عندما لا يجد السوري قبراً له في لبنان
28 نوفمبر، 2015
درجت العادة على كامل التراب السوري، بنسب مقولة “إكرام الميت دفنه” إلى النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، إلا أن الفقهاء أجمعوا على صحة معناها من استحباب التعجيل بدفن المتوفى، إلا أن النص يختلف على مرجعيته، وحافظ الشعب على التعجيل بالدفن من باب الالتزام الديني وتحقيق وصية النبي بإكرام الميت.
إلا أن ما يخيف أي مواطن في هذا البلد -قبل وأثناء وبعد الثورة- أن لا يجد قبراً يضم رفاته، وهو حدث بالفعل مع أحد اللاجئين السوريين في لبنان، عندما وافته المنية ورفضت عدة بلديات دفن جثته في أراضيها فقط لأنه سوري، قبل أن يتبرع أهالي منطقة وادي خالد -في لبنان أيضاً- باستقبال جثته وتشييعها والتكفل بكامل مصاريف الجنازة وبيت العزاء.
وفي التفاصيل، فإن المتوفى عاجلته المنية في أحد مشافي مدينة طرابلس اللبنانية، وهو رجل مسن فقد اثنين من ولديه خلال الحرب في سوريا، وحمله باقي أهله لدفنه في بلدة “الكواشرة”، وتقدموا بإذن -طلب روتيني عادةً- إلى رئيس البلدية بدفن جثة المتوفى في مقبرة البلدة، إلا مكتب رئيس البلدية أعاد الطلب مع الرفض، وتعلق “هيئة علماء المسلمين” إن الطلب جاء “مع الرفض وبشدة، ويحمل من الغلظة في القول”.
ليذهب القوم بجثمان ميتهم إلى قرية “عمار البيكات”، علماً أن عائلة المتوفى على قرابة بسكان هذه القرية، وكان الظن الحسن بهم ألا يمانعوا بدفن جثة الرجل وهو نسيبهم، ولكن الرفض جاء هذه المرة “أهلياً” عندما رفض سكان القرية الدفن تحت أي مبدأ ورفعوا ذلك إلى التهديد المباشر لأهالي المتوفى، ولسان حال ذوي الفقيد يبكي ما وصلت إليه الأمور من عدم العثور على قبر يضم رفاة رجل كبير في السن وافته المنية، ذنبها ربما أن جنسيته سورية، أو أن ولديه قتلا على مذبح الحرية في أرض الوطن.
ليأتي الفرج أخيراً من وادي خالد، الذين حالما سمع أهله بهذه الأنباء تكفلوا فوراً بدفن المتوفى والخروج في جنازته وقضاء تكاليف ذلك مع تكاليف بيت العزاء عن ذويه، وتم دفنه في قرية “الرامة”، وهذا كان عزاء أهله حقيقةً؛ علماً أن جرت الحادثة الأسبوع الماضي.
المصدر : الإتحاد برس