ثمرة القبّار (الشّفلّح) مصدرُ رزقٍ لمئات العائلات في حماة وإدلب

12 أيار (مايو - ماي)، 2016
5 minutes

عبد الرزاق الصبيح: المصدر

يشرق فجر يوم جديد، ينظر إلى الأطفال يتراكضون إلى ملاعبهم، فيحز في نفسه أطفاله الذين يقاسون الأمرين لمساعدته في الحصول على المال، تجتمع العائلة فوق شجيرة القبّار (الشفلح) لجني ثمارها، ويتحملون شوكها ووعورة الأرض وحرارة الشمس في سبيل الحصول على دراهم معدودات، علّها تغنيهم عن راتب كان يتقاضاه الأب من النظام الذي انشق عنه منذ سنوات.

يلجأ الناس في مثل هذه الأيام إلى الوديان والأراضي الزراعية في أرياف إدلب وحماة، من أجل البحث عن نبات القبّار وقطاف ثماره وبيعها، والتي تعود بشيء من النّفع على عوائل من ريف إدلب وعوائل نازحة من ريف حماة، ولاسيما بعد فقدان العديد من العائلات مصدر دخلها، بسبب الحرب في البلاد.

نبات القبّار الشوكي والذي يسمى في ريفي إدلب وحماة بـ (الشّفلّح) هو شجيرة بعلية ذات أشواك صغيرة، تنمو في مناطق متفرّقة من ريف إدلب، ولها ثمار صغيرة، وتكثر في الوديان والأراضي الزراعية في ريفي إدلب وحماة.

يخرج الأهالي باكراً مع أبنائهم الصّغار إلى الحقول والوديان وأطراف الضواحي والمدن، من أجل قطاف ثمار القبّار، وجمعها وبيعها، والقسم الأكبر هم من المنشقين عن النظام من عسكريين ومدنيين، والذين فقدوا مصادر دخلهم، وشكل النّبات الشوكي الصغير مصدر رزق لهم في هذه الفترة من السنة، ويصل ثمن ما تجنيه العائلة الواحدة من ثمار هذه النبتة إلى نحو عشرة دولارات في اليوم الواحد.

رجب، أحد أبناء بلدة كفرسجنة بريف إدلب، يعمل وعائلته في قطاف ثمار القبار، التقته “المصدر” في مكان عمله، وتحدث عن عمله وما يعانونه في سبيل الحصول على لقمة العيش، كما تطرق لجارته التي تعمل معهم فقال: “جارتي امرأة قتل زوجها على أيدي قوات النظام في طريقه إلى لبنان منذ سنوات، انقطعت عنها سبل المعيشة، فخرجت وأطفالها الصغار الذي يبلغ أكبرهم الثالثة من عمره، تحت وطأة الحر الشديد، والخوف من لسعة عقرب أو أفعى قد يتعرض لها أطفالها، إلا أنها لا تملك للحياة سبيلاً إلا في هذا العمل الذي يدر عليها بعض المال، وهي لا يصلها من المساعدات أي شيء”.

وأضاف: “لا ننتظر مساعدة من أحد، فمن يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري كان الأجدر بهم أن ينظروا إلى حال هؤلاء الأيتام الذين يسعون ليبقوا على قيد الحياة من بين أشواك هذه النباتات”.

وأشار إلى أن المكان الذي يجنون منه ثمار نبتة القبار يتوافد عليه أهالي بلدة كفرسجنة وقريتي معرتحرمة والشيخ مصطفى المجاورتين، إضافة إلى العوائل النازحة من بلدتي كرناز وكفرنبودة ومدينة حلفايا بريف حماة، ويبدؤون بالعمل الساعة الخامسة صباحاً وينتهون الساعة التاسعة.

ويتم تصدير النبات إلى خارج سوريا عن طريق تجّار في الداخل، وبطريقة نظامية عن طريق الجمارك السوريّة، ويباع إلى عدّة دول أوربية، وذلك بعد حفظه في براميل بلاستيكية خاصّة، وبعد إضافة ملح الطعام عليه من أجل حفظه.

أبو أنس رحمو، من كبار تجّار مادة القبّار في الداخل السوري، وفي حديث لـ “المصدر” قال: يتم شراء كميّات كبيرة من ثمار القبّار عن طريق التجّار في مناطق مختلفة من ريفي إدلب وحماة وحلب وحمص، ونقوم بتصديره إلى دول ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودول أجنبية أخرى.

وعن فائدة ثمرة هذه النبتة، قال رحمو: تستخدم ثمار هذه النّبتة غالباً من أجل صنع مواد أوليّة لبعض الأدوية، وقسم آخر يذهب للمخلّلات، وشاهدنا ثمار القبّار تقدّم كمقبّلات في مطاعم راقية في أوربا.

طفلة تحمل فرحةً ما جنت من ثمار القبار، تدخل محل بيع ثمار القبار أثناء تواجدنا هناك، وعند سؤالها عمّا تفعله بالمال الذي تجنيه من بيع ثمار القبار قالت إنها تساعد فيه أهلها في شراء السمن والزيت والمواد اللازمة للمنزل، وأردف صاحب المحل قائلاً: “في أغلب الأحيان لا يكفيهم ثمن ما يجنونه من عملهم لشراء المواد الضرورية لهم، فأعطيهم إياها وأنتظرهم حتى يسددوا لي كامل المبلغ، وأحياناً أنتظرهم عشرة أيام حتى يسددوا ما عليهم”.

أخبار سوريا ميكرو سيريا