سميح صعب يكتب: “التدخل البري” فات أوانه



سميح صعب

ربما كانت الدول الداعمة للمعارضة السورية تراهن عند انطلاق الحملة الجوية الروسية في سوريا على فشل هذه الحملة وعدم تحقيقها غايتها، لكن الذي حصل ان روسيا تمكنت في غضون أربعة أشهر من “قلب الاوضاع” الميدانية في سوريا على حدّ وصف وزير الخارجية سيرغي لافروف.

وهذا الانقلاب الميداني الذي يهدد بانهيار فصائل المعارضة المدعومة من تركيا والسعودية وقطر، هو ما يدفع دول الخليج الى سلوك “التدخل البري” في سوريا سبيلاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المعارضة ومواصلة الحرب التي سقفها الادنى بالنسبة الى هذه الدول اسقاط النظام.
والولايات المتحدة التي كان رئيسها باراك أوباما قد قال إن التدخل الروسي محكوم عليه بالفشل، ترى نفسها اليوم في مواجهة خيارات محدودة أمام تراجعات المعارضة وانتقال النظام من حال الدفاع الى حال الهجوم من حلب شمالاً الى درعا جنوباً. وقبل ثلاثة أشهر لم تكن واشنطن ترى ان هذا السيناريو ممكن التحقيق بعد التراجعات الواضحة للجيش السوري على أكثر من جبهة معظم عام 2015 .
وتركت المعارضة السورية في شباط 2015 مفاوضات “جنيف 2” لأنها كانت ترى نفسها أقرب الى الحسم العسكري وانها ليست في حاجة الى حل سياسي للوصول الى دمشق. أما في كانون الثاني 2016، فإن المعارضة نفسها غادرت “جنيف 3” لأنها ترى ان النظام يمتلك اليد العليا في الميدان.
المعارضة السورية وداعموها من الغرب والعرب يحاولون اليوم تجرع نتائج التدخل الجوي الروسي في سوريا لأن خياراتهم محدودة. فلا التسليم بالهزيمة ممكن من وجهة نظرهم بعد كل هذا العداء الذي ناصبوه للنظام مدى خمسة اعوام، تماماً مثل اعتماد خيار الهروب الى الامام من طريق اللجوء الى “التدخل البري” تحت شعار محاربة “داعش”، بينما الهدف هو إلغاء مفاعيل التدخل الروسي والعودة بعقربي الساعة الى الوراء.
ولعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو أكثر من يدرك محدودية الخيارات فيلجأ الى اتهام الولايات المتحدة من قبيل عتب الحليف على الحليف بأنها “اغرقت المنطقة بالدماء” وهو لا يرى اليوم عدواً سوى أكراد تركيا وأكراد سوريا. وكان اردوغان يقول ضمناً لواشنطن ان عدم تدخلها منذ بداية الازمة في سوريا وانشاء مناطق “حظر طيران” هو الذي أدى الى افراز الهزائم وفشل مشروع اسقاط النظام في سوريا.
والسؤال الكبير هو لماذا أصابت الهمة الولايات المتحدة اليوم لتصعيد حملتها العسكرية على “داعش” ودعوة الائتلاف الجوي الى التحول ائتلافاً برياً بقيادتها وبمشاركة دول اسلامية؟ انه ببساطة نجاح روسيا في تغيير موازين القوى داخل سوريا.

المصدر: النهار

أخبار سوريا ميكرو سيريا