في المناطق المحررة من درعا.. “حلف” تجار الأزمات والنظام السوري


2fcd07ddacc8485981679d10

تزامناً مع المعارك الأخيرة في محافظة درعا، وما نتج عنها من تحولات ميدانية، شهدت المحافظة بجميع مناطقها انحساراً كبيراً لدخول المواد الاستهلاكية والمشتقات النفطية من محافظتي دمشق والسويداء، الممولين الرئيسين بالمواد إلى المناطق المحررة من سلطة النظام، ما أدى إلى ارتفاع كبير بأسعار السلع وفقدان بعضها من الأسواق، زاد عليها الاقتتال الداخلي في بعض المناطق، الأمر الذي فاقم  الوضع الاقتصادي وزاد الطين بلة.

وأكد سامر، وهو أحد  التجار الناقلين للبضائع بين المناطق، “أن الأسواق التي كانت قائمة في مدينة ابطع، الممول الرئيسي لبعض المناطق في المنطقة الشمالية والغربية، أُغلقت بسبب الأعمال العسكرية في مدينة الشيخ مسكين، وما تعرضت له مدينة ابطع من استهداف من قبل الطيران الحربي الروسي ومن القوات التابعة للنظام ومرتزقته”، لافتاً إلى أن بعض المحال التجارية دمرت بما فيها من بضائع, وأن خسائر التجار في المدينة بالغة جداً.

وأضاف أن المدينة باتت شبه خالية بعد أن تعرضت للبراميل المتفجرة والصواريخ، حيث هرب سكانها إلى مناطق أخرى آمنة.

وقال سامر إن “أسعار بعض المواد في درعا ارتفعت بشكل غير مسبوق وهو ما لم يحدث منذ انطلاقة الثورة قبل نحو خمس سنوات، وذلك تزامناً مع ارتفاع الدولار الذي وصل إلى أكثر من 420 ليرة سورية، الأمر الذي ألقى  بظلاله على حركة الأسواق لضيق ذات اليد، وضعف القوة الشرائية لليرة السورية”.

ويقول أحمد العثمان، مدرس، “وصلنا إلى حافة الهاوية ولم يعد الراتب يكفي لعدة أيام، مادام كل شيء أصبح مرتبطاً بالدولار”، لافتاً إلى أن راتبه الشهري والذي يقدر بنحو 70 دولاراً يشتري نحو 30 طبق بيض وهو ما لم يحدث من قبل حسب قوله.

وعبر العثمان عن استغرابه لهذا الارتفاع في الأسعار، داعياً إلى إيجاد جهات رقابية في المناطق المحررة، تضبط عمليات البيع والشراء وحركة الأسواق، وتحد من تحكم تجار الأزمات بقوت العباد، لافتاً إلى أن أسعار المواد تُرفع محلياً، وكل بائع يضع أسعاراً كما يحلو له، إذ نجد في السوق الواحد والمنطقة الواحدة تفاوتاً كبيراً في الأسعار، وكل جانب يحمّل الموزع المسؤولية عن ذلك.

من جهته، حمّل عدنان، بائع غاز، تجار الجملة المسؤولية عن رفع كثير من أسعار المواد، وقال “ما أن سرت إشاعات في المحافظة حول توجهات قوات النظام والمرتزقة للقيام بحملات عسكرية جديدة، بعد الشيخ مسكين، حتى سارع التجار إلى احتكار البضائع والإعلان عن فقدانها رغم وجودها في مستودعاتهم، وذلك بهدف رفع أسعارها مباشرة”، لافتاً إلى أن اسطوانة الغاز ومجرد أن سرت الإشاعات حول اقتحام وشيك متوقع لبلدة اليادودة، ارتفعت أكثر من 750 ليرة سورية من 4200 ليرة سورية إلى نحو 5 آلاف ليرة سورية، فيما ارتفعت المشتقات النفطية كالمازوت والبنزين بنسب تفاوتت بين 15 و 20 بالمائة للتر الواحد.

وأشار عمر، وهو تاجر مواشي، إلى أن “أسعار المواشي ارتفعت في المناطق المحررة بشكل كبير، ما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم لاسيما البقر والعجل، لعدم توفر الماشية بسبب عمليات التهريب الكبيرة والواسعة خلال الأعوام السابقة من عمر الثورة، وانحسار تربيتها لعدم رغبة المربين الذين بدأوا يخشون تعرضها للخطر من استهداف قوات النظام التي باتت لا ترحم حجراً ولا ضرعاً ولا بشراً”، لافتاً إلى أن سعر البقرة الحلوب وصل إلى حدود مليون ليرة سورية، ولم يعد لحم العجل إن توفر، ذو جدوى اقتصادية، لارتفاع سعره وعدم قدرة المواطنين على الشراء، مضيفاً أن لحم الغنم ارتفع من 2200 ليرة سورية إلى 2600 ليرة خلال فترة أسبوع واحد، فيما وصل لحم العجل إلى 3500 ليرة سورية في المنطقة الغربية والتي تشهد بعض الاستقرار مقارنة بالمناطق القريبة من نقاط التماس مع قوات النظام.

رأفت، تاجر مواد استهلاكية، قال “كنا نذهب إلى القرى الشرقية صيدا ونصيب وابطع وغيرها من المناطق القريبة من محافظة السويداء، عبر طرق غير نظامية وطويلة، ولكن توقفنا عن السفر على هذه الطرق مع تصاعد العمليات العسكرية والقصف الروسي للمناطق الشرقية ما أدى إلى قلة استجرار المواد وارتفاع أسعارها”، لافتاً إلى أن بعض المحال التجارية في المنطقة الغربية أصبحت شبه فارغة من المواد الاستهلاكية، أضف إلى ذلك أن حواجز قوات النظام بين درعا ودمشق بدأت تشدد الخناق على المواد الداخلة إلى محافظة درعا، وتتهم  التجار بنقلها للثوار ما عرضهم للاعتقال، رغم دفعهم مبالغ كبيرة كرشوات وإتاوات لتمرير بعض المواد، ولاسيما الأدوية وقطع الغيار لبعض الآلات الزراعية والكهربائية.

مصدر في محافظة درعا الحرة أكد أنه في الوضع الحالي لا يمكن إيجاد جهات رقابية، لأن الأمر يحتاج إلى جهات تنفيذية لفرض الأنظمة والقوانين، فيما لو حصلت مخالفات، وهذه الجهات يصعب تشكيلها لأن الأمر يحتاج إلى مرجعية قانونية متفق عليها، والفصائل المسلحة على الأرض ما زالت غير موحدة وكل واحدة تمارس دورها في مناطق نفوذها ما سيصعب الأمر إذا لم تقم هي طواعية بذلك ورغبت  بممارسة دورها الرقابي.

واقع مرير وانفلات من العقال تعيشه الأسواق في محافظة درعا، التي تتحكم فيها ثلة من المتربحين والخاسر الأكبر دائماً هو المواطن الذي لا يملك من أمره لا حول له ولا قوة، فهل تصدى أحد لنصرته أمام هذا التغول الفاحش لكبار التجار؟

 

عمر الشيخ محمد – خاص – اقتصاد

في المناطق المحررة من درعا.. “حلف” تجار الأزمات والنظام السوري المصدر.


المصدر : الإتحاد برس