حتى نفهم لماذا تصر إيران وحزب الله على تفريغ الزبداني وبقين ومضايا؟


unnamed
المصدر | عبد الوهاب عاصي

ألمح الكاتب والمعارض السوري “محمد ناصر العربي”، إلى ابتعاد روسيا، في الآونة الأخيرة، عن أيّة مشاركة عسكرية في مناطق “داريا، معضمية الشام، وادي بردى، الزبداني، القلمون الغربي، وصولاً إلى القصير، مشيراً، أنه وبعد تجاوز عتبة 1000 يوم للعدوان الروسي على سوريا، يتضح أن موسكو انكفأت في توجيه عملياتها العسكرية بدعم القوات الكردية، ودعم النظام في معارك الضغط على الأطراف؛ مثلما يجري في الغوطة الشرقية وغيرها. وأرجع ذلك إلى إصرار إيران بالسيطرة على الشريط الممتد من جبل الشيخ والشيخ مسكين إلى جنوب دمشق والغوطة الغربية وحتى وادي بردى والزبداني والقلمون الغربي إلى القصير وتل كلخ.

وجاءت تصريحات “ناصر العربي” في حوار أجرته معه شبكة “المصدر”، حيث أكد أنه لم يبق من مناطق الشريط السابق خارج سيطرتهم إلا الشيخ مسكين، بعدما فشلوا للحظة بالاستيلاء عليها رغم الإسناد الروسي، وأما بقية المدن فهي تقع تحت ما يعرف بـ “المصالحات الوطنية” والتي تقوم إيران باتباع سياسة معينة تجاهها، فمنها ما تعمل على إخضاعها لسياسات التهجير عبر الحصار والتجويع، ومنها لا يعمل على تهجير سكانها مثل قدسيا والهامة؛ لأسباب عدة منها أنها لا تقع ضمن خطة إعادة الهندسة الديمغرافية، مشيراً في هذا الصدد أن المرحلة المقبلة يرجح أن تشمل مناطق لبنانية أصبحت عقبة بوجه هذا الشريط مثل عرسال، التي من المفترض أن تشهد أيضاً عمليات تهجير ممنهج بذرائع عدة.

مذكراً في هذا الشأن، بما اتبعته منذ وقت مضى، ميليشيا حزب الله في توطين الشيعة بقرى القصير وتهجير سكانها الأصليين منها، والآن يمكن ملاحظة أن “الجبال المحيطة بالزبداني ومضايا وبقين من جهة لبنان تعج بالقواعد الإيرانية ومستودعات حزب الله من فترة ما قبل الثورة، إضافة لكون جميع القرى المحاذية لتلك المدن من الجهة اللبنانية هي قرى شيعية موالية لحزب الله بالكامل، وبالتالي يبدو أن إيران مصرة عبر سياسة الحصار والتجويع – التي تجري تحت إشراف الأمم المتحدة وبعلمها – إلى تفريغ هذه المناطق أيضاً من سكانها الأصليين، في رسم واضح لديمغرافية سوريا المفيدة”.

واعتبر “ناصر العربي” أن عملية التهجير تتم بشكل ناعم جداً، إذ أن المرحلة الأولى تم فيها إخراج ثوار الزبداني وأهاليهم، أما بقية الأهالي ويقارب عددهم 15 ألفاً فقد خرجوا نحو مضايا حصراً كما ينص الاتفاق، مشيراً أنه بعد انتهاء هذه المرحلة بدأ تشديد الحصار على مضايا، إذ تم استلام مواقع النظام حول المدينة من قبل ميليشيا حزب الله بعد انسحاب قواته خلال المفاوضات، وقد ذكر ثوار الزبداني ومضايا هذا الأمر، وحذروا من خطورته.

ورغم هذا الواقع، استدرك المعارض السوري قوله السابق بتأكيده أنه “من الصعوبة بمكان اقتحام مضايا مهما زُجّ عليها من قوات وتم قصفها؛ فهي تختلف عن الزبداني التي تعتبر منطقة مكشوفة ومتعددة المداخل، بعكس مضايا التي تقع متوسطة لسفح جبلي وعر، فلا يمكن النزول من أعلى الجبل إلى مضايا؛ للوعورة الشديدة، ولا من أسفل الجبل إليها؛ وذلك أيضا للوعورة”، لافتاً إلى “وجود مدخلين فقط ضيقين، وهذين يسهل التحكم فيهما من قبل أهالي مضايا؛ حيث أن عدة عناصر بإمكانهم إيقاف لواء دبابات ومشاة واصطيادهم بكل سهولة، وفعلاً قد حدث ذلك ببداية الثورة عندما حاول النظام وحزب الله، اقتحام مضايا عدة مرات وفشلوا ومنيوا بخسائر فادحة؛ فعلى مداخل مضايا تم تدمير أولى دبابات تـ 72، لكن الثوار بنفس الوقت لا يستطيعون التقدم لما بعد ذلك لانكشافهم، كما يستطيع أهل مضايا الثوار أن يتحكموا بالسهل وبالجبال التي يتمركز فيها الإيرانيون وحزب، إن توفرت لديهم أسلحة يصل مداها لـ 3 كم لأقل تقدير؛ كون مناطق الإيرانيين تقع على الجهة المقابلة للجبل الذي تقع عليه مضايا ويفصل بينهما سهل واسع مفتوح ومكشوف لكلا الطرفين، وبالتالي لم بجد حزب الله والإيرانيون من وسيلة للحفاظ على معسكراتهم إلا بممارسة سياسة الحصار والتجويع لإجبار الأهالي على الرحيل.

وأبدى المعارض السوري أسفه، من اشتغال حركة أحرار الشام وجبهة النصرة بإفراغ الفوعة وكفريا من سكانهم المحليين بشكل تدريجي؛ لأن ذلك يعزز من سياسة إيران الديمغرافية، لافتاً في نفس الوقت، أنه “مما تجدر الإشارة إليه هو أن أحرار الشام لم يكن لها أي تواجد بمضايا وبقين إلى ما قبل 6 أشهر وفجأة ظهر 150 عنصراً من احرار الشام، وفي هذا الوقت اشتدت معاركهم مع النظام رغم ان مضايا كانت في هدنة مجبرين عليها لصعوبة موقفهم الجغرافي وعدم امتلاكهم اسلحة تمنحهم ورقة التأثير على الايرانيين وحزب الله”، متسائلاً في هذا الشأن عن كيفية دخول عناصر أحرار الشام لمدينة مضايا التي كانت محاصرة بذلك الوقت، وكذلك عن سبب عدم انتقالهم إلى الزبداني عند بدء المعارك فيها”.


المصدر : الإتحاد برس