‘ريم الأتاسي: سوريون في المنفى 3’
8 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
أيها السوري ماذا حزمت معك في حقيبة الرحيل؟! ..
يتساءلون، والأغرب بأن السوري وكأنه نسي!
هل كنا يوماً متطرفين، أو هل كنا حقاً أولئك الناس الذين وكأنهم قادمون من العصر الحجري؟ّّ! .. إذاً لماذا نسكت ونختلق ما لم يكن موجوداً، نحن لسنا بحاجة إلى من يشفق علينا، نحن هربنا من الحرب لأجل أن نحيا بسلام، ولم يكن يوماً في المذلة سلام.
نحن لم نكن يوماً جهل، نحن جئنا هاربين من مقاعد الدراسة، جئنا ونحن نحمل شهادات وخبرات والأهم نحمل عقول، فلماذا نتصنع الجهل، إلا اللهم إن كان أحدنا جاهلاً فلماذا التعميم، لماذا تشوهون صورتنا أمام من كان سبباً في حربنا .. أنا لا أصدق بأن أي دولة أوروبية بريئة من دم السوريين، والدليل هو استقبالنا على أراضيهم.
أخبرهم بما أتيت به، أخبرهم بما تؤمن حقاً به، كن إنساناً مبدأياً فمن العار أن نلصق باسم سوريا المزيد من الأسماء التي تطيح بها، أخبرهم بأننا أتينا من جوامع تنادي بالأخلاق مع كل آذان، وكنائس ترفع السلام مع كل ترنيمة، أخبرهم بأنك لست إرهابي لمجرد أنك تسجد أوقات الصلاة، ولست متطرفاً باعتقادك .. أخبرهم بما علمتك به حضارة تلك الدولة العظيمة، أخبرهم بأننا كنا نملك الحواسيب ونشاهد التلفاز، بأن الأغاني لم تكن يوماً مجهولة، وأننا كنا نشاهد الأفلام ..
من أين يأتي اعتقادهم بأن السوري هو كائن بربري مخيف، الجواب يكمن في تصرفات البعض، أولئك الذين يخرجون إلى الشوارع إما يستهجنون كل شيء كأنهم يرونه للمرة الأولى، أو يتصرفون بطريقة توحي كأنما جئنا من دولة همجية مازالت تستقبل الرسائل عن طريق الحمام الزاجل.
ولتغير هذا المعتقد عليك يا عزيزي السوري أن تجيبهم حقاً بما جئت به في حقيبتك، أن تتوقف عن كونك خائفاً من الكلام وكأن الكلام سيخنقك، توقف عن التعجب والاندهاش من مظاهر كنت تعيش فيها واليوم عندما تراها تفتح ثغرك، تشبث برأيك .. بذاتك بكل شيء يذكرك بأنك من دولة حضارية، فلم يكن العيب يوماً لا في الدولة ولا في الدين، كان العيب دوماً فينا، واذا اردت أن تنسلخ عن ماضيك، فانسلخ عنه لأنك لم تكن مقتنعاً فيه، وليس لأنك تريد ألا يربطوك فيه، سوريا لم تكن يوماً عاراً على أحد، ولن نسمح بعد اليوم لأحد أن يجعل اسمها عار علينا..
إلى كل سوري يعتقد أنه لا يتحلى بالأخلاق التي عرفت بها أرضه، ويعتقد بأنه يعاني من زهايمر التاريخ، فلا تعرف نفسك بكونك سورياً وتودي بنا جميعاً إلى تلك البقعة التي يسلطون عليها الضوء ليتهمونا بالرجعية والجهل والتحرش وسوء المعاملة.
أيها السوري .. سوريا بحاجة إلى من يتحمل عاقبة الانتماء إلى حضارتها فلا تظلم البقية لمجرد كونك أتيت بلا أخلاق من سوريا!!
ولتحيا سوريا .. أرض الأخلاق وأرض السلام.