هل حقاً قطعت الرياض علاقاتها مع طهران بسبب حرق السفارة؟

12 يناير، 2016

الاتحاد برس | عبد الوهاب عاصي  فيما يظهر أن السبب المباشر لتصعيد المملكة العربية السعودية الموقف ضد إيران، هو عدم اتخاذ الأخيرة أي إجراءات لحماية سفارة وبعثة المملكة الدبلوماسية على أراضيها، حينما قام جموع من الأشخاص على مرأى من قوات الأمن الإيرانية بإحراقها. لكن هناك جملة من الأسباب والقضايا التي دفعت الرياض لاتخاذ قرارها بقطع العلاقات الدبلوماسية من طرد السفير الإيراني وطواقم البعثات القنصلية والتجارية وغيرها. ويأتي في مقدمتها ازدياد التدخل الإيراني في سوريا وكذلك اليمن.   وبالرغم من أن الرياض تسعى منذ وقت مضى، إلى تقويض النفوذ الإيراني المتزايد؛ مثلما فعلت باليمن حين تشكيل التحالف العشري (عاصفة الحزم)، والذي تهدف عملياته إلى تجميد قوة جماعة أنصار الله الحوثي المقربة من طهران، وكذلك بدعمها فصائل المعارضة السورية في مواجهة النظام السوري والميليشيات المحسوبة على إيران، وبالرغم من ذلك، إلا أن الرياض على ما يبدو لا زالت تخشى من عدم نجاعة هذه الخطوات في مواجهة إيران، لا سيما بعد توقيعها الاتفاق النووي مع المجموعة الدولية (5+1).   وفي غضون ذلك، يتضح أن الخلاف السعودي الحالي مع إيران؛ يهدف إلى وضعها في عزلة إقليمية كاملة، دون الذهاب لحرب مباشرة، في ظل الموقف السلبي من قبل واشنطن في الحد من تجاوزات طهران، فالولايات المتحدة لم توفِ بوعودها بتنفيذ عقوبات ضد إيران رغم قيامها بتجارب لصواريخ بالستية، أفادت تقارير للأمم المتحدة مقدرتها على حمل رؤوس نووية، وهذا خرق واضح لمضامين الاتفاق النووي.   إلحاق أكبر خسارة اقتصادية بإيران:   كما أن الموقف السعودي الحاد من إيران، يأتي قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، التي قد تمنح إيران دخولاً أكبر في المنطقة العربية، وهذا ما تحاول الرياض عدم حصوله، فعلى ما يبدو أن الرياض تسعى إلى زيادة الضغوط بكافة الوسائل على إيران، وقد يدلل على ذلك، موقفها من تحمل خسائر تعادل 200 مليار دولار، بهدف إلحاق أكبر ضرر بإيران؛ إذ أنه حينما وصل سعر برميل النفط لـ 80 دولاراً قامت السعودية بدعم انخفاضه؛ ما اضطر إيران إلى تعديل موازنتها العامة التي كانت معدة على أساس سعر 100 دولار للبرميل، هذا من طرف، وما لحقها من خسائر تعادل 50 مليار دولار. والسياسة النفطية هذه من شأنها أيضاً أن دفع إيران إلى تنازلات في سياستها الخارجية تجاه النظام السوري وحزب الله اللبناني وأيضاً تجاه جماعة الحوثي في اليمن.   لقد أحدثت الدبلوماسية السعودية، في التعاطي مع إيران، ضغطاً واسعاً عليها، فعلى سبيل المثال، جاء التدخل الروسي في سوريا، لتثبيت الشرعية للنظام السوري ورأسه بشار الأسد، الذي تراجع نفوذه وسيطرته بالرغم من دعم طهران له، وبناءً عليه جاء الإسناد من موسكو بالتزامن مع حديث عن تسوية سياسية.   انعكاس على مسار العملية السياسية في سوريا:   ويسود اعتقاد، أن الخلافات السعودية الإيرانية، يمكن أن تهدد عملية السلام التي من المفترض أن تنطلق يوم 13 من كانون الثاني الجاري، بيد أن ذلك مستبعد إلى حد بعيد، لا سيما وأن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير قال في اجتماع لجامعة الدول العربية “إنه لا يعتقد أن الخلاف الدبلوماسي مع إيران سيؤثر على جهود السلام المتعلقة بسوريا”. وعلى العكس من ذلك، يمكن القول إن الرياض تسعى إلى تحييد طهران عن أي تأثير على مسار العملية السياسية، بعدما أشركها المجتمع الدولي في محادثات التسوية السورية في لقاءات فيينا (2-3)، فالموقف الثابت لـ “الهيئة العليا للتفاوض” التي تمخضت عن رعاية السعودية لاجتماعات للمعارضة السورية، إلى الوقت الراهن، سواءً على الصعيد السياسي أو العسكري، يعكس مدى الإرادة السعودية في إضعاف موقف إيران عسكرياً وسياسياً من الأزمة في سوريا، بالإضافة إلى تصريحات جيش الإسلام وهو جزء من هذه الهيئة بإن “أفضل طريقة لإجبار النظام على القبول بالحل والالتزام به هو السماح للدول الشقيقة بتزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات”. وتأكيد استعداد المعارضة “لتقديم كل الضمانات اللازمة لإنهاء المخاوف من إمكانية تسرب الصواريخ إلى قوى تستخدمها بشكل غير قانوني”.