منذر خدام يستقيل من هيئة التنسيق
21 أبريل، 2016
أعلن لـ”إيلاف” منذر خدّام، الناطق الرسمي والقيادي في هيئة التنسيق الوطنية، والتي تعتبر من المعارضة السورية الداخلية، أنه استقال من الهيئة لأسباب كثيرة، مسجّلًا اعتراضه على أداء المعارضة السورية في جنيف خلال مفاوضات الحل السياسي.
بهية مارديني: إيلاف
قال خدّام إن الأزمة السورية على درجة عالية من التعقيد، لأسباب داخلية وخارجية، وباتت ساحة صراع لمصالح وأجندات خارجية، يصعب التوليف بينها، وإن “كثيرًا من السوريين الذين يؤدون أدوار التفاوض للأسف ليسوا متحررين من هذه الأجندات الخارجية، وهذا ينطبق على النظام والمعارضة…”.
وأوضح خدّام أنه من ناحية الشكل “لا يزال السوريون في جنيف ينظرون إلى بعضهم البعض كأعداء، وليس كخصوم سياسيين”. تابع “يمكن القول إن المفاوضات لم تدخل بعد في البحث في القضايا الجوهرية، بسبب تعنت وفد النظام من جهة، وبسبب تركيز الهيئة العليا للمفاوضات على شخص بشار الأسد”.
وردًا على تفاصيل ما جرى في جنيف خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، وخاصة بعد إعلان الهيئة العليا للمفاوضات عن تعليق المحادثات، أضاف: “لقد قدّمت المعارضة أجوبة عن كل أسئلة الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا خطيًا (بنحو17 ورقة)، لكن وفد النظام لم يقدم أية ورقة”. معتبرًا “لقد أخطات معارضة مؤتمر الرياض عندما أجّلت المفاوضات، فكان عليها البقاء، حتى لو كررت المطالب نفسها… فهي بانسحابها حققت للنظام ما يريده للأسف”.
تسهيل مهمة النظام
ولمعارضين سوريين رؤية مغايرة عما يجري في يوميات جنيف وجولاتها، وبما يحدث على الصعيد الداخلي، حيث قال خدّام “لقد حمّلت المعارضة النظام المسؤولية عن خرق الهدنة، مع أن التقارير الروسية والأميركية حمّلت جبهة النصرة وحلفاءها مسؤولية الخرق في ريف حلب الجنوبي الغربي وفي ريف اللاذقية، وهي مستثناة من وقف إطلاق النار”، حسب تعبيره.
ورأى أن “هذا ما كان يريده النظام السوري”، مشيرًا إلى أن “النظام يتحيّن أي فرصة لنقض الهدنة، لتعزيز مواقعه على الأرض، بعدما أعاد الروس تسليح الجيش، وبعدما صار التدخل الإيراني مكشوفًا.. لذلك ما كان على المعارضة تسهيل مهمته بتقديم الذرائع له”.
وحول موقفه مما يجري، وخاصة أن هيئة التنسيق مشاركة في الهيئة العليا للمفاوضات، قال “بالنسبة إليّ لست راضيًا حقيقة عن أداء وفد معارضة الرياض علمًا أن هيئة التنسيق جزء منها، ومنذ البداية لم أكن راضيًا عن مخرجات مؤتمر الرياض، ولا عن تصدر العسكريين والمتشددين لوفد التفاوض… إنهم ببساطة لا يريدون الحل السياسي، وهذا ما يعلنونه في المناقشات التي تجري في إطار الهيئة العليا للمفاوضات.. هم قلة، وهم ربما بضعة أشخاص، لكنهم يتصدرون المشهد، ولا يلتزمون بما يتم الاتفاق عليه”.
وتابع خدام معبّرًا عن وجهة نظره: “كل ما قاله رياض حجاب في مؤتمره الصحافي أول أمس لا يعدو كونه خطأ سياسيًا خالصًا.. وما يصرح به أسعد الزعبي وجورج صبرة ومحمد علوش وغيرهم من أعضاء هيئة التفاوض أيضًا”.
عرض لا يرفض
وتساءل خدام: “هل يعقل أن تكون قضية القضايا بالنسبة إليهم، بل ربما القضية الوحيدة، هي التخلص من الأسد وزمرته ومحاكمتهم، وهو لا يزال يمتلك قوة حاسمة على الأرض، ولديه أنصاره؟!، ويريدون ذلك في بداية المرحلة الانتقالية؟!”، على حد قوله. واستطرد: “لو فكروا بصورة جيدة، لأمكنهم هزيمته، عن طريق تبني دستور لنظام جمهوري برلماني مثلًا؟”.
وتطرق خدام إلى ما طرحه الموفد الدولي، فقال إن “دي ميستورا قدم إليهم عرضًا، ما كان عليهم أن يرفضوه بصورة مباشرة، وهو تعيين ثلاثة نواب للرئيس، واحد عن كل منصة من منصات المعارضة، تختارهم منصاتهم، ويتقاسمون صلاحية الأسد المنصوص عنها في الدستور الحالي، بما فيها صلاحيات الولاية على الجيش والأمن”.
وأكد أنه “كان عليهم أن يطلبوا من دي ميستورا تقديم العرض بصورة رسمية، ويستمهلوا لدراسته على الأقل”. أضاف خدّام “لست راضيًا عن أداء معارضة الرياض التفاوضية، رغم أن هيئة التنسيق تعترض على الكثير من المسائل، لكن في النهاية يحقق “المتشددون” ما يريدونه”.
تساءل أيضًا مستغربًا من أن تقدم منصة القاهرة للمعارضة السورية أفكار هيئة التنسيق الوطنية من دون أن تطرحها هيئة التنسيق نفسها، وقال “هل يقدم السيد جهاد مقدسي باسم منصة القاهرة رؤية هيئة التنسيق للمرحلة الانتقالية مفصلة بكل مؤسساتها، وهيئة التنسيق لا تقدمها؟!”.
لإيصال الصوت المستقل
وكرر مطالبته مرارًا وفد هيئة التنسيق الوطنية إلى جنيف بـ “أن يكون لهم صوتهم المستقل، وأن يصل هذا الصوت إلى الإعلام”. وتابع: “طالبتهم بأن يكون لهم حضور في كل منصات المعارضة، لأنهم في الأساس أحد أركانها الأساسية… طالبتهم بالرد علنًا ومباشرة على خروقات رياض حجاب ومجموعته المتشددة، لكن من دون جدوى”.
وانتهى خدام إلى أن “حرصهم على نجاح العملية السياسية جعلهم يشتغلون بصمت، لكن هذا الصمت استغله المتشددون في الهيئة العليا للمفاوضات، لتمرير ما يريدون، ويتحمل الجميع مسؤوليته”. وقال “لأسباب كثيرة لقد تركت هيئة التنسيق، رغم أنني لا أزال أعدّها أهم إطار وطني للمعارضة السورية”.
الملف الإنساني ما فوق التفاوضي
وفي رسالة مستقلة من جنيف، قالت هيئة التنسيق إنها أتت إلى جنيف وفق جدول أعمال مبني على بيان جنيف 30/6/2012 وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، “وكان هناك اتفاق على فصل المسارات ما بين الملف الإنساني، الذي هو فوق التفاوضي، والذي تكفلت الأمم المتحدة بمتابعته، والملف السياسي التفاوضي، الذي هو أساس ومحور عملنا”.
وأوضحت الرسالة أنه كان من المقرر في نهاية الجولة الثانية، وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، أن يتم فيها البحث في عملية الإنتقال السياسي، الذي يتضمن ثلاثة بنود، وهي الإنتقال السياسي، والإعلان الدستوري أو إعداد دستور جديد، ومن ثم الإنتخابات.
وعبر هذا القرار، حصل فصل بين الملف السياسي والملف الإنساني، وبقي دور المعارضة هو متابعة تنفيذ بنود المسار الإنساني، من حيث استمرار الهدنة وفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلين، باعتبارها استحقاقًا وطنيًا مدعومًا بقرارات أممية، “وبالتالي فهي وفق قول دي ميستورا: بنود ما فوق تفاوضية. والدخول إلى العملية السياسية التفاوضية من بابها الطبيعي، وهو الانتقال السياسي”.
وأضافت هيئة التنسيق أنه “هنا وفي هذه المرحلة، ومع بداية المرحلة الثالثة واجهتنا مماطلة كبيرة بطريقة ما أو بأخرى في تنفيذ الاستحقاق المتعلق بالقضايا الإنسانية، والعمل من قبل النظام على اعتبارها مادة للابتزاز التفاوضي، وعدم الالتزام بمضمون البيانات والقرارات الدولية المتعلقة بالعملية السياسية”.
المعتقلون خارج المتابعة
عن مدى جديتها، أكدت “نحن جادون في توجهنا لإنجاح العملية السياسية، لكننا لاحظنا توقف العمليات الإنسانية، وذلك بحسب تقارير الأمم المتحدة، كما وأن خروقات الهدنة عديدة، ومن طرف واحد، والإعلان الرسمي من النظام عن محاولته استعادة حلب التي تقصف من ثلاثة محاور، وملف المعتقلين لم يفتح، وأكثر من ذلك، فإن النظام وافق على تشكيل لجنتين، واحدة خاصة بالهدنة، والأخرى مختصة بفك الحصار، لكنه رفض تشكيل لجنة مختصة بشؤون المعتقلين”.
وشددت هيئة التنسيق على شعاراتها “لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي”، لكنها لفتت إلى أنه “لا يمكن أن نقول لمن يتلقى النيران ألا يرد، “في إشارة إلى خرق النظام السوري الهدنة، وعدم استطاعتها القول للجيش الحر بعد الرد على قصف النظام.
وفي ما يخص المسار السياسي، أشارت هيئة التنسيق الوطنية إلى أنه يقع ضمن ثلاثة بنود، أوله موضوع هيئة الحكم الإنتقالي، وقالت “أردنا أن نعمل على بلورة هذه النقطة، لكي نخرج بنتيجة ناضجة غير مرتجلة. أما وفد النظام فلقد حدد أنه لن يدخل في هذا الموضوع، وإنما عاد إلى عرض فكرته حول حكومة وحدة وطنية. و”هذا الأمر كنا قد رفضناه عندما عرض ذلك سابقًا علينا في دمشق، وقلنا يومها إننا لسنا هنا لكي نشغل وظائف شاغرة لدى النظام وإننا لن نعود إلى هذا، وإن هذا الأمر لن ينتج حلًا في البلاد”.
باقون في جنيف
وكشفت عن اجتماعات مطولة على مدى أيام، تم النقاش فيها مطولًا في سلبيات وإيجابيات ما سينتج من موقفنا، واتفقنا في النهاية على تأجيل المشاركة في المحادثات بانتظار أجوبة عن أسئلتنا “نحن لن نوافق على فتح ملفات جديدة تؤدي إلى تشتيت الموضوعات، وسنبقى بانتظار أجوبة عن أسئلتنا، وهي متعلقة بفك الحصار والمعتقلين والتمسك بالهدنة، وأخيرًا في بحث عملية الانتقال السياسي”.
وأعلن أعضاء هيئة التنسيق “نحن لن نغادر جنيف، وسنبقى جاهزين للاجتماع بمن يود البحث في الأمور التقنية المتعلقة بكل القضايا التي فتحت ملفاتها، وأن دي ميستورا يقوم بعمله بتقنية عالية من ضمن الصلاحيات المعطاة له”.
واعتبرت الهيئة أن خروقات الهدنة خطيرة، وهناك أكثر من مائة فصيل مسلح، يؤيدون الهيئة العليا للمفاوضات، ويوافقون على الحل السياسي وفق العملية التفاوضية، لكنهم اليوم بدأوا يتململون، لأنهم يتعرّضون للقصف، في اختراق للهدنة من دون إمكانية الرد.