ملحق لاتفاق الزبداني يلوح بالأفق: هل تساهم الأمم المتحدة في تفريغ مضايا؟


FB_IMG_1452186432754المصدر | عبد الوهاب عاصي

تعتبر الأمم المتحدة المشرف الأول والرئيسي لتطبيق اتفاق (الزبداني – الفوعة وكفريا)، وعليها ضمان التنفيذ السليم لكافة البنود؛ بموجب الفقرة (16) من الاتفاق. بيد أن الأخيرة لم تقم إلا بتطبيق البنود المتعلقة بوقف إطلاق النار وخروج حاملي السلاح بالشكل المنصوص عليه، حيث أثبت عدم تدخل الأمم المتحدة في فك الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني على مدينة مضايا منذ أشهر للوقت الراهن، عدم الالتفات لتطبيق البند رقم (12) من الاتفاق، والذي ينص على أن “تشمل التهدئة إضافة إلى وقف إطلاق النار، إيقاف الخطوات العدائية كإغلاق الطريق الإنساني إلى الفوعة وكفريا، أو إغلاق منافذ مضايا وبقين وسرغايا”.

واستطاع ناشطون ومتضامنون مع الأهالي في مضايا الخاضعين لحصار شديد من قبل قوات النظام، تأمين شحنات من المساعدات بغية إدخالها إلى المدينة، وهذا الأمر اضطر الأمم المتحدة لأن تكون أمام الأمر الواقع، بيد أن الأخيرة ذهبت إلى تقديم طلب للنظام من أجل الموافقة على دخول قوافل المساعدات، لكن حتى وفي حال قبل النظام إدخال المساعدات، فالمرجح استمراره لحصار المدينة، وفقاً لسياسة متبعة صرح عنها مراراً، وبناءً عليه قد لا يوافق على إدخال مساعدات أكثر من مرة واحدة، وهو الذي رفض عام 2014، إدخال قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى مضايا بالرغم من موافقته المبدئية عليها.

وطالما أن اتفاق الزبداني لم يطبق فيه سوى البندين الأول والثاني، من أصل 25 بنداً، ولا زال سارياً بقبول الأطراف الفاعلة للوقت الراهن بمضامينه، فقد تسعى الأمم المتحدة – غالباً – إلى إعادة تفعيل الاتفاق بعد حادثة مضايا، بيد أن المخاوف من أن يكون تفعيل الاتفاق بعد إضافة ملحق له، يهدف بعد فرض حصار شديد، إلى إخراج الحالات الإنسانية الشديدة، ويضاف إليها إخراج الراغبين من “عوائل المسلحين”؛ طبقاً للبند (21) من الاتفاق، ممن لم يقدموا على مثل هذه الخطوة من قبل.

ويقول الحقوقي السوري “عبد الناصر حوشان”، أن “أغلب الهدن تخضع لشروط تناسب مزاج النظام السوري، وتهدف مضامينها إلى إذعان الأهالي نحو الاستسلام”. مشيراً أن “النظام يترك أمر مراقبة وتنفيذ هذه الهدن إلى ميليشيا حزب الله، نسور الزوبعة، اللجان الشعبية (الشبيحة)، والفصائل الإيرانية الشيعية، التي تقوم بحصار المدن المهادنة – التي من ضمنها مضايا – والتحكم بأقوات وأرزاق الناس وتجويعهم؛ بهدف الحصول على المال والضغط على الأهالي في المدن الحساسة جغرافياً لتركها ومغادرتها كما حدث في الزبداني وحمص وبعض قرى ريف حمص الشمالي، التي تم استبدال أهلها الأصليين بأناس من مدن أخرى تتبع طوائف أخرى، وهو مؤشر تغيير ديمغرافي ممنهج.

يؤكد “حوشان” أن قرار مجلس الأمن رقم 2139 الصادر في شباط 2014، كان أخطر قرار يمرّ على الثورة السورية؛ حيث نص في إحدى فقراته على “دعم الأمم المتحدة للهدن القائمة وتشجيع الأطراف على عقد هدن أخرى للوصول إلى هدنة عامة وشاملة”؛ إذ أن النظام استغل هذه الفقرة لفرض شروطه المجحفة بحق الأهالي وهي شروط استسلام تحمل في طياتها من خلال التنفيذ بعداً طائفياً من خلال التغيير الديموغرافي للمدن السورية. ويعزز ذلك دور الأمم المتحدة الذي ينحصر بالرقابة والإشراف وليس في صياغة هذه الهدن وإنصاف المدنيين، وهذا الأمر جعل النظام هو الطرف الأقوى في هذه المعادلة؛ حيث فرض على المجتمع المدني هدنة الزبداني التي فضحت نواياه الخبيثة، وهنا لا يمكن تفسير عجز الأمم المتحدة إلا بالتواطؤ مع النظام السوري.

وأرجع “حوشان” ما وصفه بتواطؤ الأمم المتحدة، إلى عدم تطبيق المنظمة الدولية فقرات القرار رقم 2139 الخامسة والسادسة والسابعة، التي تفرض على النظام رفع الحصار عن المدن المحاصرة والسماح بدخول المواد الأساسية وحماية المدنيين، بيد أن الأمم المتحدة لم تكتفِ بالتقاعس عن أداء دورها، بل لم تحاسب النظام على جريمة الحصار وسياسة التجويع والعقاب الجماعي المحرمة دولياً والتي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكلات الملحقة والقانون الدولي الإنساني. كما أن الأمم المتحدة بذلك تساهم وترعى سياسة النظام في إخراج الناس من مدنهم وعدم تقديم أي عونٍ للمدن المحاصرة لرفع الحصار عنها، لذا فإن ما يجري بمضايا لا يخرج عن هذا السياق، ومن المرجح أن تعيد الأمم المتحدة جريمة هدنة الزبداني بإضافة ملحق لها خاص بمضايا.


المصدر : الإتحاد برس