‘ملفات ساخنة: الاغتيالات المجهولة داخل سوريا وخارجها.. الأسباب والأبعاد’
12 يناير، 2016
توطئة:
كثرت في الآونة الأخيرة، كما كانت موجود من قبل، ظاهرة قديمة حديثة، وهي ظاهرة الاغتيالات المنتشرة في أوساط المعارضة السورية، سواء على مستوى المناطق التي تسيطر عليها الأخيرة، أو خارج سوريا، في مواقع ودول ذات صلة، كما في تركيا والأردن، وتركيا تحديداً التي تربعت في المرتبة الأولى على نطاق الاغتيالات السورية الخارجية، في حين بدت هذه الظاهرة في أوضح صورها في المناطق السورية المحررة أكثر من مناطق غيرها، وفي الأخيرة ذاتها أكثر بكثير من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري أو الوحدات الكردية أو غيرها من الفصائل المسلحة، المحسوبة على أي من طرفي الصراع.
ومن خلال التمعن في هذه الظاهرة خلفياتها، يجد البحاث أن الأسباب التي تقف خلفها تلك الاغتيالات متعددة، كما الجهات التي تسيرها وتتحكم بفاعليها والمفعولين بهم، في حين تختلف ميادين الاغتيالات وفقاً لتواجد الضحية، ووفق المعايير السياسية ربما والاستراتيجية لكل طرف ذي صلة.
تقنية عمليات الاغتيال والاستهداف:
تتكون عمليات الاغتيالات التي تمت وتتم في مناطق سوريا الخارجة عن سيطرة النظام في المجمل وفق خلفيات ذات صلة بالصراع المسلح ذاته، سواء على مستوى الصراع مع قوات النظام، أو على مستوى الصراع الخفي بين الفصائل المسلحة المحسوبة على جناح المعارضة، الإسلامية منها والمعتدلة، وفي معظم الأحيان استهدفت تلك العمليات شخصيات قيادية في فصائل تتبع الجيش الحر، كما استهدفت إعلاميين وناشطين وأعضاء مجالس محلية وخدمية متنوعة، لا سيما جناح القضاء.
ومن خلال المتابعة لملف الاغتيالات المستمر في المناطق المحررة في سوريا يلاحظ أن تلك العمليات ترتفع وتيرتها كلما توقفت العمليات العسكرية ضد قوات النظام، لتعود فتختفي فور البدء بعمل عسكري ضد قوات النظام، وهو ما يمكن إرجاعه إلى خلفيات ترتبط بأمور مناطقية أو مصالحية متعلقة بالقادة والصراعات فيما بينهم وبين فصائلهم ذاتها، أو بينها وبين الفصائل الأخرى.
وفي أنموذج عام عن غالبية عمليات الاغتيال حصلت على مستوى سوريا المحررة، وكذلك بعض الدول الخارجية، كتركيا ولبنان، يلاحظ أنها تتم في المناطق ذات الطبيعة الريفية عن طريق زرع عبوات متفجرة يتم التحكم بها عن بعد، وهذه إما أن يتم وضعها في مناطق مرور الضحايا، كما في الطرق والممرات السرية وغير السرية، وإما أن يتم وضعها من خلال عملية اختراق أمنية في سيارة الضحية نفسه، لتنفجر فيه فيما بعد.
فيما وفي المقابل، يلاحظ أختلاف منهج وتقنية عمليا الاغتيال في المناطق ذات الكثافة السكانية، كما في المدن والبلدات الكثيفة بالمدنيين أو ذات التواجد الكثيف للفصائل المسلحة، ففي هذه المواقع تتم عمليات الاغتيال فيها في غالب الأحيان رمياً بالرصاص، من قبل مجهولين يركبون الدراجات النارية أو السيارات المجهولة اللوحات. أما سبب اختلاف طريقة الاغتيال تبعاً للمناطق، فيرجع كما أشير إلى الكثافة السكانية العالية في المدن، ما يعيق عملية زرع العبوات التي تتطلب تخطيط واختراق ومن ثم تنفيذ، وهذه بحد ذاتها عملية معقدة قد تستغرق عمليات التحضير لها مجتمعة أسابيع وربما أشهر، في حين تعطي المناطق الريفية انتشارها وتمددها وصعوبة سيطرة الفصائل المسلحة عليها كاملة ميداناً أرحب لمنفذي عمليات الاستهداف، ما يسهل عمل تلك الخلايا التابعة لها، خاصة في فترات الليل، من خلال توفر عنصر الليونة في الحركة والتستر عن الأعين.
نطاق العمليات:
في هذا الخصوص، يشار إلى لعب الأجندات الخارجية المرتبط بها كل فصيل مسلح دوراً في تحديد أهداف ونطاق عمليات الاغتيالات فيما إّذا كانت تشمله في المقتضى والمضمون والشكل، أو أنه سيبقى بعيداً عنها، وفي الغالب كانت تلك العمليات موجهة نحو قطبين اثنين، الأول منهما بنسبة أكبر من الأخر:
الجيش الحر:
وهنا تتمحور عمليات الاغتيالات الموجهة إلى هذه المؤسسة بتبعيتها أساساً وأجنداتها والمصالح المرتبطة بها دولياً وإقليمياً ومحلياً، فتأتي عمليات الاغتيال لتطال رموزاً في فصائل قوية وبارزة، وفي الغالب ما يكونوا من قيادات الصف الأول والثاني، أو أشخاص مفصليين في المجتمع المحلي، متهمين بالتبعية لهذه المؤسسة أو تأييد أفكارها والإيمان بها. وهنا ترتفع احتمالات وجود تصفيات داخلية تمت وقد تتم ضمن فصائل المعارضة ذاتها المحسوبة على الجيش الحر، على الرغم من توحدها في التوجه العام من حيث المبدأ، واختلافها في تفصيلات أخرى قاتلة، على مستوى تبعيتها الدولية، وعلى مستوى تلقيها الدعم.
الفصائل الإسلامية:
كما أنها تستهدف واستهدف فصائل المعارضة المعتدلة، فإن عمليات الاغتيالات طالت أيضاً الفصائل الإسلامية ذاتها، وهنا يشار إلى اختلاف نطاق عمليات الاستهداف من حيث الخلفيات والأسباب والمنفذين بالنسبة للفصائل ذات الايدلوجية الإسلامية عن المعتدلة ذاتها، إذ بينما تتهم الفصائل غير المعتدلة من حيث المبدأ العام بالتورط في غالبية عمليات الاغتيال التي طالت وتطال فصائل أخرى تعارضها التوجه (الجيش الحر)، تختلف عمليات الاغتيال التي تطال الفصائل الإسلامية ذاتها عن تلك التي قد تتهم هي بالوقوف خلفها وتنفيذها، إذ في الغالب ما تكون تلك العمليات نتيجة عراك ايدولوجي داخي بين الفصائل الإسلامية ذاتها، وليس بينها وبين الفصائل المعتدلة، نتيجة ما عرف عن الأخيرة في عدم تبنيها أو انتهاجها منهج التكفير وتحليل دماء الأخرين، سواء من المدنيين أو المسلحين ذاتهم، بما فيهم الإسلاميين منهم، على عكس الأخرى تماماً، التي يمثلها في الأنموذج الأبرز تنظيم دولة العراق والشام “داعش”، ومن بعده جبهة النصرة، فرع القاعدة في بلاد الشام.
شمول العمليات:
شمل ملف عمليات الاغتيال والاستهداف التي جرت في سوريا خلال مرحلة الثورة ككل، وفي العام 2015م كمثال واضح، تفرعات وتنوعات عدة في تنفيذ تلك العمليات، عكست أيديولوجية وتوجه الجهة المستهدِفة والمستهدَفة، فضلاً عن تكنيك الطريقة والأداة.
أما من حيث الكم ذاته، ونحن نتحدث عن العام 2015م المنصرم في سجل عدد من عمليات الاغتيال في محافظات سورية عدة أشهرها درعا، حلب، إدلب، حمص، ريف دمشق، والقنيطرة، إلى جانب تسجيل اغتيال ضابطين في تركيا ولبنان.
وبالعودة إلى شمولها، لا تقتصر عمليات الاغتيال من حيث صفة المشمولين بها على العسكريين فقط، أو المسلحين بمعنى أعم بل، امتدت إلى لتشمل كما أشير عاملين في مؤسسات محلية خدمية، كأعضاء مجالس محلية وإعلاميين وناشطين حقوقيين وقضاة بعض ممن يسمون بـ”الشرعيين”، وأصحاب تأثير وشخصيات دينية ودعاة وشخصيات فكرية واجتماعية معروفة، ومنها مثلاً في درعا حيث اغتيل القاضي في “دار العدل” ونائب رئيس المحكمة بشار الكامل. كما تمّ اغتيال عضو “مؤسسة نبأ” الإعلامية أحمد المسالمة، والإعلامي في “لواء التوحيد” ليث وحيد بجبوج. المسؤول الأمني في “جبهة النصرة” أبو قتادة، وقائد “فرقة صلاح الدين” القيادي في “جيش اليرموك” أبو قاسم مجاريش. كما اغتيل القياديان في “فرقة شباب السنة” محمد الشحمة وزهير الزعبي، والقيادي في “الفرقة 16” ياسر عبد الرحمن الخلف، واغتال مجهولون الملازم أول حسين قنطار، القائد العسكري في الفرقة 111 التابعة للجيش الحر، بعد مغادرته مقر غرفة عمليات “فتح حلب” في مدينة عندان بريف حلب، كما اغتالت جهة مجهولة المقدم شبيب الشبيبي، وهو أبرز الضباط المنشقين في محافظة القنيطرة، وتوفي بطلق ناري استقر برأسه في منزله الكائن في بلدة صيدا الجولان، وفي حمص حيث اغتال مجهولون الشيخ عمار الخضر، نائب قائد حركة أحرار الشام، إلى جانب القائد العسكري في الحركة عبد الله بركات، بالقرب من قرية السمعليل المحاذية لمنطقة الحولة في ريف حمص الشمالي الغربي. وفي برزة بريف دمشق اغتيل القيادي في الجيش الحر فهد مغربي بطلق ناري في الرأس من قبل مجهولين، كما اغتيل قائد فصيل “مشايخ الكرامة” الشيخ وحيد البلعوس في ريف السويداء، من قبل جهة أيضاً بقيت في حقيقتها مجهولة.
وخارجياً كما في اغتيال شخص ينتمي إلى تنظيم “داعش” العقيد عبد الله حسين الرفاعي، في ساحة بلدة عرسال اللبنانية على الحدود مع سوريا، وذلك بإطلاق الرصاص مباشرة عليه، وكذلك المقدم جميل رعدون، قائد تجمع صقور الغاب مصرعه، الذي قتل إثر تفجير عبوة ناسفة داخل سيارته في مدينة أنطاكيا جنوب تركيا من قبل مجهولين، وعلى نطاق الناشطين اغتيل الإعلامي السوري ناجي الجرف رئيس تحرير جريدة “حنطة” ومدير “بصمة سورية”، في مدينة غازي عينتاب التركية، بعد أن تمت مهاجمته بمسدس كاتم للصوت، وقبله اغتيال الناشط الميداني من الرقة أحمد الموسى، بعد إصابته برصاص مجهول المصدر في بلدة سنجار بريف مدينة إدلب والتي تسيطر عليها “جبهة النصرة”، وكذلك قبله اغتيال الناشط الإعلامي إبراهيم عبد القادر، أحد أعضاء فريق “الرقة تذبح بصمت” وصديق له في مدينة أورفا التركية.
وفي غالبية العميات السابقة اتهمت مصادر ميدانية تنظيمي داعش وجبهة النصرة بالدرجة الأولى بالوقوف خلفها، إلا أن ذلك لا يعني أن كلا الفصيلين، وبالدرجة الأولى جبهة النصرة كانت بمنأى بدورها عن عمليات الاستهداف والاغتيالات، كما في بعض الخلايا التي أقدمت على تنفيذ بعض عمليات الاغتيال في محافظة إدلب بحق عناصر وقيادات من جبهة النصرة، وقد تبين فيما بعد أنها تتبع لكتائب النهروان التابعة لجبهة ثوار سوريا سابقا.
وعلى مستوى الفصائل الأخرى يشار لعمليات الاغتيال التي طالت قيادات في كل من حركة أحرار الشام وفيلق الشام، حيث استهدف شخص ينتمي لتنظيم داعش أحد الاجتماعات العسكرية في مقر يتبع لحركة أحرار الشام بريف إدلب، بحزام ناسف، ما أدى لمقتل خمسة من القادات العسكرية وإصابة آخرين، واغتال مقاتلون من جبهة النصرة، أبو زيد قناص، القائد العسكري في الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام. وأخيراً زعيم جيش الإسلام زهران علوش، وقائد أبرز فصائل المعارضة في سوريا عمومًا والمنطقة الجنوبية على وجه الخصوص، الذي قتل بقصف جوي قيل أنه روسي.
الأسباب:
يمكن للمتابع لملف الاغتيالات المنتشرة على مستوى المناق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أو الممتدة إلى خارج سوريا، قراءة الأسباب التالية فيها:
عدم وجود جهات استخباراتية أو مكاتب ارتباط أمنية تربط الفصائل المسلحة على مستوى سوريا بعضها ببعض، وتقوي بالتالي من طوقها الأمني، وبالتالي وقوعها ضحية عمليات تصفية.
ثبوت وجود خلايا نائمة، تبع قسم منها للنظام السوري وأخر تنظيم “داعش” وانتشار عناصر مخبرة لكلا الطرفين بين المدنيين وبين الفصائل ذاتها، فيما يشبه عمليات الاختراق، وبالتالي يسهل عمليات الاستهداف.
انتشار عصابات السرقة والتشليح في اغتيال في عدد كبير من المناطق المحررة في سوريا، وثبوت صلتهم بعمليات الاغتيال التي حصلت، في ظل وجود عدد كبير من الفصائل والتشكيلات المسلحة، وغياب الحواجز الأمنية التي تقطع المناطق، وتؤمن لها الحماية.
غياب وجود مؤسسة أمنية وعسكرية واجراءات يتم اتخاذها من أجل كشف الخلايا الضالعة في عمليات الاغتيال والاستهداف للحد من انتشارها، وعدم الاستفادة من التجارب السابقة. وغياب إنشاء ودعم مخافر شرطية في كافة المدن والقرى والبلدات المحررة.
غياب أي دور قضائي فعلي في المناطق المحررة من سوريا، يمكن أن يكون رديفاً للدور الأمني، والمتصل بدوره بفراغ أمني واضح ومشار إليه ضمن تلك المناطق، وغياب ملاحقة الأشخاص الذين يشتبه في تورطهم مع الجهات التي تسعى إلى اغتيال الشخصيات الفاعلة.
انتشار السلاح بلا رقيب في مجموع المناطق المحررة، عبر توزع عشرات محال المتاجرة به دون أدنى دور للفصائل المسلحة.
غياب عمليات توثيق السيارات غير القانونية (المدنية والزراعية)، والتي لا تحمل أي إثبات في المناطق المحررة ككل وتسجيل أسماء مُلاكها وضبط مجهولة الهوية منها جميعها.
على المستوى الخارجي، التهاون الأمني في بعض دول الجوار على رأسها تركيا ولبنان في ضبط أمن المقيمين على أراضيها.
دور غرف العمليات المشتركة (الموك) في تأمين المناطق المحررة من عمليات الفوضى التي تقود لتفشي الظواهر السلبية، وفي مقدمتها عمليات الاغتيال، وهذا الأمر يتطلب منها إعادة هيكلة للفصائل المسلحة المعتدلة ودعمها جيداً بالمال والسلاح والأهم من ذلك توفير الدعم اللوجستي لها، عبر تكثيف سحب دورات من المنضوين في تلك الفصائل وتدريبه على أصول إدارة المناطق المحررة، والمساهمة في تحويل تلك الفصائل أو قسم غالب منها من مجموعات مسلحة عشوائية، وأخرى منها قريب من الميليشيا إلى قوات مأطرة وفق تراتبية معينة.
توزع العمليات:
يمكن القول أن كافة المناطق السورية المعارضة، المصنفة كمناطق “ساخنة” شهدت أعمال اغتيال واستهداف، تنوعت وتمحورت في المجموع حول رموز ثورية أو مسلحة، وخلال العام 2015م سجلت محافظة درعا أكبر عدد من الاغتيالات، وشملت شريحة من قادة الفصائل المسلحة، لا سيما الجيش الحر، وناشطين إعلاميين وقضاة في محاكم ثورية، كان آخرهم كان أسامة اليتيم رئيس دار العدل في درعا برفقة أخيه وعدد من مرافقيه، بعد عدة أشهر على اغتيال نائبه بشار النعيمي، تلتها محافظتا إدلب وريف دمشق، ومن ثم حلب والرقة ودير الزور والحسكة، فيما جاءت تركيا على مستوى عمليات الاغتيال الخارجي في مقدمة الدول التي شهدت اختراقات أمنية على مستوى الدولة وتنفيذ عمليات مضادة على أرضيها، تلتها لبنان، في حين حافظ الأردن على بقاء ساحته بعيدة عن تصفية الحسابات، نظراً للقبضة الأمنية الكبيرة التي تتمتع بها البلاد، والتي شهدت شددتها لمستويات ملموسة خلال العام 2015م.
الخلفيات:
تتنوع الخلفيات التي تقف خلف عمليات الاغتيال الحاصلة في المناطق المحررة في سوريا والدول المجاورة، وفقاً لكل عملية اغتيال وطبيعتها وأهدافها وأسبابها، وإيديولوجية الجهة التي تمت استهدافها والأخرى التي وجهت إليها أصابع الاتهام.
فقد تكون عمليات الاغتيال أو الاستهداف تمت بهدف تصفية حسابات عالقة بين الفصائل المسلحة ذاتها، وكذلك بينها وبين المدنيين أنفسهم، وبينها وبين جهات دولية وإقليمية، وأخيراً بينها وبين طرف النظام السوري ذاته وحلفائه، ومن ثم العلاقات والحسابات بين الشخص ذاته وليس الجهة التابع لها وبين مجموعة الجهات المشار إليها.
أما بالنسبة لفرضية وقوف النظام السوري ومن معه من حلفاء خلف ما يتم من عمليات استهداف، وهي بالمناسبة نسبة بسيطة من مجموع ما تم من عمليات اغتيال واستهداف متوزعة في سوريا، فتكون خلفياتها استراتيجيات مرسومة هدفها خلط الأوراق في المناطق المحررة ككل، والمنطقة التي تمت فيها العملية على وجه الخصوص، لا سيما من خلال اللعب على وتر الحاضنة الشعبية الذي يتقنه النظام السوري جيداً، عبر إقناع الرأي العام المحلي والدولي في العموم بعدم صلاحية فصائل المعارضة لحكم تلك المناطق وإدارة شؤونها وحماية سكانها وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار فيها.
وفي الفرضية الثانية الأقوى، وهي تورط تنظيم داعش في عدد ليس قليلاً من مجموع تلك العمليات، تمكن هنا خلفيات معروفة من خلال اتجاه التنظيم لتصفية رموز يصفها بالمرتدة، ويطعن في وجودها، كما فصائلها أو الجهات لمنتمية إليها بشكل عام. وهذا الاحتمال كان مهماً، إذا أشارت المصادر إلى أن داعش بات يقف خلف نسبة لا تقل عن 70% من مجموع عمليات الاغتيال والاستهدافات المتنوعة التي باتت تتم في المناطق الخارجة عن سيطرته، إذ يعادي التنظيم مجموع فصائل المعارضة المسلحة بكتلتها الكاملة، ومجموع النشطاء وكوادر المجتمع المحلي في المناطق المحررة (وغيرها)، ممن لا يؤمنون بأفكار التنظيم وأيديولوجيته.
ويبقى احتمال وقوف فصائل أخرى مسلحة، ربما تأتي جبهة النصرة في مقدمتها خلف بعض عمليات الاغتيال والاستهداف قائماً، نظراً لانتهاج النصرة ذات الأفكار التطرفية لداعش تقريباً، مع اختلافات في الرؤية والتطبيق ومداه.
المصدر : الإتحاد برس