التحولات الإقليمية في شرق الأوسط وخوف النظام الإيراني


 
زهير احمد
قال خامنئي خلال استقباله قادة القوة الجوية للجيش في 8 شباط: «أبرز خطط التصدي للنظام الإسلامي تتمثل البوم في الحرب الناعمة لتجريد النظام والشعب الإيراني من أي عنصر من عناصر القوة. وإذا تجرد أي شعب من عناصر القوة یعني استسلامه، وإذا ضعف الشعب فلن تکون هناک حاجة الي شن حرب خشنة ضده… السبيل الوحيد لمواجهة هکذا وضع مرعب هو حمایه وصيانة الفکر الثوری فی التطبیق والسلوک والتوجهات والضوابط والقوانین».
في الحقيقة باتت قنوات نظام الملالي التلفازية ووسائل الاعلام التابعة له هذه الأيام تعكس أجواء مليئة بالخوف الذي يساور قادة وبيادق النظام من تحولات المنطقة.
كما قال الحرسي شمخاني أمين المجلس الأعلى لأمن النظام في تلفاز النظام يوم 9 شباط : «احياء الثورة يكمن في تشييع شهداء الحرم ولو لم يكن هؤلاء، لكانت طهراننا غير آمنة وهمداننا وأهوازنا غير آمنتين… سننفذ كل ما بوسعنا في التعامل مع الدول الاقليمية وخارج الاقليم الداعمة للارهاب وفي مختلف المجالات».
الحرسي فيروزآبادي رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة للنظام هو الآخر قال في 9 فبراير «نرى رفع صوت السعودية لارسال قوة برية الى سوريا ومع الأسف فان وزير الدفاع الأمريكي كارتر الذي هو المحرض لآل السعود على الحرب يدعم ذلك».
موقع أنصار حزب الله الحكومي كتب في 9 شباط يقول: «دفاع مقدس آخر… كل الأدلة والشهود تؤكد أن الجمهورية الاسلامية هي من الأهداف المحورية لهذه الجبهة المثيرة للأزمة في المنطقة».
السؤال المطروح لماذا جعلت التحولات في المنطقة النظام هكذا متخبطا وفزعا بحيث اندفع كل قادة قوات الحرس الى الخروج الى الساحة؟ ما معنى ورسالة هذا الخوف المتناسق والعام؟
يجب أن نعلم أولا أن الحرب في سوريا هي في الوقت الحاضر أهم وأخطر موضوع في المنطقة وأصبح موضوعا دولية لأسباب واعتبارات مختلفة. لأنه علاوة على ابادة أكثر من 300 آلف من الشعب السوري هناك عدة ملايين متشردين تدفقوا الى اوروبا والدول الأخرى وهذه المسألة تصبح معضلة لدى الكثير من الدول شاءوا أم أبوا.
ثانيا الكل يعلم أن النظام الفاشي الديني الحاكم في إيران هو الذي فرض هذه الأزمة وأوصلها الى هذا الحد من الحدة. لأنه لو لم يكن دعم هذا النظام الشامل لبشار الأسد لكان هذا الديكتاتور المجرم قد سقط قبل سنوات ولما تحمل الشعب السوري كل هذه المحن والويلات.
ان التحولات الأخيرة تنم عن قرار اتخذته السعودية وتركيا والتحالف الاقليمي في الدخول عسكريا في المعادلة وبما أن الوضع في سوريا يهدد أمن هذه الدول، فهذه الدول جادة في هذا الموضوع والنظام الايراني قد لمس هذه الجدية خاصة من العربية السعودية مرات ولذلك يعلم أنه يجب عليه ألا يعتبر اعلان قرارهم أمرا دعائيا وبروباكندا، لاسيما أن أمريكا هي قد دعمت هذا القرار ويبدو أن أمريكا قد تولت تعهدات بهذا المجال خلال زيارة وزير الخارجية السعودي الأخيرة لواشنطن. هذه التطورات كلها تسببت في اثارة الخوف لدى نظام الملالي.
السؤال الآخر هو هل لهذا التناغم المشترك من الخوف استهلاك فئوي وانتخابي ومحلي أيضا؟
وبما أن الصراع على الانتخابات هو أهم موضوع ساخن لكلتا الزمرتين، نعم هذه المسألة تلقي بظلالها على جميع القضايا الأخرى شاءوا أم أبوا وطبعا كلتا الزمرتين تسعى الاستفادة من كل عامل ومن هذه الأزمة لصالحها ضد الزمرة المتنافسة. وهذا ما نلاحظه في مقالات الصحافة التابعة لزمرة خامنئي وتقول صحيفة رسالة في عددها الصادر يوم 9 شباط نقلا عن أحد عناصر هذه الزمرة «فوز المنبهرين بالغرب في الانتخابات هو سحق دماء شهداء المدافعين عن الحرم».
ولكن قادة زمرة رفسنجاني وروحاني ورجال مثل شمخاني الذي يلعبون على حبلين يظهرون بملامح أكثر تحمسا في التشدق بالدفاع عن «شهداء الحرم» وأصبحوا يزايدون زمرة خامنئي وهذا يعكس خوف وذعر النظام برمته.
وقال الملا روحاني في كلمته في لقاء تكريم المعنيين في المفاوضات النووية يوم 8 شباط «لو لم تصن قواتنا المسلحة أمن هذا البلد، ولو لم يصمد قادتنا الأشاوس في بغداد وسامراء والفلوجة والرمادي و. ولو لا يساعدون الحكومة السورية في دمشق وحلب ولو لم تكن شجاعة الجيش وقوات الحرس والتعبئة وقوى الأمن الداخلي، لما كنا نحظى بأمن يمكننا من خوض المفاوضات هكذا جيدا».
من جهة أخرى يسعى النظام وبالتحديد زمرة الولي الفقيه لإشاعة أجواء حربية في البلد من خلال تشييع جنائز قتلى سوريا – حيث كان قبل ذلك يخفي الأمر – حتى يمرر في ظل هذه الأجواء سياسة القمع والكبت وسياسة الانكماش. ولكن لابد ألا ننسى أن هذه الحالات من الاستغلال هي قضية فرعية لأن وضع النظام يختلف أيما اختلاف عن حاله في الحرب الخيانة مع العراق. في ذلك الحين كان خميني يستطيع أن يخدع شرائح تحت عنوان الدفاع المقدس لجرهم الى جبهات الحرب بينما في الوقت الحاضر النظام لا يستطيع تضليل حتى عناصره تحت يافطة الدفاع عن الحرم وشهداء الحرم وأمثالها بحيث رفعت همسات الاحتجاج لماذا علينا أن نقاتل في سوريا وندفع ضحايا… ويضطر خامنئي الى الظهور في الميدان ليقول لولا نقاتل في سوريا وحلب فعلينا أن نقاتل في كرمانشاه وهمدان وغيرها من المحافظات.
ملخص الكلام أن النظام خائف ومذعور برمته وتلقى من هذه التحولات رسالة خطر جدي ووشيك. وسبب الفزع هو واضح لأن حاله متخبط ومتشتت جدا وهو يواجه مجتمعا في حالة الانفجار لا يحتمل دخول حرب شاملة أخر

المركز الصحفي السوري