ريم الأتاسي: سوريون في المنفى 5


” على الشعب أن يتخلى عن خوفه قبل أن يطالب بالحرية.” كتبت أمس على صفحتي الشخصية في facebook، لم تأت هذه العبارة من عبث، لم تكن إلا اقتباس من واقع مرير يعيشه السوريون داخل وخارج سوريا، فمازلنا حتى هذه اللحظة نرتاب من ذكر مفردات، حتى من البوح بـأشياء ليس لها أي أهمية في المنفى، ومازلنا نعتقد بأننا مراقبون من قبل المخابرات وبأن “للحيطان أدنين” و .. إلخ!

هل كانت هذه السياسة المتبعة في سوريا صارمة لهذا الحد، لدرجة أنها كالحكم هناك يتناقل بالوراثة، خرجنا لنطالب بالحرية وهربنا إلى دول الحرية لكننا مع الأسف ما نزال نخاف من تطبيق الكلمة رغم خفتها على اللسان إلا أن لوقعها هدوء مخيف ..

الحرية مسؤولية .. وأنا أقف تماماً مع هذا القول، في حين أرى أنه من الحماقة أن تعتقد أن مفهوم الحرية هو مفهوم شخصي يتعلق بطبيعة اللباس والممارسات وبكلمة ممارسات لا أقصد الناحية الجنسية وحسب بل أعمم كل نشاط يتعلق بالجسد والطبيعة الإنسانية ..

أنت حر .. كلمة كانت تمثل نوعاً من التوعد أو درء المصائب في سوريا، أما هنا في أرض المنفى فتعني انطلق واكتشف ذاتك، عبر عن رأيك فالكلام “ليس عليه جمرك” كمايقولون، ومع هذا مازلنا حتى هذه اللحظة نمارس الحرية إلا بالتعبير، نكتم ونتكتم ونسر ونختبئ في أي موضوع يمت للسياسة أو الدين بصلة ..

منبع الخوف تاريخي والتشبث به أمر بات شبه محتوم حيث أنه حتى في منازلنا الحرية مطوقة، وبينما سيجده الجيل القادم من حرية في الخارج وكبت في الداخل ستعود العجلة لتدور ونعود إلى حيث كنا، علينا أن نتخلص من مخاوفنا ثم نبدأ بالتعامل مع أنفسنا بحرية.

الحرية التي لا تفرض عليك أن تؤمن بالضرورة بكل ما يقوله لك الآخرون أو بالأحرى أن تتخلى مثلاً عن معتقداتك الدينية لأن المجتمع حيث تعيش ملحد، وهذه ظاهرة منتشرة كثيراً بين الشباب هنا في المنفى، حيث بين ليلة وضحاها تجد أحد أصدقائك وقد تحول من أحد الأديان إلى ملحد علماً أن الإلحاد لا يعني فقط نفي صورة الله أو وجوده فالإلحاد أيدولوجية متكاملة من مبادئ ومناظرات ومحاور.

لهذا يا عزيزي السوري عليك أن تتخلى عن خوفك قبل أن تطالب بالحرية، عليك أن تؤمن بالحرية قبل أن تتبجح بها، الحرية مفهوم عميق إن لم تتعلمه في بلادك فعلمه لأولادك .. هنا أرض الحرية مقولة ليست صحيحة 100% لكن دعونا نثتثمر ما يدعونه حرية أو يقدمونه لنا بالأحرى بشكل يجعلنا نبدو أكثر انفتاحاً ومنطقية .. فلا أعتقد أن انتماءك لدين معين هو تقيد للحرية وكذلك الأمر فيما يتعلق بحياتك الشخصية.

أنا في المنفى لأنني ذات يوم طالبت في الحرية .. وأنت أيها السوري كذلك فأعطتني حريتي وخذ حريتك ولنعش بحريتهم المزعومة التي حرمنا منها في بلادنا منذ نعومة أظفارنا، دعونا عندما نعود إلى البلاد نعود وقد دافعنا عن قضية ونلنا شرف الانتصار بها على أنفسنا قبل أن ننتصر فيها على الأنظمة.