كسرتا قاعدة من “التخت عاليخت”.. سوريتان تزاحمان السماسرة في سوق التهريب


يبدو أن سوق التهريب في مدينة إزمير التركية لم يعد حكراً على الرجال فحسب، بل بات يشمل النساء أيضاً، في ساحة بصمنة المعروفة هناك لم يعد غريباً رؤية هبة وشقيقتها وفاء على إحدى طاولات مطعم السندباد الشهير، بينما تناقشان الزبائن على أسعار الرحلات عبر قوارب الموت، فعملهما الجديد كـ”سمسارتي” تهريب ساهم في جعلهما أشهر من نار على علم بين أوساط المهاجرين والمهرّبين.

 

حلب.. تركيا

 

alakhtanalmhrbtan

كانت البداية حين نزحت الأختان من مدينة حلب السورية، وذلك بعد مقتل والديهما العام الماضي في أحد أيام القصف، لم تجدا حلاً أفضل من بداية حياة جديدة في أوروبا.

تقول هبة ابنة الـ29 عاماً لـ”هافينغتون بوست عربي”: “بعد وفاة والدينا لم يبق لدينا أي شيء في سوريا، تركنا عملنا في مجال الخياطة، قررتُ ووفاء جمع ما يكفي من المال؛ كي نتمكن من سلوك طريق التهريب البحري عبر البلم (الهجرة غير الشرعية) إلى اليونان، كان كل ما نريده هو بيت آمن، وبالفعل توجهنا إلى تركيا أواخر العام الماضي 2015، حيث اتفقنا مع أحد المهربين في مدينة إزمير”.

لم تسلم الأختان من عمليات النصب والاحتيال التي طالت كثيراً من المهاجرين على يد بعض المهربين في المدينة، فعدم وضعهما المال في مكتب تأمين أدى إلى خسارتهما الرحلة و2000 دولار أميركي.

 

من التخت عاليخت!

 

وبما أن خيار العودة إلى سوريا مُلغى بالنسبة إليهما، آثرتا المحاولة من جديد مع ما تبقى لديهما من مال قليل، توجهتا إلى مهرِّب يدعى “أبوالنور”، بعد أن سمعتا عن إمكانية مساعدته لنساء سوريات، إلا أن آمالهما تحطمت عندما حاول استغلالهما جنسياً، في غرفته بأحد فنادق إزمير الفارهة.

حينها عرفت الشقيقتان المعنى الحقيقي لعبارة “من التخت عاليخت” الشائعة في سوق التهريب، لكن رفضهما القاطع لها كان سبباً في تخليهما عن فكرة اللجوء بشكل مؤقت.

تقول وفاء ابنة الـ34 عاماً: “كان أهون عليّ أن أعمل كسمسارة تهريب، من أن أضطر لبيع جسدي، فيما بعد جهدنا في البحث عن عمل، لمعاودة جمع المال، إلا أننا لم نفلح، وفي أحد الأيام وعن طريق المصادفة عرض علينا أحد المعارف أن نقوم بتأمين 10 زبائن لرحلة تهريب، مقابل أن نصل مجاناً لليونان، وهكذا كانت البداية، فقد زاد عدد الزبائن يوماً بعد يوم وأصبحنا نتقاضى 100 دولار عن كل زبون، وبتنا نزاحم الرجال على عمل التهريب”.

 

ألفان دولار أسبوعياً

 

مع انتعاش أعمالهما، أجَّلت الشقيقتان أي أحلام بالدراسة والعمل في أوروبا، واعتزمتا الخوض في مهنة ذكورية بحتة وغير قانونية، وواصلت أرباحهما بالازدياد حتى تجاوزت 2000 دولار أسبوعياً.

وسنحت الفرصة لهما عدة مرات في بلوغ شواطئ اليونان، لكنهما فضلتا البقاء لأسباب مادية – على حد قولهما – واستمرتا في أعمال التهريب مدة 3 أشهر.

تتابع هبة: “كان الزبائن يثقون بنا كنساء أكثر من بقية السماسرة الرجال، والحمد لله أننا لم نكذب أو نسرق أي أحد، خلال هذه الفترة ساعدنا البعض من السوريات على العبور مجاناً إلى اليونان، وكان يعنينا ألا تتعرض واحدة منهم لمحاولات الاستغلال والتحرش التي كدنا نتعرض لها، لم نسلم أيضاً من بعض الانتقادات اللاذعة بفعل عملنا، لكننا جربنا عدم الاكتراث بها”.

 

أحلام

 

تشير هبة ووفاء إلى عدم غرق أية رحلة من الرحلات التي قامتا بتنظيمها، وتحكيان محاولاتهما الدائمة تجنب المعاملة السيئة التي كان يمارسها مهربون بحق مهاجرين، إلا أن تغير مجريات الأحداث، والحديث عن اتفاق أوروبي – تركي مبدئي يقضي بإعادة المهاجرين عبر البحر إلى تركيا، زاد من خوفهما ألا تتمكنا من تحقيق حلم الوصول إلى أوروبا كآلاف السوريين غيرهم.

تقول هبة: “بعد هذا الاتفاق من المؤكد أننا سنفقد عملنا الحالي، لكن الأهم هو أنني لن أستطيع تحقيق حلمي بدراسة اللغة الإنكليزية في أوروبا، ولن تتمكن وفاء من بلوغ طموحها في تصميم الأزياء؛ لذا قررنا أن نتجهز هذه المرة للسفر بعد بضعة أيام، على أمل الوصول”.

يُذكر أن الاتفاق الأوروبي – التركي المبدئي الذي أعلن عنه الشهر الجاري، ألقى بظلاله على أسعار التهريب عبر البحر، فانخفضت بنسبة أكثر من 50%، وبلغت 350-400 دولار، بعد أن وصلت الصيف الماضي إلى 1000 دولار.

 –  سيلين أحمد