uFEFFأنقرة مصدومة ومُكبلة وتعلن: الإرهاب يأتينا من تنظيم مدعوم أمريكياً ولا نستطيع مواجهته

17 مارس، 2016

مع تأكيد وزارة الداخلية التركية أن الانتحارية التي نفذت الهجوم الإرهابي الأخير في قلب العاصمة التركية أنقرة تنتمي إلى حزب العمال الكردستاني وأنها تلقت تدريبات عسكرية في معسكرات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الذي تعتبره أنقرة امتداد لـبي كا كا تعود إلى الواجهة المعضلة التركية الأكبر في السنوات الأخيرة المتمثلة في دعم أمريكا وروسيا ودول غربية للمنظمة التي تعتبرها أنقرة أكبر تهديد على أمنها القومي.

وفي الوقت الذي يبدي فيه الشعب التركي صدمة كبيرة من الموقف الأمريكي من حزب الاتحاد الديمقراطي تبدو الحكومة التركية «مُكبلة» بشكل غير مسبوق في ظل عدم قدرتها على القيام بتحرك عسكري واسع ضد المنظمة التي تعتبرها مصدر العديد من الهجمات الإرهابية التي قتلت وإصابة مئات الأتراك.

وزارة الداخلية التركية أعلنت، مساء الثلاثاء، أنّ منفّذ هجوم أنقرة الأحد الماضي بسيارة مفخخة والذي أدى إلى مقتل 37 شخصاً وإصابة 120 آخرين، فتاة تدعى «سهر تشاغلا دمير» من مواليد 1992، بولاية قارص شرقي البلاد، موضحةً أن «التحقيقات الجارية حول العملية الإرهابية، أثبتت أن تشاغلادمير، التحقت بمنظمة بي كا كا الإرهابية، عام 2013، وتوجهت بعد ذلك إلى سوريا، لتتلقّى تدريبات على يد منظمة ب ي د الإرهابية (الذراع السورية لـ بي كا كا)، حول كيفية تنفيذ عمليات إرهابية».

وقبل أقل من شهر قتل ما لا يقل عن 30 جندي وضابط من الجيش التركي وأصيب العشرات في انفجار سيارة مفخخة بحافلات كانت تقل موظفين في هيئة الأركان في وسط العاصمة، وهو الهجوم الذي اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وحدات حماية الشعب الجناح العسكري للاتحاد الديمقراطي السوري بالمسؤولية عنه.

وأوضح داود أن التفجير الإرهابي نفذه تنظيم بي كا كا بالاشتراك مع عنصر من وحدات حماية الشعب الكردية وتبين أن الانتحاري هو تركي الجنسية تدرب في قواعد الحزب بسوريا ودخل تحت اسم لاجئ سوري.

وعلى الرغم من التهديدات المتتالية التي يطلقها كبار المسؤولين الأتراك إلا أن يد الجيش التركي بقيت مقيدة بشكل كبير في التعامل مع «التهديدات» الواردة من سوريا، ولم يتجاوز الرد العسكري التركي بعض عمليات القصف المدفعي لمواقع الحزب في المناطق المتاخمة للحدود التركية.

وطول الفترة الماضية كانت أنقرة ترى في المسلحين الأكراد بسوريا تهديداً على أمنها القومي خوفاً من اتساع نفوذهم قرب الحدود وتشجيع أكرادها على تحقيق الانفصال الذي يحاربون من أجله منذ 40 عاماً، لكن في الأشهر الأخيرة بات تهديدهم للأمن التركي أكبر ومباشراً.

حيث اتهمت تركيا في العديد من المناسبات حزب الاتحاد الديمقراطي السوري بنقل كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية التي يتلقاها من أمريكا وروسيا إلى حزب العمال الكردستاني داخل تركيا واستخدمت هذه الأسلحة في تنفيذ هجمات عسكرية أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش والشرطة والتركية، قبل أن يُتهم الحزب بالمشاركة في تنفيذ عمليات انتحارية كبيرة في البلاد.

وفي هذا الإطار، خاضت الدبلوماسية التركية معركة غير مسبوقة في مسعى لتغيير موقف الولايات المتحدة والدول الغربية من الحزب وتصنيفه على قامة الإرهاب لهذه الدول، لكن دون أي تغيير فعلي بالموقف الغربي الذي زاد حجم الدعم السياسي والعسكري المقدم له بحجة مساهمة التنظيم في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».

وفي إطار غضبه المتواصل من الموقف الغربي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات له الشهر الماضي: تنظيم «بي واي دي» يعترف أنه على علاقة بتنظيم بي كا كا الإرهابي، والغرب لا يزال مصمماً على عدم إعلانه تنظيماً إرهابياً.. مشكلتنا ليست مع إخواننا الأكراد، ولكن مع الإرهاب»، في حين اتهم نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش، دولاً بالوقوف خلف المنظمات الإرهابية لاستخدامها كأدوات لها في الحرب، وذلك في إشارة إلى الدول التي تدعم حزب الاتحاد الديمقراطي وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

وتصاعد التوتر بين أمريكا وتركيا على خلفية هذه التطورات، وخلال الآونة الأخيرة شددت الرئاسة والحكومة التركية في أكثر من تصريح على أن صبرها بدأ ينفذ على ما أسمته «ازدواجية المعايير» لدى بعض الدول في التعامل مع الإرهاب، بينما هدد مسؤولون آخرون باتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة وألمح آخرون لإمكانية إغلاق قاعدة إنجيرليك الجوية أمام الطائرات الأمريكية في حال استمرار تقديم الأسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.

وبالإضافة إلى الرفض الأمريكي المتواصل للعمليات التركي ضد المسلحين الأكراد في سوريا، أسهم الخلاف مع روسيا في تقييد التحركات التركية بشكل كبير، حيث لم يسجل أي تحليق للطائرات الحربية التركية في الأجواء السورية منذ حادثة إسقاط الجيش للمقاتلة الروسية على الحدود مع سوريا، في الوقت الذي يُغير سلاح الجو التركي بشكل متواصل على مواقع المسلحين الأكراد في جبال قنديل شمال العراق.

وفي خضم جميع هذه التحديات التي تواجه تركيا، أعلنت أحزاب كردية بزعامة حزب الاتحاد الديمقراطي شمال سوريا نيتها إعلان النظام الفدرالي في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول بالحزب قوله: «المشاركون بالاجتماع يبحثون اليوم شكل النظام في روج آفا وشمال سوريا»، مؤكداً أن «جميع المقترحات الأولية تصب في خانة الفدرالية».

الأناضول – القدس العربي

17 مارس، 2016