لاجئون وأولاد ضحايا النظام و”داعش”!


ابراهيم حيدر

ما عاد ملف اللاجئين السوريين، قضية سورية أو لبنانية أو أردنية، صارت قضية إنسانية عالمية، على ما نشهده من ردود فعل غربية ومطالبات أوروبية وأممية باستقبال اللاجئين الهاربين من الموت ومساعدتهم. حتى أن البابا فرنسيس دعا الى استقبال اللاجئين المحتاجين في الأديرة ومساعدتهم قدر الإمكان، علماً أن دولاً عربية وإقليمية مشاركة في الحرب السورية أقفلت حدودها وابوابها أمام اللاجئين. كل ذلك لا يعني أن الطريق باتت مفتوحة لصوغ حل أو للتخفيف من معاناة اللاجئين، طالما ان قضية اللجوء لها أسبابها وهناك من هو مسؤول عن القتل وتشريد الملايين الذين نزحوا من بيوتهم وخسروا أراضيهم وأملاكهم والأماكن التي ينتمون إليها، وأيضاً الاستقرار والعمل والتعليم.

سيكون من الصعب إيجاد حل لمشكلة اللاجئين في المديين القريب والمتوسط، اذا كنا نتحدث عن 10 ملايين سوري يُعتبرون وفق الأمم المتحدة بمثابة لاجئين. ومع انعدام الحل، تتفاقم الأزمات عند الأولاد السوريين أو من هم في عمر الدراسة، وهم الأكثر عرضة مقارنة بالكبار، اذ ينعكس اللجوء سلباً وأحياناً كارثياً على أجيال مختلفة من السوريين اللاجئين، فلا مدارس تستوعبهم، ولا قدرة لمجتمعات مضيفة كلبنان على استيعابهم، طالما لا مساعدات دولية ولا تمويل عربياً أو أممياً كافياً. لذا يدفع الأولاد كلفة اللجوء والحرب والصراع المستمر في سوريا، طالما أن الأولويات عند أهاليهم تبقى في العيش والأمان، فيما الأولاد اللاجئون يحتاجون الى التعليم في المدارس قبل أن تأخذهم الصراعات الى الانخراط في الحروب والجلوس في أحضان التطرف.
وإذا كان في لبنان نحو 500 ألف لاجئ في عمر الدراسة، استطاع أن يستوعب منهم 100 ألف في المدارس الرسمية، وفي دوام مختلف، رغم شح الدعم والتمويل، ويتسرب منهم الكثير سنوياً، فإن أزمة تعليم أولاد اللاجئين في الدول المضيفة للاجئين معقدة جداً، لكن يمكن القول أيضاً إن في سوريا لا يبدو أن الجيل الجديد يتابع تعليمه، إذ باتت الأولوية للتجنيد والحرب والقتال في المناطق التي يسيطر عليها النظام، فيما الأولوية للجهاد وتطبيق الشريعة الاسلامية في المناطق التي يسيطر عليها “داعش”، ما يعني أن ملايين من السوريين هم اليوم بلا تعليم ولا حياة ولا مستقبل ولا هوية أيضاً.
مشكلة اللاجئين وهي الأكبر جماعياً حالياً في سوريا والعراق وبعض دول المنطقة، هناك من هو مسؤول عنها بالدرجة الأولى، إذ ليس منطقياً أن نطلق الاتهامات ضد الغرب بأنه لا يساعد اللاجئين ولا يستوعبهم. في سوريا والعراق، القاتل لا يعنيه اذا فرغت مناطق بأكملها من الناس، وليس معنياً بتعليم أولادهم، في حين أن “داعش” يقضم مناطق بأكملها وتسلم إليه بلا قتال، ويفرض نظاماً يعود إلى ما قبل القرون الوسطى. اللاجئون وأولادهم ضحية النظام وداعش!

المصدر: النهار اللبنانية