ضم أعزاز لكانتون عفرين: بين مساعي الـ pkk والرد الروسي على تركيا


91

المصدر | عبد الوهاب عاصي

بالرغم من إعلان فصائل الثوار عن الاتفاق المزدوج مع “وحدات حماية الشعب الكردية و”جيش الثوار” في مدينة حلب وريفها، والذي يفضي إلى إدارة مشتركة للمناطق المتنازع عليها ووقف إطلاق النار. إلا أن احتمال عودة الطرفين إلى نقطة الصفر والوضع السابق مرجح بشكل كبير، حسبما يرى مراقبون؛ ويرجع ذلك إلى طموحات القوات الكردية الجيوسياسية وتحركاتها الهادفة لوصل مناطق الإدارة الذاتية في الشرق بكانتون عفرين في الغرب، وبالنظر أيضاً إلى عدم حصول انفراج بين تركيا وروسيا على إثر التوتر الأخير بينهما، لا سيما وأن أحد أهم أدوات رد موسكو غالباً ستكون بدعم القوات الكردية التي تهدد الأمن القومي لأنقرة.

وما يرجح اختراق الجانبين للاتفاق الموقع بينهما مؤخراً، هو ما أعلنه فصيل “لواء أحرار سوريا” من استثناء نفسه من أي اتفاق مع القوات الكردية، وبذلك فإن أي استهداف يقوم فيه هذا الفصيل للقوات في مناطق سيطرة هذه القوات وعلى رأسها حي الشيخ مقصود، ربما يدفع إلى استئناف العمليات العسكرية في المناطق التي شملها الاتفاق.

بمعنى ترجيح عودة المعارك إلى قرى (المالكية، كشتعار، تنب، أناب، مريمين، شوارغة، مراش، وزيارة) وهي مناطق تعرضت لحملة عسكرية شنها “جيش الثوار” العامل مع ما يعرف “قوات سوريا الديمقراطية” التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية ypg. دون أي تفسير عن أسباب هذا الهجوم، الذي أتى بالتزامن مع إعلان قوات الأخيرة استهداف من وصفتهم بـ “المرتزقة” في منطقتي الشقيف والكاستلو الاستراتيجيتين اللتين تعتبران خط الإمداد الوحيد للثوار إلى حلب. ما أثار تساؤلات عدة عن دواعي التحرك ومدى ارتباطه بمساعي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومشروعه السياسي في المنطقة الشمالية.

وهذه التحركات أفضت إلى أن يسود اعتقاد بين الأوساط المدنية في أعزاز شمال حلب بأن القوات الكردية تسعى إلى ضم منطقة أعزاز لكانتون عفرين ومن ثم الانتقال لوصله بالإدارة الذاتية الواقعة شرق الفرات، لكن هذه الخطوة تعتبر خطاً أحمراً بالنسبة لأنقرة، إذ أنها لطالما حذرت القوات الكردية من القيام بذلك.

واللافت للنظر أن روسيا كثفت قبل عقد الاتفاق المزدوج بين الجانبين من غاراتها الجوية على مدينة اعزاز ومحيطها، وهو ما فسره مراقبون بأنه غطاء جوية تقوم موسكو بتأمينه للقوات الكردية؛ بهدف تحقيق طموحاتها الجيوسياسية، على اعتبار أن كثافة الغارات، تؤدي إلى ترحيل أكبر عدد من سكان المدينة ومحيطها؛ وبذلك لا يكون هناك أي احتمال لانضمام شعبي إلى الفصائل العاملة في صفوف المعارضة، ما يُمكّن القوات الكردية وحلفائها من تنفيذ هجوم واسع من أطراف ومحيط أعزاز.

ويرى مراقبون أيضاً، بأن الحرب بالوكالة هو أحد أهم الوسائل التي يمكن أن تتبعها روسيا للرد على تركيا، إذ أن تحرك القوات الكردية وحلفائها المصحوب بتغطية نارية روسية، يهدف بالإضافة إلى تحقيق الخطر على الأمن القومي لأنقرة، إلى التشويش على المنطقة الآمنة التي تسعى الأخيرة إلى إعادة إحيائها عملياً، حيث يشير سلوك تركيا مؤخراً إلى جاهزية الشروع بتنفيذ هذه المنطقة بعدما قدمت دعماً جوياً عبر طائراتها لفصائل الثوار باستعادة قرى من يد تنظيم داعش بريف أعزاز.

وتعليقاً على الهجمة الموسعة التي تتعرض لها مدينة أعزاز من الطيران الروسي، قال “عرفان داديخي” وهو أحد أبنائها المتواجدين فيها للوقت الراهن، “للهجة الروسية أكثر من تفسير، فمن باب يمكن اعتبارها ضغطاً على قوات المعارضة التي تحاصر مدينة عفرين من أجل إنهائه عنها، ومن باب آخر يستهدف القصف إخلاء المدينة ومحيطها من السكان من أجل تسهيل الحركة أمام قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وتسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية وقد يكون هناك أسباب أخرى غير مباشرة”.

الداديخي، والذي يشغل حالياً مدير المؤسسة العامة للحبوب الحرة في حلب، ربط في حديث إلى “المصدر” ما أشيع حول قيام المروحيات الروسية بالهبوط لمرات عدة في عفرين، بتجهيز موسكو القوات الكردية عسكرياً ولم يستبعد القيام بإنزال مستشارين لتدريبهم بغرض حملة عسكرية مرتقبة نحو أعزاز”

من جانبه رجح الصحفي السوري المختص بالشأن التركي “عبو حسو” في اتصال مع “المصدر” احتمال “قيام روسيا بالرد على تركيا من خلال زيادة دعم الوحدات الكردية، خصوصاً عبر دفعهم لتنفيذ ما كانوا يهدفون إليه بوصل كانتون الجزيرة مع عفرين وصولاً إلى البحر المتوسط لاحقاً”.

وتوقع “حسو” إقدام تركيا “على عمل عسكري في الفترة القريبة”، مشيراً إلى التجهيزات والتعزيزات الكبيرة على الحدود لا سيما من طرف بوابة السلامة الحدودية. كما أنه عزا التأخر بهذه الخطوة وفق تقديره، إلى “انشغال أنقرة بقتال قوات pkk في المدن الشرقية الجنوبية التركية”.

الناشط الإعلامي “براء الحلبي” بعد توجه “المصدر” لسؤاله في هذا الصدد، يعتقد أن “النظام السوري قد يستغل الضربات الجوي المكثفة لروسيا على المدن الحدودية شمال حلب الهادفة لدعم القوات الكردية، وذلك من خلال تجهيزه لعمل قريب في الريف الشمالي، لا سيما وأن قوات المعارضة مؤخراً أرجعته مرات عدة للوراء”.

ويأتي ذلك، بعد توقعات لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، باحتمال دخول تركيا عسكرياً لحماية الممر الحدودي من طرف مدينة أعزاز في الشمال، بالإضافة إلى إشارته بأنه في حال سقوط معبر السلامة من عدمه “يبقى الهدف الأمريكي – التركي الأكبر حماية ممر مارع – جرابلس من تنظيم الدولة الإسلامية، وأي ممر مستقبلي بين أعزاز وجرابلس إذا سقط ممر أعزاز بيد التنظيم”.


المصدر : الإتحاد برس