ريم الأتاسي: حلم كان يدعى سوريا


175

البارحة خرجت لأتسوق بعض الحاجيات، كانت الساعة تقريبا حوالي الثامنة والربع مساء، كان الطقس دافئا لأول مرة منذ عدة أشهر في هذه البلاد المقيتة، كنت أسير على الرصيف أتأمل المنازل الأوروبية والأوربيون كيف يمضون نهار عطلتهم في يوم صيفي كهذا .. أحسست فجأة بالدموع وقد باغتت عيني عندما تأملت بالماضي وتذكرت ميكروسيريا، عندما سمعت تلك اللكنة الغريبة ورأيت البرود الذي يسكن الناس رغم نشاطاتهم، شعرت بفراغ الوطن .. بغربة مرة تلفح قلبي من كل صوب .. وكم تمنيت لو استطعت أن أجمعهم وأحدثهم عنك يا سوريا، كم تمنيت لو استطعت أن أقف بينهم ان اقطع حديثهم البارد، ان اخبرهم عن منازلنا التي كانت تشبه منازلهم بل أجمل، عن شوارعنا التي ما كانت تهدأ في مثل هذه الأوقات، عن المقاهي التي كانت تعج بعد الثامنة بالشبان والشابات، عن المنازل التي كان يجتمع فيها الأحبة، عن الأسواق التي كانت تظل مفتوحة الابواب حتى منتصف الليل لا تغلق كما حالهم في ساعات المساء الاولى.. أردت أن أخبرهم عن السكينة التي كنا نعيش فيه، عن الامان، عن الاحلام التي كانت تكبر كل يوم، عن اننا كنا نحب اوطاننا كثيرا .. او ربما اليوم بعد ان فقدناها بتنا نشعر بهذا الشيء ، تمنيت لو اشدهم من يدهم واريهم سوريا كيف كانت وكيف كنا نعيش فيها عندها فقط كانوا سينظرون الينا على اننا حقا اناس نعرف معنى الحرية والحضارة، سيعلمون بأن الحياة خلقت عندنا ولاجلنا ولان حياتهم الباردة كانت ستموت على اراضينا، بين ازقتنا في شوارعنا ..

كنا سعداء رغم حزننا، كنا نعيش رغم كل شيء وحتى إلى هذه اللحظة ، كنا ذات يوم ننتمي إلى عالمنا نصادف الاغنياء والفقراء، نمر بالسعداء والتعساء لكننا رغم كل شيء كنا نعيش بسلام، بوطن ننتمي إليه وينتمي إلينا .. بلغة نتحدثها ويفهمها الجميع، بذكريات ربما لن تعيدها الايام .. لكنها ستبقى حتى الازل في صميم الاعماق .. فماذا فعلنا بك يا وطني ..

حمل تطبيق ميكروسيريا ليصلك كل جديد 

get-it-on-google-play