ماذا يعني إعلان البحرين الحرب على حزب الله؟

21 أبريل، 2016

يحمل إعلان “الحرب” البحرينية على مليشيا “حزب الله” اللبنانية، خطوات عقابية تصاعدية جديدة، تعكس حجم التوتر الذي ساد العلاقات بين المنامة وطهران طيلة السنوات الماضية.

ووافق مجلس النواب البحريني، في جلسته الـ28، الثلاثاء 19 أبريل/ نيسان، على إصدار بيان بالدعوة إلى إعلان الحرب على حزب الله وولاية الفقيه، في حين أصدرت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين (الجيش الوطني في البلاد)، بياناً، الخميس 14 أبريل/ نيسان، أكدت فيه أنها “على أهبة وأتم الاستعداد للتصدي للمجموعات الإرهابية التي تتعرض لدوريات الأمن ورجال الشرطة الذين يقومون بواجبهم في حفظ الأمن”، ودعا الجيش الوطني، مجلس النواب إلى تأييد الإعلان.

إعلان المنامة لم يأت من فراغ، حيث تتهم البحرين إيران بتأجيج الصراع في البلاد بالإضافة إلى توفير أسلحة لمليشيات شيعية تقف وراء هجمات إرهابية ضد قوات الأمن، وتنفي طهران تلك الاتهامات، إلا أن التصريحات المتتالية التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون تؤكد الدعم المستمر لأطراف الصراع، وهو ما كشفته التحقيقات الأخيرة مع المتهمين.

– إيران وإثارة الفتن

وتتهم المنامة طهران بالتدخل ليس في شؤون مملكة البحرين فحسب، بل في شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج والدول العربية الشقيقة، دون اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بمبادئ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ما يؤكد إصرارها على إشاعة الخراب والدمار، وإثارة الاضطرابات والفتنة في المنطقة، من خلال توفير الحماية وتقديم الدعم للإرهابيين.

وطالما دعت المنامة طهران إلى فتح صفحة جديدة وبناء علاقات بعيدة عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، واحترام سيادة الدول وحسن الجوار، إلا أن تصريحات وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة مطلع شهر أبريل/ نيسان، التي قال فيها إن دول الخليج جادة في مواجهة إيران وأتباعها دون أي تردد، قد تكون طوت تلك الصفحات وفتحت الأبوب أمام جولة جديدة أكثر جدية في التعامل مع إيران.

ورغم التصعيد غير المسبوق من الوزير البحريني، فإنه ترك الباب مفتوحاً أمام طهران للعودة إلى جادة الصواب، وفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، شرط أن تُغيّر طهران سياساتها الخارجية تغييراً شاملاً تجاه دول المنطقة، بما في ذلك وقف الدعم عن “حزب الله اللبناني” والجماعات أخرى.

– حزم وعزم

وخلال العام الماضي، شهدت العلاقات البحرينية الإيرانية، المتأزمة أصلاً، تدهوراً متسارعاً، تمثّل في قطع المنامة للعلاقات الدبلوماسية مع طهران في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد يوم من قطع السعودية للعلاقات معها عقب اعتداء متظاهرين على بعثتيها الدبلوماسيتين في طهران ومشهد رداً على إعدام السعودية لمواطنها نمر النمر.

وعلى الرغم من أن بيان “قوة الدفاع” لم يذكر أي جهات تقف خلف الأعمال الإرهابية في البلاد، حيث لم يأت على ذكر حزب الله أو إيران، فإن المنامة تتهم إيران، وذراعها القوي في المنطقة حزب الله اللبناني، بالتدخل في البلاد، ويرى مراقبون أن هذه الموافقة تعني تفويضاً للجيش البحريني بالتصدي للمجموعات الإرهابية في البلاد، بدلاً أو جنباً إلى جنب مع الأجهزة الأمنية.

واللافت أن الإعلان جاء بعد يومين من بيان الجيش البحريني بخصوص مقتل رجل أمن بحريني وإصابة اثنين آخرين بإصابات خطرة، في هجوم استهدف دوريتهم أثناء أداء مهامها، شمالي البلاد، حيث وصفت وزارة الداخلية البحرينية الحادث بـ”العمل الإرهابيّ؛ الذي تمثل في إلقاء قنابل حارقة على دورية أمنية أثناء أدائها للواجب بقرية كرباباد”.

وخلال العام الماضي، صدر عدد من التصرحات لمسؤولين إيرانيين، منهم علي خامنئي، أكد خلالها أن بلاده ستستمر بدعم المعارضة البحرينية وسائر حلفائها في المنطقة، حتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والدول الكبرى، وهو ما أثار غضب المنامة وسائر دول الخليج التي ترفض مثل هذه التصريحات، وتعدها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبلدان العربية.

وعلى خلفية التدخلات المتكررة، شهدت العلاقات حالات استدعاء متكررة للقائم بأعمال السفارة الإيرانية في المنامة؛ للاحتجاج على التصريحات التي تصدر بشأن دعم إيران للمعارضة الشيعية في البحرين، وزاد التوتر في العلاقة مع إعلان وزارة الداخلية البحرينية إحباط عملية تهريب عن طريق البحر لكميةٍ من المواد المتفجرة شديدة الخطورة، بجانب عددٍ من الأسلحةِ الآلية والذخائر مصدرها إيران.

ومن خلال أعمال البحث والتحري والسؤال، تبيّن أن أحد المقبوض عليهم قد تلقى تدريباتٍ عسكريةً في أغسطس/ آب 2013 بإيران، وخضعَ لتدريبات مكثفة على كيفية صناعة واستخدام المواد المتفجرة (C4)، كما تم تدريبه على الغوص وطرق تنفيذ عمليات التفجير تحت سطح البحر، بالإضافةِ إلى الرماية باستخدام سلاح الكلاشنكوف، وذلك بمعسكرات الحرس الثوري الإيراني تحتَ إشراف مدربين إيرانيين.

ومنذ بدأ العام 2016، أصبحت معظم الدول العربية تصطف خلف دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية، لكونها بدأت تتعامل مع التمدد الإيراني في المنطقة بجدية أكبر، خصوصاً بعد قيادتها لـ”عاصفة الحزم” ضد مليشيات الحوثي في اليمن، وإعلانها التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، وعكس ذلك توقعات بمواجهة حقيقية لمشروع إيران في المنطقة.

وبدت تصريحات ساسة دول الخليج مؤخراً ضد طهران، أكثر شراسة ضد مشروعها بالمنطقة، إذ إن الاستعدادات والإيحاءات والتمرينات العسكرية كانت مشاهد حية لرسائل تريد دول التحالف الإسلامي العسكري إيصالها إلى طهران، التي تهدف إلى مواجهات الأخطار الخارجية، بالإضافة إلى التلويح بالتدخل لمحاربة “الإرهاب” الذي يهدد الأمن الإقليمي والمحلي للدول الأعضاء في حال استوجب الأمر، خصوصاً بعد تنفس إيران الصعداء من جراء رفع العقوبات عنها بدخول الاتفاق النووي حيّز التنفيذ، وهو ما يبدو أنه قدم لها دفعة لزيادة محاولاتها المستمرة في اختراق دول الخليج والتدخل في شؤونها الداخلية.

ويصف مراقبون قطع بعض الدول علاقاتها مع طهران بأنه “عصر عقوبات جديد على إيران، لكنه بطابع عربي”، وهو ما ذهب إليه الكاتب السياسي إياد الدليمي، في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أكد خلاله أن “الوقت يشير إلى وجود عقوبات عربية تستهدف إيران، ومن المرجح أن تشهد الفترات المقبل انضمام دول أخرى إلى تلك المقاطعة”، بينما يرى آخرون أن أهداف التحالفات الجديدة تحمل في طياتها مفاجآت لم تبصر النور بعد، لكن حتماً ستكشف عنها الأيام المقبلة.