جبلة : أحد خزانات النظام البشرية.. عداد الموت يتسارع و20 قتيلا خلال يومين في ريف جبلة


يكاد لا يمر يوم على قرى منطقة جبلة بريف اللاذقية دون أن تشيع أحد أبنائه ممن يقتلون في صفوف قوات النظام وميليشياته المختلفة على امتداد جبهات القتال والمعارك التي تخوضها تلك القوات مع الثوار.

وتعج صفحات الأخبار الموالية في مدينة “جبلة” وريفها على مواقع التواصل الاجتماعي يوميا بعشرات المنشورات التي تنعي بها عسكريين وضباطا وميليشياويين ينتمون إلى القرى الموالية التي انخرط غالبية أبنائها وتطوعوا للقتال في صفوف قوات النظام وميليشياته منذ اليوم الأول للثورة تحت تسميات مختلفة بدأت بـ”اللجان الشعبية” وتطورت حتى تم تشكيل ميليشيات “الدفاع الوطني” و”درع الساحل” و”صقور الصحراء” و”مغاوير البحر” وغيرها.

ويعتبر ريف جبلة الموالي واحدا من أهم الخزانات البشرية لجيش النظام وأجهزته المخابراتية وميليشياته.

ضمن هذا السياق نعت الصفحات الموالية للنظام في مدينة جبلة وشيع عدد من القرى في ريفها خلال اليومين الماضيين أكثر من 20 قتيلا من ضباط وجنود وعناصر ميليشياوية من أبنائها الذين قتلوا في صفوف قوات النظام خلال معاركه الدائرة مع الثوار في ريف اللاذقية ودمشق وتنظيم “الدولة” في ريف حلب، الأمر الذي يؤكد اعتماد النظام بشكل أساسي ورئيسي على هذا الخزان البشري.

وعزت الناشطة “هنادي زحلوط” ازدياد عدد قتلى عناصر النظام في المنطقة إلى احتدام المعارك في ريف اللاذقية.

وقالت لـ”زمان الوصل” إن النظام يصور الحرب هناك على أنها حرب ضد العلويين فيما يقصف الطيران الروسي ريف اللاذقية، مؤكدة أن “الخزان البشري من الشبان العلويين كما من بقية الطوائف شارف على النفاذ وأصبح جيش النظام أضعف القوى على الأرض فيما تشكل ميليشيا مثل الدفاع الوطني قوة تتفوق بسلوكها على جيش النظام”.

وتوضح “زحلوط” أن اقتياد الشباب على الحواجز الأمنية مرغمين، إحدى طرق جيش النظام في إجبار أبناء ريف جبلة على الالتحاق بالجيش.

ودللت على ذلك متشهدة بأن “أعداد الذين يساقون لخدمة العلم هذه السنة تفوقها خلال السنوات السابقة، ما دفع معظم الشبان ممن هم على أبواب التخرج الجامعي إلى تفضيل الرسوب لسنوات على الخدمة الإلزامية”.

وأضافت أن بعض الشباب هرب إلى تركيا وبعضهم الآخر لم يجد سبيلا سوى الفرار الداخلي.

وتعتبر الناشطة “إن النظام كان يعتمد على مدينة طرطوس المعروفة بولائها المطلق للنظام، مقارنة باللاذقية التي تتمتع بتنوع سياسي مقبول. وحاليا يتم الاستعاضة عن ذلك بريف جبلة”.

وتتابع “أعتقد أن ذلك الخزان البشري آيل للنفاذ بسبب كثرة عدد القتلى، حيث تجد أكثر من قتيل في العائلة الواحدة”.

وتضيف أن “الأمهات لا يجدن لأبنائهن مصيرا مختلفا عن القتل أو الأسر وهو ما لوحظ أثناء المظاهرات المطالبة بفك الحصار عن مطار كويرس وسواه، فالناس في ريف جبلة باتوا يعون أن أولادهم حطب لنار مستعرة”.

أما بالنسبة للعناصر الميليشياوية من أبناء ريف جبلة الموالي المنضويين في صفوف ميليشيات “الدفاع الوطني” أو “صقور الصحراء” و”درع الساحل” و”مغاوير البحر”، فإن سكانا محليين يصفون المنتسبين لها بأنهم بالأساس “مرتزقة” لطالما اعتادوا على أعمال التهريب والابتزاز والتشليح قبل الثورة.

وأضافوا أن عناصر الميليشيات لم يحظوا على مستوى تعليم مناسب ومن هذه الزاوية يتخذون من البعد الطائفي ذريعة لزيادة أعمالهم الإجرامية.

ويرى ناشط معارض من مدينة جبلة، فضل عدم ذكر اسمه، أن سبب زيادة قتلى عناصر ميليشيات النظام من ريف جبلة إلى أن جيش النظام في طريقه للانقراض، مؤكدا أن ذلك “ما دفع النظام إلى الاستعانة بـأبناء الطائفة العلوية في ريف جبلة الموالي وغيره من قرى الساحل لتعويض الاستنزاف والانشقاق الذي تعرض له جيشه”.

وأردف بأن “الكثير من شبان ريف جبلة الموالي دُفعوا إلى الالتحاق والتطوع بالقوات والميليشيات الموالية له دون تدريب عسكري مدروس وافتقار لأساليب القتال التي يتبعها الثوار وفي مناطق لا يعرفون طبيعتها الجغرافية، فكان ذلك عاملا وسببا رئيسيا في زيادة عدد القتلى”.

وكشف الناشط أن النظام استخدم “الطائفية والثأر” لزج عدد كبير من فتيان ريف جبلة الموالي ثأرا لإخوانهم وأقربائهم الذين قتلوا على أيدي الثوار على مختلف جبهات القتال.

ويضيف الناشط المعارض بأنه على الرغم من من وجود الميليشيات الشيعية المختلفة ودخول القوات الروسية معترك الحرب السورية إلا أن عدد القتلى من أبناء ريف جبلة الموالي وعداد الموت في قراه يسير بسرعة، مؤكدا أن الروس لن يدفعوا جنودهم إلى المقدمة على الأرض ولهم الجو والبحر.

ويعتبر ريف مدينة جبلة الذي يسكنه عشرات الآلاف من الموالين للنظام مسقط رأس الكثير من رموز النظام في سوريا منذ عهد الأسد الأب، حيث ينحدر منه أبرز القادة العسكريين والأمنيين من جنرالات الحرب والسياسة الذين كان لهم دور بارز في تثبيت حكم نظام الأسد الأب والقضاء على معارضيه.

ومنهم على سبيل المثال اللواء “علي حيدر” قائد الوحدات الخاصة وأحد الأسماء المتهمة بالمسؤولية عن ارتكاب مجزرة حماة عام 1982. والعميد “هاشم معلا” مرتكب مجزرة حي “المشارقة” في حلب، واللواء “رفيق شحادة” رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. واللواء “جامع جامع” الذي قتل في دير الزور، إضافة إلى العقيد “سهيل الحسن” رأس حربة قوات النظام في العديد من المعارك مع الثوار وتنظيم “الدولة”.

المصدر: زمان الوصل