مَن هو بن علي يلدريم؟ ولماذا اختاره أردوغان ليحل محل داوود أوغلو؟
21 أيار (مايو - ماي)، 2016
المونيتور –
أعلن حزب العدالة والتنمية عن رئيسه الجديد يوم 19 مايو، وهو وزير النقل والشؤون البحرية والاتصالات بن علي يلدرم. ولا يزال ممثلو الحزب بحاجة إلى “انتخاب” يلدرم في 22 مايو، ولكن هذا مجرد إجراء شكليّ. بمجرد أن يصبح رئيس الحزب، سيقوم يلدريم بتشكيل مجلس الوزراء الجديد، والحصول على موافقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والبدء في وظيفته كرئيس للوزراء في مطلع الأسبوع المقبل.
فمن هو بن علي يلدريم؟ وُلِد يلدريم في بلدة “رفاهية ” بمحافظة أرزنجان شرق الأناضول في عام 1955، وهو مهندس بحري. وقد عمل سنوات عديدة في مختلف شركات النقل العام قبل دخوله معترك السياسة مع حزب العدالة والتنمية في عام 2001. ومن عام 2002 إلى عام 2014، شغل يلدريم منصب وزير النقل ورسّخ صورة كمخطط ناجح للمشاريع الكبرى، بما في ذلك الطرق السريعة الجديدة، والقطارات فائقة السرعة، والأنفاق والمطارات والجسور. يعرفه الشعب التركي كوزير يتحدى الصعاب.
لكنَّ السبب في أهمية يلدريم هو علاقته الوثيقة مع أردوغان. نجح يلدريم في ثلاث ولايات انتخابية متتالية في حزب العدالة والتنمية كان آخرها في عام 2014، لكن أردوغان لم يسمح له بالرحيل. ترشح يلدريم لرئاسة بلدية أزمير، لكنه فشل في الفوز في تلك المدينة العلمانية بحزم. ثمّ عيّنه أردوغان كمستشار له، وكما يعتقد الكثير، أبقاه كداعم له ضد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
في عام 2015، دخل يلدريم مجلس الوزراء كوزير للنقل والشؤون البحرية والاتصالات. وقبل ثلاثة أشهر، سمع الناس في أنقرة شائعات بأن أردوغان كان غير راضٍ عن داود أوغلو، وأنّه سوف يستبدله بيلدريم، وهذا ما حدث بالفعل.
ولكن لماذا استبدل أردوغان داود أوغلو بيلدريم؟ الإجابة البسيطة، لأن داود أوغلو لم يثبت أنه مخلص ومطيع بدرجة كافية. كما ظهر في المدونة الغامضة التي أدت إلى استقالة داود أوغلو، كانت هناك خلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء بشأن قضايا مثل حرية التعبير، والعلاقات مع الغرب وسيادة القانون. داود أوغلو، بالرغم من كل شيء، هو أستاذ سابق في العلوم السياسية والفكرية، ولديه آرائه الخاصة بشأن القضايا السياسية التركية، ولديه أيضًا كاريزما تلقائية، مع مجموعة صغيرة من “أنصاره” من بينهم بعض من أكثر الشخصيات الأكاديمية والخبراء في حزب العدالة والتنمية.
في المقابل، يلدريم هو رجل تكنوقراطي لا يمتلك أي موقف واضح حول القضايا المثيرة للجدل. لديه القليل الكاريزما ولا يمتلك مجموعة من “الأنصار” وراءه. يُعرف عنه التحدث ببطء، على الرغم منه أنّه بارع في الحديث. يلدريم هو الشخص المثالي الذي “يعمل كثيرًا، ويتحدث قليلًا”، كما وصفه أحد مؤيدي أردوغان عندما تحدث عن توقعات الحزب حول رئيس الوزراء الجديد.
وهذا هو السبب في أن بعض المعلّقين السياسيين الأتراك قد اقترحوا مؤخرًا أنّه مع رحيل داوود أوغلو ووصول يلدريم، أصبح منصب رئيس وزراء تركيا مثل كرات العث. من الآن فصاعدًا، سيتحول رؤساء الوزراء إلى مساعدين للرئيس، الذي يمتلك كل السلطة السياسية.
يمكن حل مكتب رئيس الوزراء في وقت قريب إذا حصل أردوغان على “النظام الرئاسي” بموجب صياغة دستور جديد. كان أحد الشكاوى من داود أوغلو أنّه تحدث فقط عن هذا التحوّل. ومن المتوقع أن يكرس يلدريم نفسه لهذا الهدف، والذي سيصل سوف إلى حدّ إلغاء منصب يلدريم.
يمكننا أن نجادل، إذن، أنَّ حكومة يلدريم هي مجرد خطوة أخرى في الاتجاه الذي هيمن على السياسة التركية في العقد الماضي: تركيز ثابت للسلطة في أيدي أردوغان. كانت هذه الديناميكية واضحة حتى في خطاب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك، الذي أعلن يلدريم رئيسًا للحزب الجديد. أشاد كوادر وأنصار حزب العدالة والتنمية بهذا الخبر السار. ولكن الإشادة الأقوى جاءت عندما أثنى سيليك، مع عاطفة متزايدة، “بقائدنا” (أردوغان) وأكّد، “ليس هناك ملليمتر واحد من الخلاف بين رئيسنا وأعضاء حزب العدالة والتنمية”.
والحقيقة هي أنَّ هناك بعض الخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء السابق. ولكن مع رئيس الوزراء الجديد، انتهى الخلاف تمامًا. في الواقع، أصبح رئيس الوزراء والحزب والدولة شيئًا واحدًا في عهد أردوغان.