ماذا لو رفض البرلمان التنازل عن “تيران وصنافير”؟
26 أبريل، 2016
باتت قوة العلاقات المصرية السعودية على المحك، بعد تصاعد الأصوات الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، يقابلها تأييد دفاع عن الموقف الرسمي للحكومة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي ألقى بأوراق اللعبة إلى مجلس النواب، في انتظار ما يسفر عن رأي البرلمان، حول الموافقة أو رفض التصديق على الاتفاقية، التي تتضمن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وتضغط القوى الرافضة للاتفاقية على مجلس النواب، من خلال إطلاق حملة “حاسب نوابك”، وسط توقعات بأن تلقى الاتفاقية مصير قانون الخدمة المدنية.
دبلوماسيون وخبراء، أكّدوا على أنَّ رفض البرلمان للاتفاقية سيكون له عواقب وخيمة على حجم العلاقات بين القاهرة والرياض، والتي كانت تطورات لحد الشراكة الاستراتيجية بعد التعاون الثنائي، ورجح آخرون أن تتجه السعودية للتحكيم الدولي.
السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ومسؤول ملف دول التعاون الخليجي بوزارة الخارجية سابقا، قال إن الأمر هذه المرة مختلف عن قانون الخدمة المدنية الذي رفضه البرلمان، مشيرا إلى أن الاتفاقية شأن دولي وإقليمي.
وأضاف القويسني، لـ “مصر العربية”، أنه مقتنع تمامًا أن الجزيرتين سعوديتين، لكن إذا اعتبر البرلمان ما مارسته مصر عليهما من سبيل السيادة فمن المحتمل عرضها للاستفتاء، أما إذا كانت من أجل الإدارة فقط فتصويت النواب سينهي المسألة.
وتوقع الدبلوماسي السابق، أن يوافق البرلمان على الاتفاقية في الحالة الثانية ﻷن الأدلة والأسانيد تثبت ذلك.
وأشار إلى أن موجة الاحتجاج التي شهدها الشارع المصري جعلت مستقبل العلاقات مع السعودية مجهولا، وبحسب تعبيره “أصبحت نتائج زيارة الملك سالمان بن عبد العزيز التاريخية للقاهرة في خبر كان”.
وأوضح أن الأزمة الحالية ستلقي ظلالها على أشياء كثيرة مشتركة مع المملكة، وهو ما يتوجب على المتخصصين والدبلوماسية المشتركة العمل للخروج بحل مُرْضٍ للجميع.
ولفت القويسني، إلى أن الحديث في أمر الجزيرتين حاليا بات من المخاطرة بسبب كثرة القيل والقال التي انتشرت بشكل كبير في الشارع المصري وتصدر غير متخصصين للمشهد للحديث دون حجة.
واقترح تأجيل تنفيذ بنود اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين خلال الفترة الحالية إلى أجل غير مسمى.
في الاتجاه نفسه، قال الدكتور محمد السعيد إدريس، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ورئيس وحدة الدراسات العربية، إنَّ العلاقات المصرية السعودية مهددة بسبب الأداء الإعلامي في الدولتين والشحن الذي يمارسه بعض المؤيدين والرافضين للقرار إعلاميا.
وأكد إدريس في حديثه لـ”مصر العربية”، على أن موقف البرلمان من الاتفاقية متوقع بالموافقة، مشيرًا إلى أنَّ مجلس النواب لو استجاب للضغط الشعبي فإنَّ ذلك سيؤثر على حجم العلاقات على المستوى الشعبي والإعلامي بين البلدين.
ولفت إلى أن الإعلام السعودي حاليا يصور الرافضين للاتفاقية على أنهم فئة مارقة، ويوجه انتقادات واسعة لهذه القوى، مشيرا إلى أن الرياض من المحتمل أن تلجأ للتحكيم الدولي في حالة رفض البرلمان تمرير الاتفاقية.
وأوضح أنه في حالة لجوء السعودية للتحكيم الدولي سيكون التحكيم لصالحها، في حالة ثبوت صحة المعلومات المعلنة حاليا، ﻷن القانون الدولي يقسم المضايق والخلجان البحرية بموجب أعمق نقطة في المياه الإقليمية وبناء على ذلك فإن تيران وصنافير تقع داخل السيادة السعودية.
وأشار إلى أنه لو كانت السعودية حريصة على استمرار العلاقات الأخوية مع مصر خصوصًا في الفترة الحالية يجب عليها ألا تنقلب على مصر بسبب مواقف بعض الرافضين للاتفاقية، مشيرا إلى أنه على الرياض والقاهرة الحفاظ على التقارب الحالي ﻷن كل منهم يحتاج للآخر.
وشدد إدريس، على أن السعودية محتاجة لمصر أكثر من احتياج الأخيرة، خصوصا في ظل تنامي الدور الإيراني والتطورات العالمية.
دعا إلى حسم القرار الخاص بتبعية الجزيرتين لأي من البلدين يجب ألا يكون بقرار برلماني أو حتى استفتاء شعبي، بل تحكمه القوانين الدولية ورؤية المتخصصين والعلماء.
وطالب بتشكيل لجنة متخصصة محايدة تضم كافة الآراء من الطرفين المتنازعين للفصل في أمر الجزيرتين.
من جانبه، قال الدكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات، إن قرار البرلمان برفض الاتفاقية بالطبع سيؤثر على العلاقات بين القاهرة والرياض.
وأضاف الغباشي، لـ” مصر العربية”، أنه لا بد من معالجة الخلاف الحالي بحكمة مراعاة للظروف الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن قضية الجزيرتين عالقة منذ سنوات بحسب الوثائق المنشورة ومع ذلك كانت العلاقات قائمة ومستمرة.