مواقع التواصل الاجتماعي….بين الضرورة والإدمان


ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة بتعزيز دور الإعلام الثوري وإبراز دوره في نقل الوقائع والحقائق دون تزييف بعد أن حاول النظام السوري قطع جميع وسائل الاتصالات عن المناطق التي تخرج عن سيطرته لتعتيم وإخفاء الممارسات القمعية بحق المواطنين .
شردت الحرب في سوريا أكثر من نصف سكانها بين نازحين توجهوا لمناطق أكثر أمنا في الداخل السوري، ولاجئين في دول الجوار، فكانت مواقع التواصل الاجتماعي نافذة للسوريين يطلون من خلالها على العالم ووسيلة للتواصل مع الأهل والأصدقاء بعد أن تقطعت أوصالهم فباتوا متفرقين كل منهم بمكان ليجتمعوا في العالم الافتراضي ويتناقلون أخبار بعضهم ويتعرفون على آخر التطورات والمستجدات.
وكانت شبكات النت الفضائي في المناطق المحررة بديلا عن انقطاع الاتصالات، حيث يقضي السوريون معظم وقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام هواتفهم الذكية لمعرفة آخر الأخبار الميدانية والسياسية، وذلك لعدم متابعتهم قنوات الأخبار بسبب انعدام الكهرباء فيها.
فقد أصبح العالم الافتراضي أو مايسمى “العالم الرقمي” جزءا أساسيا من الحياة اليومية، وبحسب موقع الإحصاءات statista.com”” فإن عدد مستخدمي موقع “فيسبوك” النشطين شهريا بلغ 1,55 مليار مستخدم، و303 مليون مستخدم لموقع تويتر، و400 مليون مستخدم لموقع أنستغرام، في جميع أنحاء العالم.
لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي للدردشة وتناقل الأخبار فحسب، بل كانت منبرا أمام البعض وباب رزق للبعض الآخر، فقد قامت الفنانة التشكيلية السورية “ريم يسوف” بإقامة معرض للوحاتها الفنية في العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، ولعل مايميز هذه المعارض أنها تقدم بطريقة متواضعة وبسيطة، بالإضافة لتحرير الفنانين والفن من الشروط التي تفرضها صالات العرض، أما سلبياتها فتكمن في انعدام معايير تحدد مستوى العمل الجيد أو الرديء.
لايمكننا إنكار دور شبكات التواصل الاجتماعي الإيجابي في حياة الناس، إلا أن سلبياتها في الفترة الأخيرة قد تخطت الحدود، فالعلاقات الشخصية والزيارات الاجتماعية والجلسات العائلية انحسرت لتكون في العالم الافتراضي فقط مفتقرة للواقعية وللمشاعر الحقيقية.
” إذا بدي أعرف جارتي شو طابخة بفتح عصفحتا عالفيسبوك”، حيث أصبحت تلك المواقع وسيلة لنشر تفاصيل الحياة اليومية لتصل أحيانا لدرجة السذاجة والبعد عن الواقع وإضاعة الوقت بما لا ينفع، بالإضافة لانشغال الآباء والأمهات لساعات وساعات في التصفح، وبذلك يكون الأطفال المتضرر الأكبر بانشغال ذويهم عنهم وعدم إعطائهم حقهم الكامل من الرعاية والاهتمام مما يسبب لهم مشاكل نفسية واجتماعية على المدى البعيد.
رغم الحاجة الماسة لمواقع التواصل الاجتماعي ولفائدتها وميزاتها الكثيرة والتي تقرب كل بعيد وتجمع الأشخاص ببعضهم أيا كان موقعهم في كل زمان ومكان، إلا أن سوء استخدامها والإدمان في التعامل مع برامجها بشكل غير هادف ومجد قد يسبب خللا في مجتمعاتها، بينما يجد فيها البعض وسيلة للهرب من الواقع مما يسبب لهم الانطواء وغيرها من المشكلات النفسية.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد


المركز الصحفي السوري