للإرهابيين بما في ذلك (داعش)، و(القاعدة)”. وكرّر تيلرسون تلك الحجة في تحديد قرار الإدارة بإبقاء القوات في سورية.

لم يقلْ إنْ كانت ستساعد دولٌ أخرى في دفع ثمن الجهود العسكرية الأميركية، أو تكاليف الاستقرار الأخرى، رغم أنَّ السيد ترامب وعد، خلال الحملة الرئاسية، بأنّه سيجبر ألمانيا، ودول الخليج الفارسي على المساهمة في التمويل “لأنّهم يمتلكون الأموال”.

وقال السيد تيلرسون: إنَّ الالتزام العسكري تجاه سورية “قائمٌ على شروط”، وليس إلى ما لا نهاية، لكنَّه أكّد أنَّ الأمر سيستغرق بعض الوقت لتعزيز حكومةً منتخبة ديمقراطيًا في سورية -ومثله مثل إدارة أوباما- قد تتطلب رحيل الأسد عن السلطة. وتابع قائلًا: “إنَّ التغيير الموثوق قد لا يأتي مباشرةً بمجرد أنْ يكون هناك بعض الأمل، بل من خلال عمليةٍ تدريجية من الإصلاح الدستوري، والانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة”.

أثار المحللون مخاوف من أنّه لنْ يكون هناك وقتٌ يكون فيه الانسحاب مناسبًا. وقالت جينا أبيركرومبي-وينستانلي، وهي سفيرةٌ سابقة ودبلوماسية متمرسة: “نعم، يمكننا ترك القوات هناك لفترةٍ قريبة، ولكن هل 20 عامًا، على طريقة أفغانستان ستكون قريبةً”.

لدى الولايات المتحدة خمسة أهدافٍ رئيسة في سورية، كما قال السيد تيلرسون، وهي: ضمان عدم عودة (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش) و(القاعدة) من جديد، ودعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والتقليل من نفوذ إيران. والتأكّد من خلو البلد من أسلحة الدمار الشامل، ومساعدة اللاجئين على العودة بعد سنواتٍ من الحرب الأهلية.

أقرَّ السيد تيلرسون بالتحدي الشديد في تعزيز السلام والديمقراطية في سورية، حيث إن مساعي قادة العالم والدبلوماسيون، في الشرق الأوسط والغرب، لم ترقَ إلى المستوى المطلوب.

يعمل تيلرسون على إعادة تنظيم وزارة الخارجية التي نتجت عن تخفيضاتٍ كبيرة في الميزانية، ومغادرة بعضٍ من كبار دبلوماسيها، بمن فيهم بعض كبار خبراء الشرق الأوسط، ومثل هذه الخبرة ضروريةٌ بالنسبة لأيّ مشاريع عسكرية، أو دبلوماسية في الشرق الأوسط، حيث تستوطن التنافسات المتناقضة والمتقاطعة.

على سبيل المثال، الدعم الأميركي لقوات الحدود بقيادةٍ كردية في شمال شرق سورية قد أثار الذعر في المنطقة، وعارضته بشدةٍ كلٌّ من روسيا وتركيا وإيران، وحكومة الأسد، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قوات الحدود بأنَّها “جيشٌ إرهابيّ”، يخشى أنْ تديره ميليشيا كردية يعتبرها تهديدًا لبلده.

وكان نائب رئيس الوزراء التركي باكير بوزداغ قد قال، يوم الأربعاء 17 كانون الثاني/ يناير: إنَّ صبر بلاده قد نفد فيما يتعلق بالتطورات على طول حدودها. وسعى السيد تيلرسون إلى تهدئة المخاوف قائلًا: “إنَّ أيَّ ترتيباتٍ مؤقتة يجب أن تكون تمثيلًا حقيقيًا، ويجب ألا تهدد أيَّ دولةٍ مجاورة”.

نواف خليل، وهو مسؤولٌ سابق في الحكومة المحلية الكردية السورية، ويعمل الآن في معهد أبحاث ألماني، أشاد بخطاب السيد تيلرسون، واعتبره “رؤيةً أميركية واضحة، بشأن الوضع في سورية”. وأضاف مبيّنًا: “إنَّ التأكيد على أهمية الدبلوماسية، فضلًا عن تقوية حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، هو المقاربة المطلوبة في هذه المرحلة، ويبدو أخيرًا أنَّ البيت الابيض والبنتاغون متوافقان حول سورية”.

لم يرد أيُّ تعليقٍ فوري من الحكومة السورية، إلا أنَّها رفضت باستمرار أيَّ تدخلٍ أميركي، وتعدّه غير شرعي، وأن له نتائج عكسية.

اسم المقالة الأصلي
Tillerson Says U.S. Troops to Stay in Syria Beyond Battle With ISIS

الكاتب
غاردينر هاريس، GARDINER HARRIS

مكان النشر وتاريخه
نيو يورك تايمز، The New York Times، 17/1

رابط المقالة
https://www.nytimes.com/2018/01/17/world/middleeast/tillerson-troops-syria-islamic-state.html

عدد الكلمات
818

ترجمة
أحمد عيشة

أحمد عيشة
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون