‘ما الذي سيطبق: منطقة آمنة أم (منطقة آمنة من داعش)؟’
23 نوفمبر، 2015
المصدر | عبد الوهاب عاصي
شاركت ولأول مرة منذ بدء الصراع في سوريا 6 طائرات اف16 تركية و4 طائرات اف16 أميركية، طائرة واحدة من نوع AC-130، و3 طائرات من دون طيار في عملية تحرير قريتي حرجة ودلحة، الواقعتين على الحدود السورية التركية شمال حلب، وترافقت العملية بالإضافة إلى الإسناد الجوي، بتقدم بري لقوات عسكرية تابعة إلى الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد. وذلك وفق ما أوردت صحيفة “صباح” التركية.
كما أن العمليات العسكرية الجوية والبرية، والتي انتهت بتحرير القريتين وقتل أكثر من 70 عنصراً من داعش. تهدف إلى البدء الفعلي بتنفيذ أول خطوة لتشكيل “المنطقة الآمنة من داعش” شمال سوريا، حسبما ذكرت الصحيفة التركية. ونقلت الأخيرة عن مصادر أمنية بأن هذه العمليات “التكتيكية الناجحة”، ستزيد من قدرة قوات المعارضة ومن خبرتها ورفع الروح المعنوية لديها، كما ستكون بداية انكسار وانحسار داعش.
ويمكن الاعتقاد بتوجه قوات المعارضة المذكورة لتحرير قرى (قره مزرعة – قره كوبري – قزل مزرعة – الطوقلي) من يد التنظيم. وذلك في حال عزمت أنقرة من تعزيز دعمها للفصائل العسكرية على الأرض؛ بغرض إنشاء “المنطقة الآمنة من داعش”، وهذا التقدم المنشود يمكن أن يجعل قرية “صوران” أعزاز الاستراتيجية بمرمى نيران الثوار، وهو ما يمثل أكبر خطر على تنظيم داعش بريف حلب الشمالي.
وتأتي هذه التحركات على خلفية التأكيدات السابقة للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” منتصف الشهر الجاري، بخصوص اقتراب حلفاء بلاده من فكرة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري ضمن إطار المعركة ضد تنظيم داعش. كما تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية التركية “فريدون سينيرلي أوغلو”، أكد بدوره منذ أسبوعين، أن أنقرة على وشك التدخل العسكري في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة، وهو مسألة وقت لا أكثر، وأن القيادة التركية أعدّت الخطط اللازمة للتدخل العسكري التركي في سوريا لمحاربة تنظيم الدّولة، وذلك من أجل إبعاد خطر تواجد عناصر التنظيم من المناطق القريبة من الحدود التركية.
المعارض والسياسي السوري “موفق زريق” رأى أن مساعي تركيا في إقامة منطقة آمنة لم تعد ممكنة على الإطلاق، لا سيما بعد التدخل العسكري الروسي الذي خلط كافة الأرواق السياسي في المنطقة. كما أن القرار الحالي الذي أعلنت عنه أنقرة إنما ينصب ضمن التسمية المجازية للمنطقة وليس ضمن المفهوم القانوني لها الذي تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة.
والمقصد بالتسمية المجازية وفقاً لـ “زريق” الذي خص حديث لشبكة “المصدر”، هو منطقة آمنة من أي وجود لتنظيم داعش ولا حتى الأكراد، بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت باستيعاب المخاوف التركية من قضية تمدد الأكراد، لكن بنفس الوقت واشنطن لا ترغب ضمن استراتيجيتها تخفيف الدعم عن القوات الكردية، ويمكن الاستدلال على ذلك بما فعلته مؤخراً هذه القوات حينما أعلنت عن نفسها ضمن كيان “قوات سوريا الديمقراطية” في كل من حلب وإدلب، وهو سلوك سياسي ربما للإدارة الأمريكية ارتباط فيه.
من جانبه، قال الصحفي “جميل سلو” مدير الوكالة الحرة للأنباء، إن مساعي تركيا لإقامة منطقة آمنة يندرج ضمن السيناريوهات غير القابلة للتطبيق، حيث يشدد على أن “فكرة المنطقة الآمنة هي افتراض نظري بعيد عن الواقع الملموس على الأرض”.
ويرى مراقبون احتمال إقدام أنقرة على خطوات إضافية في المنطقة المنشودة، وذلك بسبب تعرض بلدات القومية التركمانية في اللاذقية للقصف العنيف من قبل الطائرات الروسية وكذلك هجمات النظام السوري على قراهم، ما أدى إلى نزوح الآلاف إلى الأراضي التركية. وعليه يمكن أن توظف أنقرة هذه المخاطر التي تتعرض لها القومية التركمانية لصالح توسيع نطاق المنطقة وأهدافها الأمنية.
وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة الآمنة، هي منطقة محددة يتم فرضها بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان، حيث تُكلّف دولة أو أكثر بتنفيذ هذا القرار بالقوة. وبالتالي فإن المنطقة الآمنة لا يكون هدفها فض الاشتباك بين الطرفين المتنازعين في منطقة معينة، بل يكون هدفها الأساسي حماية مجموعة بشرية لا تستطيع حماية نفسها من خلال توفير التدخل الإنساني عبر ممرات آمنة بغية حماية المدنيين وصيانة حقوق الإنسان، وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية. وجميع هذه النقاط لا تتوفر بالمنطلقات التي تسير عليها تركيا في إقامة هذه المنطقة، لذا فإن التوصيف الأدق للمساعي التركية هو “منطقة خالية من المخاطر” وهو مسمى يشمل الإرهاب والقوات الكردية.
المصدر : الإتحاد برس