كيف تبدو جبهات القتال ضد النظام في درعا منذ مطلع العام؟


كيف تبدو جبهات القتال ضد النظام في درعا منذ مطلع العام؟

إياس العمر: المصدر

كانت جبهات محافظة درعا، منذ انطلاق الحراك المسلح، من أبرز الجبهات وأكثرها فعالية، حيث سيطر ثوارها على أكثر من 70 في المئة من مساحة المحافظة التي كانت تعتبر أهم معاقل قوات النظام، وذلك على مراحل متعددة امتدت منذ تحول الثورة إلى العسكرة مطلع عام 2012 حتى مطلع العام الجاري.

وفي المقابل، شهد المحافظة منذ مطلع هذا العام نوعاً من الجمود على معظم الجبهات ضد قوات النظام، رغم أن الأخيرة تقدمت وسيطرت على مواقع استراتيجية خاصة بالثوار، لعل أهمها مدينة الشيخ مسكين التي سيطرت عليها قوات النظام أواخر كانون الثاني/يناير الماضي.

قوات النظام تسيطر على الشيخ مسكين

وكانت البداية مع حملة قوات النظام للسيطرة على مدينة الشيخ مسكين ذات الأهمية الاستراتيجية، في (28 كانون الأول/ديسمبر) من العام الماضي، واستمرت حتى (26 كانون الثاني/يناير) من العام الحالي، حينها سيطرة قوات النظام على المدينة بشكل كامل.

وتزامنت حملة قوات النظام على مدينة الشيخ مسكين مع غطاء جوي روسي، حيث استهدفت الطائرات الروسية، على مدار الأيام الثلاثين من عمر حملة قوات النظام، المدينة بأكثر من 850 غارة جوية، بحسب إحصائيات ناشطين من المحافظة، إضافة إلى استهداف طيران النظام المروحي للمدينة بأكثر من 300 برميل متفجر.

الناشط أحمد المصري قال لـ “المصدر” إن لسيطرة قوات النظام وميلشياته على الشيخ مسكين كان له أثر كبير على معنويات الثوار في عموم محافظة درعا، فهي المرة الأولى التي تتمكن فيها قوات النظام من إحراز تقدم على حساب الثوار منذ منتصف عام 2013، عندما سيطرت على مدينة خربة غزالة بريف محافظة درعا الشرقي، لتكون سيطرة قوات النظام على المدينة مطلع العام الجاري نقطة تحول.

قوات النظام تسيطر على عتمان

وفي (3 شباط/فبراير) من العام الجاري، وعقب سيطرة قوات النظام على مدينة الشيخ مسكين، بدأت قوات النظام وبغطاء جوي روسي وبمشاركة الميلشيات الموالية هجوماً واسعاً على بلدة عتمان مدخل مدينة درعا الشمالي، وبعد ثلاثة أيام من المعارك، وفي (5 شباط/فبراير) سيطرت قوات النظام على البلدة الاستراتيجية، وذلك بعد أكثر من 140 غارة من الطيران الروسي وعشرات البراميل المتفجرة التي أسقطتها طائرات قوات النظام على البلدة، ليكون التقدم الثاني لقوات النظام في المحافظة.

وقال الناشط هاني العمري في حديث لـ “المصدر” إن الطيران الروسي وعقب سيطرة قوات النظام على بلدة عتمان بدأ يوسع من دائرة قصفه في المحافظة، ليشمل معظم المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، ووثق ناشطو المحافظة أكثر من 2100 غارة جوية روسية منذ (1 كانون الثاني/يناير) وحتى (27 شباط/فبراير)، وتركزت بشكل أساسي على مدن وبلدات (الشيخ مسكين – ابطع – داعل – عتمان –نوى – جاسم – انخل – الحارة – اليادودة – طفس –  درعا البلد – النعيمة – الغارية الغربية – الغارية الشرقية – صيدا – علما – الصورة – الحراك – بصر الحرير – بصرى الشام)، مشيراً إلى أن كثافة الغارات الروسية وتركيزها على المرافق الحيوية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار أدت إلى حالة من الشلل في عموم المحافظة، ولا سيما في أسواق المحافظة، وفي القطاعين الطبي والتعليمي.

معركة (وإن عدتم عدنا)

في (21 شباط/فبراير) أعلنت مجموعة من تشكيلات الجبهة الجنوبية عن بدء معركة (وإن عدتم عدنا) في منطقة مثلث الموت، وضمت التشكيلات: (جيش اليرموك – جبهة ثوار سوريا – الوية سيف الشام – الوية الفرقان – جيش الابابيل)، لتكون أول عملية يتم الإعلان عنها من قبل التشكيلات في عام 2016، وكانت تهدف إلى السيطرة على عدد من المواقع الهامة في مثلث الموت، ومنها تل غرين والذي يعتبر المدخل لمنطقة مثلث الموت، كما أن أهمية العملية تكمن في انتقال التشكيلات من حالة الدفاع، بعد خسارة مدينة الشيخ مسكين وبلدة عتمان، إلى مرحلة الهجوم، لكن وبعد أيام من المعارك لم تحرز التشكيلات أي تقدم ملحوظ، للتوقف العملية.

هدوء الجبهات مع بدء اتفاق وقف الأعمال العدائية

وفي (27 شباط/فبراير) كانت أحد أهم نقاط التحول بالنسبة لجبهات القتال مع قوات النظام في محافظة درعا، وذلك بإعلان وقف الأعمال العدائية، والذي كان أثره واضحاً بشكل كبير على جبهات القتال مع قوات النظام في المحافظة، وكان ملاحظاً توقف طيران النظام والطيران الروسي عن استهداف مناطق سيطر الثوار في المحافظة، إلا أن ذلك لم يمنع قوات النظام من خرق الاتفاق لأكثر من 500 مرة في عموم المحافظة، كان منها أكثر من 150 خرقاً في أحياء درعا البلد التي يسيطر عليها الثوار، ووزعت بقية الخروقات على عموم مناطق المحافظة.

وكان لعودة طيران النظام لقصف مناطق سيطرة الثوار في المحافظة في (28 نيسان/أبريل) الأثر الأكبر على اتفاق وقف الأعمال العدائية، حيث وثق ناشطو المحافظة أكثر من 50 غارة جوية وبرميلاً متفجراً منذ (28 نيسان/أبريل) وحتى (22 أيار/مايو)، حيث استهدف طيران النظام كلاً من مدن وبلدات: (كفر ناسج – كفر شمس – عقربا – نوى – طفس – صيدا – ام المياذن – غرز – بصرى الشام المسيفرة).

معارك حوض اليرموك وأثرها على الجبهات مع قوات النظام:

وأكد الناشط عبد الرحمن الزعبي لـ “المصدر” أن عام 2016 هو العام الوحيد منذ بدء الحراك المسلح في سوريا، الذي تعلن فيه التشكيلات في محافظة درعا عن معركة واحدة ضد قوات النظام، وهي “وإن عدتم عدنا”، بعد أن كانت الأعوام الماضية تشه إعلان عشرات المعارك.

وأضاف بأنه كان لجمود الجبهات مع قوات النظام مجموعة من الأسباب، ومنها استخدم الروس في المحافظة سياسة الأرض المحروقة، والتي مكنت قوات النظام من التقدم إلى عدد من المواقع، كما أنها انعكست على المدنيين في المحافظة، وتسبب بموجة من النزوح هي الأكبر منذ انطلاق الثورة السورية، حيث بلغ عدد النازحين قرابة 150 ألف نسمة خلال شهريين، ما شكل ضغطاً غير مسبوق على مناطق سيطرة الثوار في المحافظة، وبات خوف لدى الأهالي من عودة الطيران الروسي، ما دفعهم إلى الضغط على التشكيلات كي لا يتم فتح جبهات جديدة مع قوات النظام، إضافة إلى انشغال معظم التشكيلات بمعارك منطقة حوض اليرموك والمستمرة منذ (17 آذار/مارس) الماضي، والتي ساهمت أيضاً في استمرار الجمود على الجبهات في محافظة درعا.

أخبار سوريا ميكرو سيريا