رفع العقوبات الغربية عن إيران بين الأمن الخليجي ومكاسب بشار الأسد
17 يناير، 2016
- الاتحاد برس | عبد الوهاب عاصي
على ما يبدو أن الشروع في تخفيف العقوبات الغربية على إيران، سيمنحها مكاسب اقتصادية وسياسية تدعم ما حققته من نفوذ في المنطقة وخارجها، هذا عدى عن التعافي الذي سيحققه اقتصادها المحلي، على الرغم من المساعي الحثيثة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية بهدف تقويض إيران سياسياً واقتصادياً منذ الإعلان عن عملية عاصفة الحزم العسكرية، لحين تأجيج الخلافات الدبلوماسية بين الطرفين على خلفية حرق السفارة السعودية في طهران.
- الأمن الخليجي وخيارات دول مجلس التعاون:
بمجرد الإعلان يوم أمس السبت، عن رفع العقوبات بشكل جزئي عن إيران، التي من المتوقع أن تحصل فيها الحكومة الإيرانية في المرحلة الأولى على مبالغ تتراوح بين 30 – 56 مليار دولار؛ وفقاً لأحد مسؤولي البنك المركزي الإيراني، ومع أنه لن يتم رفع العقوبات عن كامل المبالغ المجمدة التي تتراوح بين 150 – 180 مليار دولار. فإن ذلك سيدفع إيران إلى إنفاق جزء منها على برامج البنية الأساسية لشركات التي يسيطر عليها الحرس الجمهوري، إضافة إلى تحصيل الأخير على عقود تسليح من شتى الدول وعلى رأسهم روسيا. وهذا الأمر يخلق توجساً لدى مجلس التعاون الخليجي كون قوة إيران العسكرية ستزداد. بيد أن هذه الدول باتت تستشعر مدى الوقوف الغربي إلى جانب طهران، لا سيما وأن الولايات المتحدة الأمريكي أخلت بشروط الاتفاق النووي حينما قامت إيران بالقيام بتجارب على صواريخ بالستية بعيدة الأمد.
وقد لا تنفع خطوات مجلس التعاون في الحد من توسع النفوذ الإيراني عقب رفع العقوبات ولو بشكل جزئي عنها. فعلى سبيل المثال، كان هناك بادرة سعودية لإلحاق أكبر ضرر باقتصاد طهران عبر اتباع سياسة نفطية تدعم انخفاض سعر الأخير، بهدف تعديل الموازنة التي وضعتها إيران على اعتبار سعر 100 دولار، لكن عدى عن عجز الموازنات أيضاً التي لحقت بدول مجلس التعاون المقدرة بـ 180 مليار دولار، فإن طهران عمدت منذ أشهر قليلة إلى اعتماد سياسة نفطية جديدة تتلخص بتخفيض الإيرادات من قطاع النفط بما يتناسب مع وصول برميل النفط إلى أدنى من 30 دولار، حيث جعلت اعتمادها فقط على 33% فقط؛ بعدما كانت تعتمد على 43%. بينما تعتمد دول الخليج من 70 – 80% على إيرادات النفط. ويأتي هذا التعديل من قبل إيران، بسبب يقينها بأن العوائد النفطية حتى بعد رفع الحظر لن تسد موازنتها إلا على المدى البعيد.
وفي حال استمرت المملكة العربية السعودية بخلافها مع طهران، فإن أي حديث عن تفاهم على تخفيض حصة كل طرف داخل أوبك سيكون مستحيلاً، لا سيما وأن إيران أصلاً كانت تعتبر السعودية قد استولت على حصتها في ظل فرض العقوبات عليها، وهذا يعني استمرار لانخفاض سعر النفط، وبالتالي فإن الضرر سيكون عاماً على الطرفين، لكن بشكل أكبر على دول مجلس التعاون؛ خصوصاً مع تحذيرات صندوق النقد الدولي أعلن عنها في تقرير له صدر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأن دول الخليج وعلى رأسها السعودية ستستهلك احتياطاتها النقدية خلال 5 سنوات إذا استقرت أسعار النفط عند مستوى 50 دولاراً. وتقدر الاحتياطات المالية السعودية بنحو 700 مليار دولار، تم استهلاك 70 مليار دولار منها خلال فترة ستة أشهر العام الماضي.
ويظهر فيما سبق، أن سياسة فتح العلاقات مع الأسرة الدولية التي تتبعها إدارة حسن روحاني، لم ترق لمجلس التعاون الخليجي على الإطلاق، فإزالة العقوبات الاقتصادية سيكون عاملاً جديداً ضاغطاً على الأمن القومي، لا سيما وأن طهران قد تذهب لزيادة مخصصاتها لحلفائها في المنطقة العربية (نظام بشار الأسد في سوريا، جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن، حزب الله في لبنان، وغيرها) وجميعهم يهددون الامن القومي لدول مجلس التعاون. وبناءً عليه، فإن الأخيرة أمام خيارين، فإما أن تواجه حكومة روحاني والمرحلة الجديدة التي تستوعب إزالة العقوبات عن طهران. أو أن تستوعب وتتفاعل مع إيران، فغالباً إن إثارة أي موضوع حول سياسة طهران الجديدة يمكن أن يضر الأمن الإقليمي.
- بشار الأسد الفائز الحقيقي:
من المعلوم أن الاقتصاد السوري، يعاني منذ أربع سنوات على التوالي من انهيار كبير، ولولا الدعم الذي تقدمه طهران لكان ذلك سيكون دافعاً رئيسياً لسقوط سلطة النظام السوري، وتخفيف حدة العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني ولو بشكل تدريجي، سيجعل إيران على أغلب الظن تخصص جزءاً إضافياً لما كانت تقدمه عما قبل والبالغ نحو 6 مليارات سنوياً.
وسياسة إدارة روحاني الهادفة إلى الانفتاح على الأسرة الدولية، جعلها الضامن الإقليمي لأي اتفاق يتم التوصل إليه لتسوية الأزمة في سوريا، وتساندها روسيا باعتبارها الضامن الدولي، وهذا الأمر بات واضحاً لا سيما بعد دعوة إيران لحضور مباحثات فيينا بين المجموعة الدولية.
ومن المرجح أن تكون خطة الحل التي قدمتها لقاءات فيينا، قد اعتمدت على خطة للحل في سوريا قدمتها إيران ولاقت ترحيباً دولياً لا سيما من واشنطن، وتقوم على إيرانية تقوم على وقف إطلاق نار إنساني في سوريا، يتبعه تشكيل حكومة مؤقتة تشمل النظام السوري والمعارضة، وعندما تستقر الأوضاع يتنحى “الأسد” ويفتح الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. ويلاحظ التشابه الشديد بين هذه البنود وبنود اتفاق فيينا، التي ظل فيها أمر تنحي الأسد عائقاً.
وكان موقع “ديلي بيست الأمريكي” في وقت مضى، أشار إلى الأسد نال جراء الاتفاق النووي مع إيران استمرار تمويل ودعم نظامه المنهار عسكرياً، فضلًا عن أن طهران ستتمكن من الحصول على المزيد من الصواريخ والأسلحة والذخيرة، لا سيما إرسال المزيد من المليشيات لدعم النظام في سوريا. وينوه الموقع إلى أن إيران قدمت مساعدات إلى نظام الأسد تبلغ ستة مليارات دولار سنوياً لمساعدته على البقاء، لذا من المتوقع زيادة المساعدات الإيرانية بعد رفع العقوبات الاقتصادية.