الاتفاق الأوروبي التركي.. هل يترك اللاجئين بلا حماية؟


شكك مسؤول كبير في الأمم المتحدة بشرعية الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه تركيا والاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، والذي يقضي بإعادة اللاجئين السوريين “غير الشرعيين” إلى تركيا مقابل محفزات اقتصادية وسياسية تعهد بها الأوروبيون لفائدة أنقرة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين فيليبو غراندي إن الصفقة “متسرعة” وستترك اللاجئين السوريين بلا حماية، وعرضة لخطر إعادتهم إلى منطقة الحرب في سوريا.
وكان الأوروبيون قد استبقوا الاتفاق بخطوات تمهيدية تجعل من تنفيذه أمرا ممكنا عمليا، فأعلنت دول البلقان إغلاق حدودها بشكل نهائي في وجه المهاجرين، بينما قررت اليونان أن تركيا دولة “آمنة”، وهو ما يكفي لشرعنة إعادة طالبي اللجوء إليها وفق القانون الدولي.
صفقة قاتمة
صادقت تركيا على اتفاقية جنيف للاجئين عام 1951 بشروط زمنية وجغرافية تمنح بمقتضاها حق اللجوء للقادمين من الدول الأوروبية فقط، أما القادمون من غيرها فيتم منحهم الحماية المؤقتة، وهو ما انطبق على السوريين وفق قرار أصدرته السلطة التشريعية في البلاد ودخل حيز التنفيذ يوم 22أكتوبر/تشرين الأول 2014.

وتُمنح الحماية المؤقتة لمدة عام قانونيا تُجدد بعدها ما دامت أسباب وجودها قائمة، ويُعطى الشخص الحاصل عليها الحق في الإقامة والتعليم والخدمات الصحية، بينما تمنعه من المطالبة بحق التجنّس والمعونات الاجتماعية، مما دعا مئات الآلاف من السوريين إلى مغادرة تركيا في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر أملاً في مستقبل أكثر استقراراً في أوروبا.
مدير منظمة العفو الدولية في أوروبا جون دالهاوزن رأى أنها “صفقة قاتمة”، وأضاف “إذا تم تطبيق هذا الإجراء بمعناه المطلق، فإن عدد اللاجئين في أوروبا سيعتمد على عدد اللاجئين الذين هم على استعداد للمخاطرة بحياتهم من خلال وسائل أخرى”.
وهذا ما ذهب إليه أيضاً مدير مركز الدراسات المتوسطية عبد الرحمن مطر حيث توقع أن يقود الاتفاق إلى مزيد من إغراق المهاجرين في البحار، مثلما حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة عند محاولة منع هؤلاء من عبور المتوسط. كما أنه يفتح مجالات وآفاقاً جديدة أمام استغلال تجار البشر.
من جهته يقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل للجزيرة نت “إن اتفاقية حقوق اللاجئين لا تجيز للدول أن تعيد طالب لجوء أو ملتمساً لحماية وصل إلى أراضيها”.
وأضاف “لما كانت اليونان جزءاً من الفضاء الأوروبي فإن وصول اللاجئ إلى أراضيها يمنحه الحق في طلب اللجوء فيها وفي كافة دول الاتحاد الأوروبي”.
خرق جسيم
في ضوء ذلك يرى قرنفل الاتفاق خرقاً جسيماً لاتفاق جنيف وملحقاته بخصوص اللاجئين، معتبراً أنه يمثل “غلبة المصالح” على الحقوق.
وفي السياق نفسه اعتبر عبد الرحمن مطر الاتفاقية الأوروبية التركية فعلاً سياسياً صرفاً ينجز لصالح الطرفين التركي والأوروبي في سياق معركة طويلة يخوضها الطرفان بشأن انضمام أنقرة إلى الاتحاد، معتقداً بفشل الاتفاق وعدم عودته بالفائدة على أي من الأطراف بشكل جدي نتيجة المشكلات التي ستنتج عند تطبيقه.

ويبدو القول متطابقاً مع الواقع الذي تشهده الشواطئ التركية التي لم تكفّ أعين المهربين عن مراقبة غفلة حراسها لتسيير مركب جديد في رحلة موت تقلّ فوجاً جديداً من الباحثين عن حياة ممكنة غير عابئين بالسفن الحربية التي أعلنت دول أوروبية عن إرسالها لمراقبة بحر إيجه وإعادة اللاجئين من هناك، وتهديدهم باستقدام غيرهم بشكل شرعي وفق ما نص عليه الاتفاق الأخير فيما سمي “واحد مقابل واحد”.
هذه النقطة من الاتفاق لم يقدم لها طرفا الاتفاق شرحاً وافياً ولم تتبيّن آليات تنفيذها سوى أن دول أوروبا ستأخذ لاجئاً سورياً واحداً من تركيا بشكل شرعي مقابل كل لاجئ غير شرعي تقبل أنقرة بإعادته إليها.
وفي التفسير استعاد السوريون تصريحات قادة ومسؤولين أوروبيين، فبعضهم عبّر علانية عن استعداد بلاده لاستقبال المسيحيين فقط، بينما تحدث آخرون عن ضرورة حماية الشواذ جنسي،. كما بدا البعض الآخر أميل إلى استقدام “الأقليات المضطهدة”، فقرروا مرة أخرى أن يركبوا البحر وأن يرموا الاتفاق فيه.
المصدر : الجزيرة