هيئة حكم انتقالي أولوية المعارضة السورية في جنيف
8 مارس، 2016
يسجل تضارب كبير في تصريحات مسؤولي الهيئة العليا للمفاوضات السورية حيال المشاركة في مفاوضات جنيف مع النظام السوري، ففيما يشير المنسق العام للهيئة رياض حجاب إلى أنهم سيحسمون أمر المشاركة خلال أيام، فإن المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا يؤكد أنه تم الاتفاق على المشاركة وأن وفدهم سيغادر الجمعة المقبل إلى جنيف.
ويربط محللون هذا التضارب والتناقض بوجود أزمة داخلية حقيقية داخل الهيئة المشكّلة في ديسمبر الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، جراء ممارسة بعض الأطراف الخارجية لضغوط كبيرة عليهم حيال الأمر.
وهناك تخوف فعلي داخل المعارضة السورية من حصول التفاف على مطالبهم التي نص عليها اتفاق جنيف الأول والثاني خاصة في ما يتعلق بتشكيل هيئة حكم انتقالي.
وأوضح رياض حجاب أنهم يحتاجون إلى ظروف مواتية قبل استئناف المحادثات، مشددا على أن تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يجب أن يكون على رأس جدول أعمال محادثات جنيف.
وأكد المنسق العام لهيئة المفاوضات السورية أنه “على بشار الأسد أن يغادر سوريا في بداية العملية الانتقالية، وأن يمثل أمام العدالة الدولية ويحاسب على ارتكاب جرائم حرب”.
وليس هذا فقط ما يؤرق المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد من هذه المفاوضات المنتظر انطلاقتها في العاشر من الشهر الجاري، فهناك مسألة حيوية وهي طبيعة النظام المستقبلي لسوريا.
وتعالت في الفترة الأخيرة أصوات مسؤولين روس يتحدثون عن إمكانية تطبيق نظام فدرالي في سوريا، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، مؤخرا، أن موسكو تأمل في أن يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية.
واعتبر ريابكوف أن على السوريين وضع معايير محددة للهيكلة السياسية لسوريا المستقبل، تعتمد على الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، بما في ذلك إمكانية إنشاء جمهورية فيدرالية.
ويتقاطع هذا الموقف الروسي المستجد مع تلميحات أميركية تفيد بتبنيها هذا الخيار، متخذين نماذج من نجاح هكذا نظام في بعض البلدان المتقدمة ومنها الولايات المتحدة.
وترى المعارضة السياسية السورية أن هذه الخطوة هي في حقيقة الأمر تمهيد لتقسيم سوريا، مشددين على أن هذا النموذج لا يمكن بأي حال أن ينجح في ظل دولة تتنازعها الطائفية والعرقية.
وانتقد المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الاقتراح الروسي بشأن سوريا اتحادية في المستقبل، ووصفه بـ”غير مقبول على الإطلاق”.
وهناك عدة مآخذ أخرى للمعارضة بخصوص مسار الأمور في الملف السوري، بما يجعلها مترددة حيال المشاركة في المفاوضات. ولعل من بين هذه المآخذ استمرار خرق الهدنة في أكثر من منطقة وجبهة سورية معنية باتفاق وقف الأعمال العدائية على غرار إدلب وحلب.
وقال منسق المعارضة السورية إن القوات الحكومية السورية المدعومة بضربات جوية روسية ارتكبت مذبحة بحق العشرات من المدنيين في محافظة إدلب الاثنين في إطار انتهاكات لهدنة مدتها أسبوعان.
وشدد حجاب على أن أحداث المعارك إلى جانب الاعتقالات التي تنفذها القوات الحكومية تدفع المعارضة إلى النظر في جدوى حضور محادثات السلام في جنيف.
ويرى متابعون أنه بغض النظر عن احتجاجات المعارضة السورية واحترازاتها، فإن الأطراف الدولية الفاعلة (موسكو وواشنطن) لن تتوانى عن الضغط عليها للموافقة والمشاركة في محادثات هذا الأسبوع.
يذكر أن الهيئة كانت قد توجهت إلى جنيف خلال الجولة السابقة في نهاية يناير نتيجة ضغوط كبيرة مورست عليها لا سيما من الولايات المتحدة الداعمة للمعارضة السورية.
ولم تنطلق المفاوضات عمليا في تلك الجولة، إذ تمسكت المعارضة بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وتلت تلك الجولة حملة كثيفة من الاتصالات الدبلوماسية التي انتهت بالإعلان الروسي الأميركي عن اتفاق لوقف الأعمال القتالية تلقى في وقت لاحق الدعم الكامل من مجلس الأمن.
وتبدي كل من موسكو وواشنطن حرصا كبيرا على الدفع بالعملية السياسية قدما. واعتبر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الحل السياسي هو “الطريق الوحيد” لوضع حد للعنف في سوريا، مقرا في الوقت نفسه بصعوبة التوصل إليه.
وقال بايدن لصحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية الصادرة بالإنكليزية “بقدر ما هو أمر صعب، علينا أن نواصل السعي للوصول إلى تسوية سياسية”.
وأضاف “نعمل حاليا لإعادة نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة إلى طاولة المفاوضات، لأنه في نهاية المطاف لم يتغير الهدف. الحل السياسي بين الأطراف المتنازعة هو الطريق الوحيد لإنهاء العنف ومنح الشعب السوري الفرصة لإعادة بناء بلده”. وتتمسك المعارضة ودول إقليمية داعمة لها بأن لا حل سياسيا في سوريا في ظل بقاء الأسد.
وكرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، السبت، من باريس ضرورة رحيل الرئيس السوري مع بدء المرحلة الانتقالية. وكان المسؤول السعودي قال الشهر الماضي إن “على الأسد أن يرحل أكان بحل سياسي أو عسكري”.
إلا أن بايدن استبعد، الاثنين، أي حل عسكري للنزاع المستمر منذ خمسة أعوام، مضيفا “يجب أن يكون ذلك واضحا للجميع”.
وبدأت الأمم المتحدة، الاثنين، توزيع دعوات المشاركة في محادثات جنيف، وقد تلقت الحكومة السورية دعوة، وفق مصدر سوري قريب من الوفد الرسمي المفاوض.
العرب