من المناطق المجمدة إلى وقف الأعمال العدائية
26 فبراير، 2016
المصدر | عبد الوهاب عاصي
يبدو أن المناطق التي يشملها قرار وقف العمليات العدائية في سوريا؛ بحسب الخارطة التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية، لا تتعدى بعض الأحياء السكنية والقرى التي لا تشكل للنظام السوري في المرحلة الراهنة أيّة أهمية استراتيجية؛ فالخارطة الروسية ظللت باللون الأزرق المناطق التي ستخرج عن بنك أهدافها الجوية، باعتبارها خالية من وجود جبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية التي تتبع لها وفقاً لتصنيف موسكو؛ مثلما توضح الخارطة التالية:
ويظهر أن روسيا تريد أن تحول المناطق التي ستطبق عليها القرار المتفق عليه في مؤتمر ميونخ الأخير مع المجموعة الدولية لدعم سوريا، إلى خالية من النزاع، وهذا يشبه إلى حد بعيد خطة “المناطق المجمدة” التي حاول المبعوث الأممي إلى سوريا “ستيفان دي مستورا” تطبيقها في حلب؛ والتي تقوم على إنشاء “مناطق “خالية من النزاع” تبدأ في مدينة حلب وتنتقل إلى عموم الأراضي السورية؛ وتهدف إلى دفع العملية السياسية للأمام.
وبالتالي أعادت موسكو بإدراجها اصطلاح “وقف الأعمال القتالية” بعد رفضها تطبيق وقف إطلاق النار الشامل المنصوص عليه ضمن القرار 2254، طرح مفاهيم خطة تجميد القتال، لكن بتغير المسمى فقط وتوسيع نطاقها. فعبارة تجميد القتال التي لا يوجد تعريف لها في القانون الدولي ترتبط بثلاثة مفاهيم متباينة، لا يعبر أحدها عن الآخر (العسكري، المدني، السياسي)؛ حيث ينص المفهوم العسكري لخطة دي مستورا في ذلك الحين، على وقف الأعمال العسكرية أو الحربية، وذلك إما بوقف الاشتباكات أو بإخراج الأسلحة الثقيلة، وخروج القوى المسلحة – جزئياً أو كلياً – من الأحياء والأماكن التي يشملها تجميد القتال. وهذا المفهوم يطابق تماماً خطة وقف الأعمال العدائية بمضمونها ونطاقها الجغرافي.
وقد فوض 97 فصيلاً عسكرياً الهيئة السورية العليا للمفاوضات كي تتحدث بالنيابة عنهم أمام المجتمع الدولي؛ بعد موافقتهم على الهدنة الجزئية (وقف الأعمال العدائية)، على عكس الفصائل العسكرية والكيانات المدنية والسياسية التي رفضت خطة تجميد القتال مسبقاً في حلب، وحول هذا الأمر قال الحقوقي السوري “عبد الناصر حوشان”، إن مؤتمر الرياض دفع الفصائل إلى التهافت لإعلان موافقتها على مقرراته؛ تجنباً لاتهامها لاحقاً بالإرهاب، وهذا جرى على حساب ثوابت الثورة، إذ أنه من المتوقع أن يكون هناك إجماع عدد كبير من الفصائل بالموافقة على الهدنة طالما أن الهيئة العليا التي خرج بها مؤتمر الرياض قد وافقت على مضامينها، وهذا الأمر هو تسليم تام لزمام الثورة لروسيا من بوابة الحل السلمي.
وأكد “حوشان” أن خارطة الحل السياسي الروسية – الإيرانية، جاءت بدعم من دي مستورا، وتم صياغة أسسها العريضة في مؤتمر فيينا الأول بعد أن وافقت واشنطن عليها، وكانت أولى نتائج هذه الخطة هو الالتفاف على مقررات جنيف، ومن تم نسف مبادئ جنيف تماماً، حيث تم تبني ما جاء في فيينا بعد صدور قرار مجلس الأمن بالإجماع رقم 2254.
وكون المعارضة السورية دخلت هذه اللعبة من بوابة مؤتمر الرياض، باتت وفقاً لاعتبار الحقوقي السوري ملزمة قانونياً بتنفيذ الخطة الروسية – الإيرانية (مقررات فيينا)، وبالتالي فإن أي تفسير لأي مصطلح قانوني يعود لروسيا التي وضعت أسس الخطة؛ وهذا يعني أنها هي التي ستحدد مناطق وجود الجماعات المستهدفة من خلال حقها الممنوح لها بموجب قرار مجلس الأمن وهي من سيحدد الجماعات المستهدفة.
واعتبر “حوشان” أن الهدف الحقيقي من وراء الهدنة هي سعي الروس لإعادة سهل الغاب وريف حماه وادلب إلى النظام، فيما تبقى المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة) خارج العملية لأنها عملية خاسرة بالنسبة لهم، وبالنسبة للحقوقي السوري، فإنه يرى احتمال حصول توافق بين فصائل النصرة وجند الأقصى مع تنظيم الدولة، وهذا سيغير المعادلة التي رسمتها روسيا؛ ملمحاً إلى ما حصل مؤخراً في خناصر، إذ استطاعت هذه الفصائل قطع طريق إمداد النظام عن حلب شمال سوريا.
من المناطق المجمدة إلى وقف الأعمال العدائية المصدر.
المصدر : الإتحاد برس