الجنّة “مفتاح” الخميني لحرب العراق و”جواز” خامنئي لسوريا

11 مايو، 2016

في الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في الثمانينيات من القرن المنصرم، واستمرت أكثر من 8 سنوات، وراح ضحيتها أكثر من مليون قتيل، كان الخميني يوزع مفاتيح الجنة كوسيلة مؤثرة باستخدام الدين لدفع الشباب إلى الذهاب إلى جبهات القتال، فكان بإعطائهم تلك المفاتيح يعدهم بدخول الجنة إذا ماتوا، وكان يطالبهم بالاحتفاظ بها حتى الموت ليفتحوا بها منازلهم وقصورهم فيها.

التاريخ يعيد نفسه من جديد في إيران، فقد عاد الولي الفقيه “خامنئي” إلى استخدام الدين مرة أخرى لدفع الشباب إلى محرقة الحرب في سوريا، ولكن هذه المرة تعددت مفاتيح الجنة في سوريا؛ فتارة عبارة عن جوازات مرور إلى الجنة، وتارة أخرى إغراءات مادية وهدايا للمرتزقة الأفغان، بل إن مجلس الشورى أقر قانوناً لمنح أبناء القتلى من المرتزقة الأفغان الجنسية الإيرانية.

– صكوك الغفران

على شاكلة صكوك الغفران التي كان يمنحها بابا المسيحيين في الحروب الصليبية للمقاتلين في الشرق، يستخدم نظام ولاية الفقيه السياسة الخادعة نفسها ولكن بطرق أكثر حداثة؛ فقبل سنتين حصل الثوار السوريون على جوازات خضراء مع قتلى إيرانيين مكتوب عليها (جواز السفر إلى الجنة)، فالخدعة الخمينية تطورت من مجرد مفاتيح إلى جوازات سفر، والضحايا قطيع من الشباب المخدوع بعمامة الولي الفقيه المقدسة.

ويمثل هذا الجواز شكلاً من أشكال الدعم المعنوي للمقاتلين الشيعة الذين يرسلون إلى ساحات القتال في سوريا؛ ويرى متابعون أن السبب في ظهور مثل هذه الجوازات هو التراجع المعنوي؛ بسبب المكاسب العسكرية التي حققها الثوار في أكثر من منطقة سورية.

والجوازات التي عُثر عليها في سوريا كانت بأكثر من شكل؛ فقد وجد أحدها مكتوباً أعلاه عبارة تقول: “حب علي نجاة من النار”، وآخر مكتوب عليه “يسمح لحامل هذا الجواز دخول الجنة لأنه من شيعة علي”، وآخر كتب عليه لفظ الشهادة، وجميعها كانت تحمل في أسفلها عبارة “جواز الدخول إلى الجنة”.

– هدايا وإغراءات

يعيش في إيران ملايين من اللاجئين الأفغان الهاربين من الحروب الأهلية الطاحنة في أفغانستان، وأوضاع الجالية الأفغانية غاية في الصعوبة والفقر، خاصة مع عدم توافر فرص العمل سوى المهن الشاقة من أعمال البناء والحفر والعتالة، وكانت الحرب في سوريا فرصة للشباب الأفغان؛ بسبب الإغراءات المالية لتحسين أوضاع عائلاتهم في إيران، خاصة أن مجلس الشورى (البرلمان) أقر قانوناً يسمح للحكومة الإيرانية بمنح الجنسية لعائلات الأجانب الذين قاتلوا “لمصلحة البلاد”، ويعني ذلك إمكانية سريان هذا القانون على من يقاتلون لمصلحة طهران في سوريا.

كما أن خامنئي، في وقت سابق وبمناسبة عيد الغدير؛ ومن أجل شراء صبر الجنود الموجودين في هذه المنطقة، أصدر أوامره بتوزيع العطايا والهدايا لهؤلاء المقاتلين وأسرهم، وقد تم الإعلان عن ذلك من قبل قائد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري، علي فدوي، وممثل المرشد في القوة البحرية للحرس الثوري، عبد النبي صداقت، في مراسم حفل لهذه القوات بمناسبة يوم الغدير وبحضور جمع من القوات المتمركزة في هذه المنطقة، تم خلالها نقل تبريكات خامنئي وتحياته الحارة عن طريق فدوي وصداقت لهؤلاء الأفراد، وقد شملت هذه الهدايا والعطايا جميع أفراد القوات العسكرية والأمنية التابعة للجيش والحرس الثوري وقوات الباسيج الإيرانية وأسرهم.

– تجنيد الأطفال

قتل في الحرب العراقية الإيرانية آلاف من الأطفال الإيرانيين دون سن الثامنة عشرة، حيث كان الخميني يشجع المراهقين على القتال في جبهات الحرب نظراً للحاجة الماسة إلى المقاتلين، ويعيد خليفته خامنئي الكرة مرة أخرى؛ فقد بدأت قنوات التلفزة الرسمية تبث برنامجاً دعائياً يظهر أطفالاً ينشدون أغنية من إنتاج الباسيج يستعدون فيها للذهاب للقتال في سوريا والعراق.

وهذه جريمة أخرى للنظام الإيراني الذي يسعى إلى تجنيد أطفال؛ استعداداً لزجهم في جبهات القتال في سوريا وتقديم الدعم لنظام بشار الأسد، كما بثت القنوات الإيرانية الرسمية تسجيلاً مصوراً يظهر لقطات من مشاركة الحرس الثوري الإيراني في العمليات العسكرية الميدانية التي يشارك فيها في سوريا إلى جانب قوات الأسد، ودعوة عناصرِه الشبابَ في إيران وأفغانستان للتطوع والالتحاق بصفوفه في سوريا.

– سخط شعبي

واستطلع مراسل “الخليج أونلاين” الآراء في العاصمة الإيرانية طهران، حيث لاحظ وجود سخط شعبي من التدخل الإيراني في سوريا؛ فغالبية الإيرانيين يرفضون التدخل في سوريا بسبب ضياع أموال الدولة في حرب لا يستفيد منها الشعب الإيراني، إلى جانب اعتراضهم على إرسال المقاتلين الإيرانيين الشباب إلى سوريا، خاصة بعد مقتل مئات منهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

وأكد عديد من الإيرانيين لمراسل “الخليج أونلاين”، اعتراضهم على التدخل الإيراني في سوريا، مشيرين إلى أن “المليارات الإيرانية تصرف على هذه الحرب في حين يعاني عديد من الإيرانيين من الفقر والبطالة، ومن أراد العمل فعليه القتال في سوريا ليقتل فيها”، لافتين إلى خروج عديد من التظاهرات العمالية بسبب تأخر استلام رواتبهم الشهرية لتدهور الأوضاع الاقتصادية، وكانوا يرددون شعارات يقولون فيها إنهم أحق بهذه الأموال التي تنفق على الحرب في سوريا.

ويمارس نظام ولاية الفقيه منذ 36 عاماً سياسة تدخلات في شؤون الدول الأخرى، من خلال مخططات تصدير الثورة الخمينية؛ ونتيجة ذلك ضاعت المليارات من أموال الشعب الإيراني، وأزهقت أرواح كثير من الإيرانيين في حروب عدة، فهل آن أن يتوقف النظام عن هذه المغامرات، ويلتفت إلى المطالبات الشعبية بضرورة تحسين الظروف المعيشية للإيرانيين؟ يتساءل مراقبون.