سباق إيراني روسي على الجبنة العلوية


راجح الخوري

لماذا قررت روسيا فجأة ان تدخل الحرب مباشرة الى جانب بشار الاسد، بعد أربع سنوات ونصف سنة من دعمه سياسياً وتسليحاً؟

قبل ثلاثة اشهر ارتفع منسوب القلق في موسكو الى معدلات قياسية من التطورات التي يمكن ان تحصل في المنطقة، وأحس فلاديمير بوتين ان البساط قد يسحب من تحت مصالح روسيا القديمة والحيوية في سوريا، وان ايران بدورها لن تلبث ان تستدير غرباً!
في دمشق وقف الاسد يائساً وقال إنه يواجه صعوبات في عديد جيشه وإنه ينسحب من مناطق معينة الى مناطق أكثر اهمية، ما بدا كإعلان تمهيدي لقيام دولة الساحل العلوية، وارتفع السؤال الساخن في الكرملين: هل نخسر طرطوس واللاذقية والشاطئ السوري بعدما عجزنا عن الاحتفاظ بكل سوريا عبر استعادة الاسد سيطرته على البلد؟
في طهران، التي غصّت بتظاهرات الابتهاج بعد توقيع الإتفاق النووي مع دول الغرب، ارتسمت أمام بوتين صورة مقلقة أيضاً، لأنه يعرف تماماً ان الإيرانيين على رغم كل ما يقال عن “الشيطان الأكبر” لن يلبثوا ان يستديروا غرباً، فها هو الازدحام المتزايد للشركات الغربية في طهران يسحب البساط من تحت المصالح الروسية الحيوية في ايران التي ساعدتها على امتلاك القدرة النووية.
ومع ازدياد التورط العسكري الإيراني في سوريا، وخصوصاً بعد معارك القلمون والزبداني، أحس الروس ان طهران قد ترث مصالحهم في الدولة العلوية، ولهذا قرر بوتين ان ينزل بقوة عسكرية متزايدة في اللاذقية وطرطوس تحت غطاء الحديث عن محاربة الإرهاب، على رغم إدراكه العميق ان الجيش السوري المدعوم من ايران وأذرعها العسكرية يقاتل منذ خمس سنوات تقريباً من دون نتيجة حاسمة، وان النزول العسكري الروسي المتسع في الميدان قد يتحوّل صيغة سورية افغانية مكلفة، لهذا تبقى الأهداف الحيوية الروسية في حماية المصالح في الدولة العلوية!
ما يؤكّد مجمل هذا الكلام هو الإنزعاج الإيراني الواضح والصريح من النزول العسكري الروسي في سوريا، وقد عبّر عنه الرئيس حسن روحاني بالقول صراحة، “إن الجيش الإيراني هو القوة الرئيسية لمكافحة الإرهاب في المنطقة التي عليها ألا تعتمد على القوى الكبرى… ونحن ساعدنا سوريا والعراق على مكافحة الإرهاب”!
هل هناك أوضح من هذا تعبيراً عن امتعاض طهران من دخول الدب الروسي الى الكوريدور السوري الذي يفترض ان يربط ايران بالعراق وصولاً الى لبنان؟
هل ان أميركا فعلاً في حال من الإرتباك حيال الاندفاع العسكري الروسي، أم أنها مرتاحة الى ان بوتين يسير بعينين مفتوحتين الى المصيدة السورية التي قد تكلّفه غالياً سواء بتورّطه في قتال الارهابيين الممتد من الرقة الى القوقاز، أم بمنافسته الشرسة مع الإيرانيين على الإستئثار بالجبنة العلوية؟

المصدر: النهار اللبنانية