ماذا وراء تهديد إيران بغلق مضيق هرمز؟
8 أيار (مايو - ماي)، 2016
“إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز” تهديد يعد الأخطر من نوعه فيما لم يتضح بعد الهدف الحقيقي من وراء إطلاق هذا التهديد، فالهدف الظاهر إعلان طهران رفض أي تقييد لقدرات برنامجها للصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية، وضمان رفع العقوبات، بما يضمن استمرار تفوقها العسكري على دول المنطقة، حتى في ظل القيود المؤقتة على برنامجها النووي.
كذلك يعد التهديد الإيراني بحسب خبراء استراتيجيين بمثابة إعلان حرب أو محاولة لجر دول المنطقة إلى سيناريو حرب إقليمية ومواجهة مباشرة بين إيران ودول الخليج، أو على الأقل التلويح بها، فهل تتعمد إيران استفزاز دول المنطقة وضرب استقرارهم بسلسلة من الحروب بالوكالة وصولا لحرب مباشرة، لا تقوى عليها إيران المنهكة اقتصاديا، بما يعزز احتمال أن تكون تهديدات للمساومة والمقايضة إما استكمال برنامج الصواريخ الإيرانية وتدخلات إيران بالمنطقة وتنصيبها بذلك “شرطي المنطقة”، وإما تهديد المصالح الحيوية بالمنطقة.
يعد هذا التهديد بمثابة ساحة اختبار لمدى صدقية الولايات المتحدة في حماية الحلفاء بعد إعلانها بالقمة الخليجية الأخيرة “ملتزمون بأمن الخليج” إلا أن واشنطن كانت قد دعت لتعزيز القدرات الخليجية الذاتية بتدريب قوات خاصة ومناورات بحرية ضد أي تهديد محتمل.
تتزامن التهديدات الإيرانية مع جولات متعثرة للمفاوضات السياسية السورية اليمنية تشهد تعنتا شديدا من قبل حلفاء إيران نظام الأسد والحوثييين، وفي ظل تنامي العلاقات الأمريكية الأوروبية الإيرانية دون أي ضغوط حقيقة للضغط على طهران، بما يرجح عدم وجود صراع حقيقي إيراني أمريكي، إنما رسائل تهديد عسكري بمغزى سياسي لدول المنطقة، بحسب مراقبين.
إيران تهدد بغلق مضيق هرمز
هدد الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني، بإغلاق مضيق هرمز الحيوي لتجارة النفط، أمام السفن الحربية للولايات المتحدة وحلفائها، إذا «هُددت» طهران.وذكّر باعتقال «الحرس» في يناير الماضي، 10 من مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، بعد دخولهم المياه الإيرانية خطأً. كما تطرّق سلامي إلى إسقاط حاملة الطائرات الأميركية «يو أس أس فينسنس» طائرة مدنية إيرانية فوق مياه الخليج عام 1988، ما أدى إلى مقتل ركابها الـ290.
جاء تهديد سلامي في معرض تعليقه على مشروع قرار جديد للكونغرس الأميركي يستهدف فرض عقوبات جديدة على برنامج إيران الصاروخي، عقب استمرار طهران بإجراء اختبارات على صواريخ بالستية تحمل رؤوساً نووية، ما يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن إيران.
وهدد سلامي في مقابلة مع القناة الأولى للتلفزيون الإيراني بالرد على أميركا في حال مصادقة الكونغرس على مشروع القرار، الذي ينص أيضاً على وضع قيود على المناورات الإيرانية في الخليج، والتي قال عنها سلامي إن “الحرس الثوري على غرار الجيش الإيراني لديه روزنامة للمناورات السنوية، يجريها بما يتلاءم مع المناسبات العسكرية والسياسية”، على حد تعبيره.
وأضاف نائب قائد الحرس الثوري: “ربما نجري المناورات أيضاً دون إعلان مسبق لإظهار قدرة إيران..لن نسمح لأي قوة أو دولة باتخاذ قرار حول إجراءاتنا الدفاعية ومناوراتنا. نحذر الأعداء، خصوصاً الأميركيين..”
واعتبر سلامي أن معاهدة البحار المُبرمة عام 1982 «تُجبر» طهران على «منع دخول سفنٍ مضيق هرمز، إذا كان يترتّب على ذلك أي ضرر». وتابع: «إذا أرادت أميركا وشركاؤها وحلفاؤها تهديدنا، سنستفيد من قانون العبور غير المضرّ، ولن نسمح بعبور أي سفينة وقطعة بحرية تحاول تهديدنا. إيران لن تسمح لسفن تهدد أمنها بعبور مضيق هرمز.”
جاءت تصريحات هذا المسؤول العسكري بعد يومين من تصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، والتي هاجم خلالها حضور القوات الأميركية في الخليج وإجرائها مناورات مشتركة مع دول عربية، وقال إنه “على الأميركيين الذهاب إلى خليج خنازير لإجراء مناوراتهم”، وخليج الخنازير هو أحد الخلجان على الساحل الجنوبي لكوبا.
كان قد حذر قائد عسكري أمريكي قبل أيام من أن ميليشيات «الحوثيين» تقف جنبا إلى جنب مع تنظيم «القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، بوصفهم أبرز المخاطر التي تهدد حرية الملاحة في المياه المحيطة بالجزيرة العربية، التي تمثل ممرات حيوية بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي.
إيرن تهدد كلما تعرضت لأزمة
تهديد سلامي ليس الأول من نوعه فقد كرر القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد جعفري، في 25 فبراير 2015، تهديدات طالما أطلقها مسؤولو النظام الإيراني العسكريون والمدنيون منذ ثلاثة عقود كلما اشتدت الأزمات في المنطقة، أو تعرضت طهران لضغوط دولية، لاسيما بشأن ملفها النووي المثير للجدل.
أثناء المفاوضات مع الطرف الأميركي في جنيف بغية التوصل لاتفاق شامل بشأن الملف النووي، قال جعفري إن بلاده توصلت إلى “قوة لا مثيل لها، ولكن لا تريد ممارستها على أرض الواقع، ولكن لو وصل ذلك اليوم ستسيطر قوتنا البحرية بالكامل على بحر عمان ومضيق هرمز والخليج بالكامل، لأنها تقع في مرمى صواريخنا وقطعاتنا البحرية وسفن زرع الألغام التابعة للحرس الثوري“.
جاء ذلك على هامش مناورة بحرية جوية للقوات الإيرانية في الخليج العربي، بحسب موقع وكالة “تسنيم” للأنباء القريبة من الحرس الثوري الإيراني والأجهزة الأمنية.
إيران طالما هددت بغلق مضيق هرمز أمام السفن المارة، على مدار الخمس سنوات الماضية، على لسان الكثير من القادة الإيرانيين، بينها على لسان قائد القوة البحرية في حرس الثورة الإسلامية، الأميرال «علي فدوي» في مارس 2015، والذي أشار إلى قدرة الحرس الثوري على إغلاق مضيق هرمز إذا تطلب الأمر، وحمّل الولايات المتحدة الأمريكية مسئولية أى خلل فى أمن منطقة مضيق هرمز”.
إغلاق المضيق إعلان حرب
حذر الكاتب طلال عبدالكريم العرب في مقال بعنوان “إغلاق هرمز يعني إعلان حرب” بصحفية “القبس الكويتية” في 8 يوليو 2012 من أن “مضيق هرمز يعتبر أهم ممر مائي في العالم، أما إغلاق المضيق فيعني خنق العالم وقطع شريان الطاقة عنه، وهذا يعني إعلان حرب، ودعوة إلى إجبار العالم على احتلال منطقة هرمز بكاملها وجعلها ممرا دوليا تحت سيطرة الأمم المتحدة.“
يعد مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها حركة للسفن، يقع في منطقة الخليج العربي، فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر.
ووفقا لما نقلته صحيفة “واشنطن تايمز”، فإنه لا يزال ثلث إمدادات النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز، وقد خاضت إيران والولايات المتحدة، صراعًا حول القضية ذاتها في أواخر الثمانينيات، نتج عنه خسارة إيران، لكن حينها كانت القوات البحرية الأمريكية أقوى بكثير في المنطقة في حين نشهد عواقب تخفيض القوة البحرية الأمريكية إلى المستوى الحالي الضعيف للسفن وقدراتها.”
العقوبات والصواريخ البالستية
إيران تصر على استكمال برنامجها للصواريخ البالستية لتظل ورقة ضغط في وجه دول الخليج إلى جانب حرب الميلشيات التي تشنها في عدة عواصم عربية، بما يوجد خلل في موازين القوى لصالح طهران، وفي 9 مارس 2016 نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن قائد كبير في الحرس الثوري البريجادير جنرال أمير علي حاجي زادة قوله “برنامج إيران الصاروخي لن يتوقف تحت أي ظرف كان الحرس الثوري لم يقبل مطلقاً قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بنشاط إيران الصاروخي و نحن جاهزون دوماً للدفاع عن بلدنا ضد أي معتد، إيران لن تكون اليمن أو العراق أو سوريا“.
تحت عنوان “عقيدة الحرس الثوري الإيراني” رصد موقع ميدل إيست بريفنج البحثي تفاصيل استراتيجية الحرس الثوري، استنادًا إلى ما جاء في خطاب مطول ألقاه الجنرال محمد علي جعفري يوم الثلاثاء الموافق 5 أبريل: “إيران ستطور برنامجها البالسيتي رغم انتقادات الدول الغربية، وفي حين أن بلادنا لا ترحب بالحرب، فلو فرض الخيار العسكري علينا فإننا ستخوض الحرب كما فعلنا خلال الحرب العراقية-الإيرانية، ولتخسأ أميركا فهي لا تستطيع أن تفعل شيئا.“
كانت قد ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الحرس الثوري الإيراني أجرى يومي 8 و9 مارس 2015 عدة تجارب صواريخ باليستية.
يشار إلى أن القرار رقم 1929 الذي تبناه مجلس الأمن في 2010، يمنع إيران من القيام بنشاطات مرتبطة بالصواريخ البالستية التي يمكن أن تحمل أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق التي تستخدم تكنولوجيا الصواريخ البالستية.
ويحظر قرار مجلس الأمن -الذي يتبنى الاتفاق النووي- على إيران امتلاك صواريخ مصممة لحمل رؤوس نووية، لكن إيران تقول إن صواريخها لن تحمل رؤوسا نووية أبدا.
من جهتها قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير لها: إن وتيرة التجارب الصاروخية الإيرانية وشحنات أسلحتها إلى اليمن والتدخل في سوريا، تسارعت منذ توقيع الاتفاق النووي، وتناولت تشكيك دبلوماسيين في قدرة الولايات المتحدة على إقناع مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على إيران بشأن تجاربها الصاروخية، ففي الوقت الذي تتحدث فيه روسيا عن أن التجارب الصاروخية ربما تنتهك روح قرار مجلس الأمن 2231، الذي تمت الموافقة عليه بعد الاتفاق النووي مع إيران، لكنها تشير إلى أن التجارب لا تتعارض مع الكلمات المذكورة نصًا في القرار.