‘أنقرة وواشنطن: أزمة المنطقة الآمنة في سوريا’
12 أغسطس، 2015
اسطنبول- ميكروسيريا
على الرغم من التوافق التركي- الأمريكي حيال تشكيل منطقة آمنة في شمالي سوريا، إلا أن الخلافات بين العاصمتين ما تزال قائمة وتتسع حول طبيعة هذه المنطقة وحدودها والقوى التي يمكن أن تتواجد فيها.
آخر تفاصيل الخلاف ظهرت مع تصريحات تركية- أمريكية متضاربة حيال هذه النقطة، رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو يعلن عزم بلاده إقامة منطقة آمنة على الشريط الحدودي شمالي سوريا بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
بحسب أوغلو في مقابلة أجراها مع قناة بي بي سي، أن المنطقة ستوفر الأمن للمدنيين من هجمات قوات النظام السوري و “داعش” على السواء.
تصريحات أوغلو تزامنت مع إعلان فريدون سينيرلي أوغلو مستشار وزارة الخارجية التركية عن توصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق على بنود وتفاصيل إقامة مناطق آمنة داخل الأراضي السورية.
وحول مساحة هذه المنطقة صرح سينيرلي أوغلو أن طول المنطقة الآمنة التي سيتم إنشاءها سيصل إلى 98 كيلو متر وبعمق 45 كيلو متر داخل الأراضي السورية.
وامتنع سينيرلي أوغلو عن الإدلاء بتصريحات حول احتمال تمركز القوات التركية في تلك المناطق، إلا أنه صرح أن المعارضة السورية المعتدلة التي تحارب قوات نظام الأسد ستتولى زمام الأمور في تلك المناطق.
التصريحات التركية سرعان ما لاقت ردا أمريكيا كما حدث خلال الاسبوعين الماضيين، حيث أعلن مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن بلاده لم توافق بعد على إنشاء منطقة آمنة، معتبراً أن الحديث هنا يدور حول طرد داعش من المنطقة.
وأضاف أن والإدارة الأمريكية حريصة على عدم اختيار مسميات أو وصف لما ستصبح عليه المنطقة، باستثناء تركيز الجهود على طرد “داعش”.
ويبدو من التصريحات الأمريكية خلال الفترة السابقة، أن واشنطن ليست متسرعة كتركيا في إنشاء منطقة عازلة قبيل تحقيق هدفين:
1ـ تحقيق إنجاز عسكري ضد “داعش” وإجبارها إلى الابتعاد عن الحدود الشمالية لسوريا.
2ـ وضوح طبيعة القوى المعارضة المعتدلة التي سيناط لها مهمة السيطرة على المنطقة العازلة.
فضلا عن أن الإدارة الأمريكية تخشى أن تؤدي إقامة منطقة عازلة إلى حصول اشتباك بين القوى السورية المعتدلة المدعومة من تركيا مع قوات PYD حلفاء واشنطن المحليين في محاربة “داعش”.
هذا الخلاف التركي- الأمريكي، يعود إلى اختلاف أولويات كل طرف: تركيا تضع نصب أعينها إسقاط النظام السوري والحيلولة دون تشكل كيان كردي شمالي سوريا من شأنه أن يشكل عمقا إستراتيجيا لأكراد تركيا في الجنوب، أما الولايات المتحدة، فتضع نصب أعينها محاربة “داعش” في المقام الأول مع ترك مسألة إسقاط النظام إلى مرحلة لاحقة.
ومع ذلك، فإن واشنطن ليست بصدد إدارة ظهرها للمطلب التركي العاجل بإنشاء منطقة آمنة، حيث تحتاج إلى الحضور التركي الفاعل في الصراع مع “داعش”، لكنها بالمقابل لا تريد الإنجرار وراء التسرع التركي.
وفي ظل هذا الوضع، تجد تركيا نفسها أمام خيارين: إما انتظار الموافقة الأمريكية لتحديد طبيعة المنطقة الآمنة، أو القيام بخطوات أحادية الجانب والبدء بعملية إقامة هذه المنطقة، وهو احتمال بعيد نظرا لعدم جهوزية القوى السورية المعتدلة للسيطرة على هذه المنطقة أولا، ولتواجد “داعش” في تخوم المنطقة ثانيا.
“أنقرة وواشنطن: أزمة المنطقة الآمنة في سوريا”