هكذا ردّت موسكو على أنقرة بعد إسقاط الطائرة سوخوي24


38

المصدر | عبد الوهاب عاصي

“إن الهدف العسكري لـ “قوات سوريا الديمقراطية” هو ربط مدينتي عين العرب – كوباني وعفرين الواقعتين في ريف حلب الشمالي ببعضهما”، بهذا الاقتباس يوضح الناطق الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية “طلال سلو” الغاية التي تتجه نحوها الوحدات الكردية والتي هي عماد تلك القوات. وهو الأمر الذي تعارضه تركيا على الإطلاق والذي لأجله تسعى لإقامة مشروع المنطقة “الآمنة من المخاطر”.

لكن قوات سوريا الديمقراطية على ما يبدو بدأت الخطوات العملية بتنفيذ هدفها هذا، من خلال الاستفادة من انشغال تركيا عن مشروعها؛ بسبب ما أوقعه حادث إسقاط الطائرة الروسية من أزمة دبلوماسية وتصعيد كبير على المستويين الداخلي والخارجي. حيث شهدت الجبهات في ريف حلب الشمالي والغربي عقب حادثة إسقاط الطائرة الروسية تطورات ميدانية مهمة، فحاول ما يعرف بـ “جيش الثوار” أحد مكونات “قوات سوريا الديمقراطية” التي يسيطر عليها الأكراد، قطع خطوط إمداد المعارضة والتي تصل الحدود التركية بمناطق سيطرتها بحلب وريفها الغربي، وطريق الإمداد يتمثل بـ “قرية الشواغرة، مطحنة فيصل، بلدة كشتعار، المالكية، زيارة، تنب، ومريمين”. ويتبادل الطرفان السيطرة عليها.

واللافت أن “جيش الثوار” العامل إلى جانب القوى الكردية، والتي تهدف كما تمت الإشارة إلى وصل كونتون كوباني بعفرين، حينما استولى على خط الإمداد الذي يصل الحدود التركية بحلب وريفها الغربي، جاء ذلك بالتزامن مع إسناد كبير من سلاح الجو الروسي.

وسعت القوات الكردية بالتوازي مع شن “جيش الثوار” لعملياته العسكرية بالقرب من أعزاز إلى قطع طريق إمداد رئيسي آخر للمعارضة من خلال السيطرة على منطقتي الكاستلو والشقيف الاستراتيجيتين، الأمر الذي جعل قوات المعارضة تسارع إلى إعلان هذه المنطقة بالعسكرية.

وتعكس المعارك التي شنتها القوات الكردية، الصراع المحتدم مع تركيا الساعية لمنعهم تحقيق أهدافهم من خلال إقامة منطقة آمنة. ويمكن ملاحظة عزم أنقرة بالشروع إلى الخطى العملية للمنطقة، عبر ما قام به سلاحها الجوي بالاشتراك مع المقاتلات الأمريكية قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية بأيام، بمساعدة قوات المعارضة السورية في السيطرة على قريتي حرجلة ودلحة، تمهيداً لبسط نفوذ المعارضة على المناطق الممتدة من جرابلس إلى أعزاز.

والأرجح، أن دعم روسيا لتقدم القوات الكردية شمال حلب في توقيت يلي حادثة إسقاط طائرتها من قبل سلاح الجو التركي، يأتي كرد على هذه الحادثة، إذ أن أنقرة أبدت خشيتها في أوقات سابقة من قيام روسيا بدعم أكراد سوريا الطامحين إلى عبور الفرات.

وينظر مراقبون إلى هذه المخاوف، بأن أنقرة تجد صعوبة في التعاطي مع الإدارة الأمريكية بخصوص منع القوات الكردية في حلب إقامة كونتون يتم وصله مع الإدارة الذاتية في الشرق، ويظهر هذا العائق ملياً من خلال إصرار تركيا على إقامة جيب جغرافي يحقق هذا الهدف، لا سيما وأنها أخفقت في تحقيق تطلعاتها بالمنطقة “الخالية من المخاطر” التي أعلنت عنها في الأشهر السابقة.

ويبدو أن لدى موسكو خياراً واسعاً في دعم القوى الكردية، لا سيما وأن المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط “ميخائيل بوغدانوف” استقبل في موسكو منذ فترة وجيزة، الرئيسة المشتركة لـ “حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي” آسيا عبد الله، ورئيس إدارة كونتون عين العرب – كوباني “أنور مسلم”.

وينظر المعارض والأكاديمي السوري “عماد الدين الخطيب” إلى مساعي القوات الكردية في سوريا تلقي الدعم سواء من روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، بغية إقامة الكيان الخاص بهم. مشيراً في هذا الصدد إلى أن “المسؤولين عن هذه القوات تناسوا أن إقامة دولة كردية في المنطقة تحتاج إلى توافق إقليمي قبل التوافق الدولي وهذا بعيد المنال رغم الخلاف والعداء القائم بين الدول الإقليمية ولا سيما تركيا وإيران”.

ويضيف الأكاديمي السوري إلى الخطوات التي يعتقد أنها غابت عن القوات الكردية، غياب التوافق الدولي في لقاء قيينا2 والذي أكد على وحدة سوريا”. ومن هذا المنطلق يفسر “الخطيب” الإسناد الروسي للقوات الكردية على أنه رد على أنقرة وموقفها بعد حادثة إسقاط الطائرة سوخوي24، وإصرارها على إعادة الكرة فيما لو تكرر الاختراق لأجوائها من قبل المقاتلات الروسية، وبذلك تسعى موسكو في هذا الرد على منع تركيا من إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري والتي ستقام لا محالة”.


المصدر : الإتحاد برس