ستراتفور : صواريخ ” هايبرسونيك” تحدد شكل سباق التسلح العالمي الجديد



توقعات

– الاتجاه نحو تصميم وإنتاج وتجربة صورايخ تفوق سرعتها سرعة الصوت – على الرغم من تكلفتها وتعقيدها من الناحية التكنولوجية- .

– من المرجح أن تقوم الولايات المتحدة والصين بإداخل أول الصواريخ بعيدة المدى إلى ترسانتها العسكرية بحلول العام 2025 تفوق سرعتها سرعة الصوت الصوت. ما تزال متأخرة في هذا الجانب.

– بمجرد نشر الصواريخ هذه، ستحدث ثورة كبيرة على مستوى الأسلحة التقليدية والنووية.

التحليل

بدأت خيوط  سباق التسلح بين القوى العالم في التكشف للعالم حديثًا.  سباق التسلح وصل إلى مراحل تطوير واختراع صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وتمتاز بالدقة الشديدة السرعة العالية أيضًا. ستساهم هذه الصواريخ بلا شك في تغيير وجه الحرب الحديثة عبر إظهار منظومات الدفاع الصاروخية الحالية على أنها عاجزة أمامها. ومع احتدام المنافسة بين والصين والولايات المتحدة لتكون أولى المصنعين لها، وهو ما يجعل جميع الدول تحت تهديد هجمات جديدة. وفي حال زيادة التوتر بين اي من الأطراف فإن خطر تنفيذ هجمات استباقية سيبرز أكثر من أي فترة مضت.

تتجاوز سرعة الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ( هايبر سونيك) خمسة أضعاف سرعة الصوت العادية. وفقط، عدد قليل من الأجهزة الأخرى التي صنعها الإنسان بإمكانها  تجاوز سرعة الصوت بما في ذلك الصواريخ الباليستية ومركبات الفضاء ومركبات الفضاء غير المأهولة مثل بوينج إكس – 37 (Boeing X-37). والطائرات المأهولة الوحيدة التي بقدرتها تجاوز سرعة الصوت هي تلك التي تعمل بالطاقة الصاروخية في الشمالية    (X-15) والتي حطمت أرقامًا قياسية في السرعة والتحليق عند عرضها في ستينات القرن الماضي.

الصاروخ X-15 أثناء إحدى محاولات إطلاقه
الصاروخ X-15 أثناء إحدى محاولات إطلاقه

في الآونة الأخيرة، تحول التركيز في تكنولوجيا ( الهايبر سونيك) نحو تطوير الصواريخ، وهو ما أظهر العديد من التحديات الواجب تجاوزها لإنجاح هذه الصناعة. أولها، صعوبة صناعة سلاح فائق السرعة ( ) يصل لمستويات سرعة عالية بينما تعاني المركبة الناقلة من درجات حرارة عالية أو اضطرابات نتيجة السعرة العالية. والتجارب تشير إلى صعوبة الحفاظ على تلك السرعة العالية لوقت يكفي لوصول الصاروخ الى هدفه. أما المشكلة الثانية، فهي أن السرعات العالية للمركبات الحاملة لهذه الصواريخ تجعلها حساسة للتغيرات في ظروف الطيران، وهو ما يؤدي إلى عدم الاستقرار في هيكل الطائرة والصاروخ أثناء الطيران. عدا عن السرعات العالية تترك أمام المنفذ هامش خطأ وتصويب قليل للغاية. وأخيراً، فإن السرعات العالية هذه تجعل من الصعب على المطورين في كثير من الأحيان مطابقة النماذج مع توقعاتهم المستمدة من التجارب الأرضية والنماذج النظرية في إطار عملية التنفيذ والتطوير.

وعلى الرغم من هذه العقبات، إلا أن ( هايبر سونيك) تملك مزايا كبيرة أخرى، فسرعتها العالية تمكنها من الوصول إلى أهدافها بسرعة أكبر بكثير من الصواريخ الأخرى، عدا عن قدرتها العالية على اختراق أفضل نظم الدفاع الجوية. عدا عن أن إمكانية التحكم فيها لمسافات بعيدة تجعل من السهل على مصنعي هذه الصواريخ استخدامها لضرب اهداف بعيدة عن مكان الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، تمتاز هذه الصواريخ بدقتها العالية متجاوزة دقة الصواريخ الباليستية التقليدية،وتحتفظ أيضاً الصواريخ بإمكانية تزويدها برؤوس حربية نووية، لتصبح ذات تأُير عالٍ في أي إطلاق أو ردع أي حرب نووية قادمة.

من النظرية إلى الواقع

لن يمر وقت طويل حتى ترى هذه الصواريخ النور. ففي أواخر فبراير الماضي، أعلن الجنرال توماس ماسيللو أن القوات الجوية الأمريكية في طريقها للحصول على نماذج تجريبية جاهزة للاختبار من هذه الصواريخ بحلول العام 2020. وبالفعل أجرى سلاح الجو الأمريكي أربع رحلات تجريبية  من  نوع (X-51 ) لصواريخ كورز الفائقة السرعة ( هايبر سونيك) بين عامي 2010 و 2013، واعتبر تجربتان منهما ناجحتان. في الوقت نفسه كشفت شركة ( لوكهيد مارتن) حققت تقدماً كبيراً في مفهوم أسلحة الهايبر سونيك.

ليست بعيدة كثيراً عن التقدم في هذا المجال. ويبدو أنها ستقوم بنشر صواريخها الأولية في عام 2020. في عام 2014، أجرت ثلاثة اختبارات (DF-ZF) الحاملة لصواريخ ( ).تبعتها ثلاثة اختبارات أخرى في عام 2015. يعرف الجيش الأمريكي بهذه الاختبارات لكنه أقر أنه واحد من هذه الاختبارات ناجحة. أما فتطور حاملات هذه الصواريخ ( ) ( “يو – 71” Yu-71) على الرغم من أن طموحاتها في إطلاق هذه الحاملة خلال السنوات الأربعة القادمة قد تكون مفرطة بالتفاؤل. فالاختبار الوحيد لهذه الحاملة في 2015 كان فاشلاً. ولكن واحد من هذه الحاملات خضعت لاختبار آخر في 18 مارس الجاري، لكنها ذات مدى قصير نسبياَ. ووفق المصارد الروسية فإن ( 3 إم 22) والنموذج الثاني ( براهموس الثاني ) سيكون جاهزاَ للاختبار في عام 2017.

نموذج براهموس الثاني
نموذج براهموس الثاني

ومع تنامي سباق التسلح هذا لتشكيل ترسانات الصواريخ الفائقة السرعة، ستتجه طبيعة المعركة نحو تغيير جذري. خاصة ولأن انظمة الدفاع الصاروخي ستسعى لمواجهة هذه الصواريخ، وهو ما سيجعل السفن الحربية الكبيرة أكثر عرضة للهجوم. وفي غضون هذا السباق،  من الممكن أن تقود العالم موجة من تطوير أسلحة موجهة للطاقة ( مثل أشعة الليزر ذات الطاقة العالية أو الموجات الدقيقة) باعتبارها وسيلة ممكنة لمواجهة صواريخ ذات سرعات فائقة ( ). وكذلك كما الحال بالنسبة للتكنولوجيات العسكرية الثورية في الماضي، فإن أفضل دفاع سيكون لتدمير هذه الصواريخ في مراكزها، وزيادة تركيز مخططي الحرب على القيام بعمل هجومي تستهدف منصات إطلاق الصواريخ وحاملاتها.

ستتخذ الدول هذا التطور كحافز لشن ضربات وقائية ضد أعدائها لضرب مخابئ الصواريخ الفائقة السرعة هذه قبل أن يتم نشرها أو إدخالها للخدمة. وعلاوة على ذلك، ستصبح نظم التوجيه، والقيادة والسيطرة والاستخبارات والمراقبة وشبكات الاستطلاع – على اعتبارها أضعف مكونات القدرات الصاروخية الفائقة السرعة – ستصبح أهدافاً رئيسية للدول المتنافسة. وفي الوقت نفسه، ستصبح الدول التي تملك ( ومع ميزاتها الهجومية الكبيرة) ستكون لديها حاجة أقل لتكنولوجيا التخفي واختراقات دفاعات العدو.

الحرب النووية، ومن ضمنها استراتيجيات ردع الصراع النووي، ستخضع للكثير من التعديلات. وعلى الرغم من استمرار الاهتمام بتطوير أنظمة مضادة للصواريخ الباليستية وستكون مهمة ضد المنافسين الذي يفتقرون للاسلحة الفائقة السرعة ( هايبر سونيك)، ولكن ستكون محدودة الاستخدام في مواجهة الصواريخ فائقة السرعة ( هايبر سونيك) المجهزة برؤوس نووية.

من الصعب الوصول إلى طريقة حاسمة للتعامل مع هذه الصواريخ سريعاً، لكن يمكن ان يكون ذلك عبر ضربات استباقية لتقويض قدرات تطوير الأسلحة هذه لدى الدول المصنعة أو المالكة لها. كمان أن هذه الصواريخ ستقوض التوازن الهش بين العالمية بشكل أكبر من ذي قبل. وستضطر العديد من الدول لإعادة النظر في استراتيجيات الردع والأمن القومي، ما سيعمل على تشكيل الكثير من الشك وعدم الاستقرار على المدى الطويل بين هذه القوى.