فورين بوليسي: البيت الأبيض يمنع نقل القنابل العنقودية إلى السعودية
29 مايو، 2016
فورين بوليسي – إيوان 24
تسببت الهجمات الجوية التي شنتها المملكة العربية السعودية في قتل وجرح المئات من المدنيين، ما دفع الولايات المتحدة إلى وضع حد لهذه المذبحة.
صرح مسؤولين أمريكيين لصحيفة “فورين بولسيي” أن الولايات المتحدة منعت نقل القنابل العنقودية إلى المملكة العربية السعودية لما رأت في هذه العملية مظلمة كبيرة للشعب اليمني الذي يتزايد فيه عدد الضحايا يوماً بعد يوم. وقد اتخذت الولايات المتحدة هذه الخطوة كتعبير منها عن استيائها وعدم ارتياحها عن المذبحة التي تسببت بها المملكة العربية السعودية في اليمن، التي يقول ناشطون في منظمات حقوق الإنسان أنها قتلت العديد من الأبرياء، من بينهم أطفال.
أتت هذه الخطوة بعد جملة من الانتقادات وجهها المشرعون الأمريكيون ضد سياسة الولايات المتحدة التي ضلت داعمة للمملكة السعودية، مزودها الرئيسي للنفط، حتى بعد بدئها للحرب ضد اليمن. وأنتقد المشرعون مساندة الولايات المتحدة لهذه الدولة من خلال تزويدها بالأسلحة وتوفير التدريبات والمعلومات ووقود الطائرات لقوات التحالف التي تقودها في اليمن، إلى جانب بيعها القنابل العنقودية في السنوات الأخيرة.
في حديثه عن ظروف شحن طلبات القنابل العنقودية،صرح مسؤول أمريكي لنفس الصحيفة، شريطة عدم ذكر اسمه، أن قوات التحالف التي تقودها المملكة كانت تستعمل هذه النوعية من القنابل في المناطق التي تعلم تواجد المدنيين فيها أو في المناطق القريبة منهم، وهو ما زاد من مخاوفهم. وأضاف للصحيفة أنهم قد أخذوا جملة المخاوف هذه بعين الاعتبار وشرعوا على إثرها في استقطاب المزيد من المعلومات.
نقل هؤلاء المسؤولون قنابل عنقودية من صنف CBU-105، مصنوعة في الولايات المتحدة، من قبل شركة “تكسترون سيستم” . وبحسب ما جاء عن منظمتي العفو الدولي وهيومن رايتس ووتش، استعملت قوات التحالف هذه القنابل في هجمات على مناطق عديدة في اليمن، تضمنت منطقة العمار وسنحان وعمران وميناء آلهيماء.
وتكتسي هذه القنابل خطورة كبيرة على المدنيين، فهي تحتوي على قنابل صغيرة سريعة الانتشار على نطاق واسع من شأنها قتل المدنيين فوراً وبدون تمييز وتبقى البقية في أماكن يمكن أن يتأثر بها الناس بعد أشهر أو سنوات. تجدر الإشارة أنه تم حضر استعمال هذه الأسلحة على اثر معاهدة دولية في 2008 ، ورفضت أكثر الدول تصنيعاً لهذه الأسلحة كالولايات المتحدة وروسيا التوقيع عليها.
وقامت الولايات المتحدة، كإجابة منها على انتقادات المنظمات الإنسانية، بتقليص صادراتها للقنابل العنقودية وقررت حضر القنابل التي تتضمن القنابل الصغيرة التي تنفجر بعد مدة من إرسالها، كما أصدرت الولايات المتحدة قانوناً في 2009 يحضر تصدير القنابل التي يفوق معدل فشلها الواحد بالمائة ويمنع استعمالها في المناطق التي يوجد فيها المدنيون بحيث أنها لا تستعمل إلا لاستهداف المواقع العسكرية.
تخضع القنابل من صنف CBU-105 إلى العديد من الاختبارات لإثبات نجاعتها، إلا أن تقريراً ورد عن منظمة هيومن رايتس ووتش في فبراير المنصرم أكد أن هذه القنابل قد استعملت في هجومين وتجاوزت نسبة فشلها الواحد بالمائة، و قال ستيف غوس، مدير الأسلحة في هيومن رايتس ووتش، أن هذه التجاوزات من شأنها طرح السؤال حول مدى امتثال الولايات المتحدة لسياسة القنابل العنقودية وقواعد التصدير.
قام الفريق الصحفي للمنظمة بالتحقيق في خمس هجمات على الأقل استعملت فيها هذه القنابل، في أربع محافظات في اليمن منذ بدء الحرب. وفي ديسمبر/كانون الأول، سجل الفريق هجوماً على ميناء الحديدة اليمني الذي أسفر عن إصابة امرأة وطفلين في منزلهم، كما جرح مدنيين اثنين آخرين أيضا بسبب هذه القنابل بالقرب من قرية العمار، بحسب ما صرح به السكان المحليون والطاقم الطبي الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش. وأعرب الرئيس اوباما في عدة تصريحات عن قلقه تجاه أعمال العنف في اليمن، ولكنه لم يعلن رسميا عن توقفه عن دعم قوات التحالف.
صرح مسؤول أمريكي أخر أن “المملكة العربية السعودية تعهدت بإنشاء لجنة التحقيقات لهدف تقييم الاستهداف العسكري للمناطق وضمان حماية المدنيين والتحقيق في الحوادث التي سببت الضرر للمدنيين خلال الصراع في اليمن”. وأضاف أن “هذه الخطوة تعتبر مهمة جداً لسلامة المدنيين وتجنب الحوادث المستقبلية”.
وصرح سانجيف بري، مدير في منظمة العفو الدولية، أن “أية خطوة قد تقوم بها الولايات المتحدة لوقف تصنيع و تصدير القنابل العنقودية تعتبر مؤشراً إيجابياً، ولكننا في حاجة إلى التطبيق في أقرب الآجال”. وأضاف أن “المنظمة قد حاولت منع عملية بيع للقنابل الذكية قدرت ب1.3 مليار دولار صادقت عليها الولايات المتحدة في نوفمبر المنصرم، ولكنها باءت بالفشل”.
ولا تزال مسألة بيع الولايات المتحدة الأمريكية للقنابل العنقودية للمملكة العربية غامضة، لأننا لا نزال نجهل ما إذا كانت الخطوة ستقتصر على العملية الأخيرة للبيع أم ستشمل مستقبل عمليات البيع. فقد وقعت الولايات المتحدة في 2013 عقدا يتضمن تصنيع 1300 قنبلة عنقودية لفائدة المملكة العربية السعودية، وإنهاء عملية الشحن لمثل هذا النوع من الأسلحة يستغرق سنوات إلى جانب امتناع المسؤولين الأمريكيين عن توضيح ما إذا كانت العملية الأخيرة هي النهائية أم لا.
تسببت المملكة العربية السعودية، منذ بدء حملتها العسكرية في مارس 2015 ضد القوات الحوثية، في مقتل 6200 يمني على الأقل مما دفع ما يربو عن 3 ملايين مدني إلى الهجرة.
رغم إنه لم يمضي على بدئه سوى سنتين، استقطب هذا الصراع اهتمام المشرعين الأمريكيين، حيث قامت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ بتوقيع مشروع قانون دفاع يدعو إلى أنشاء صندوق للإسراع في تصدير قنابل عالية الدقة لفائدة “الشريك والقوات المتحالفة”، ولم يحدد المشرعون هوية الحلفاء الذين سيتم تزويدهم بالقنابل، ولكن جماعات حقوق الإنسان أجمعت على أن المملكة العربية السعودية هي المقصودة هنا وذلك لتسهيل تزويدها بالأسلحة المتطورة.
في هذا السياق، قام عضو مجلس الشيوخ، كريس ميرفي، بتعديل مشروع القانون حتى لا يكون به لبس وحتى لا يمكن المملكة العربية السعودية من اقتناء القنابل، ولكنه أعرب عن قلقه من مسألة “الشريك” هذه التي من شأنها إشراك الولايات المتحدة في تشابكات أجنبية أخرى وسط رقابة محدودة.
كما اقترح هذا العضو تعديلاً أخر، بالتعاون مع العضو راند بو، يهدف إلى فرض شروط أكثر صرامة على مبيعات القنابل المستقبلية للمملكة العربية السعودية، وقال فيه أن “المملكة العربية السعودية تعد شريكا مهما بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن دولتنا في حاجة إلى التفطن إلى الأعمال التي من شأنها أن تتضارب و مصلحتنا الوطنية” وأضاف أن “الحرب في اليمن تزيد من المعاناة الإنسانية التي تتسبب فيها نفس الجماعات التي تريد ضرب الولايات المتحدة، لذلك سلامتنا تهمنا”.
وتحاول الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، حيث قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يوم الخميس، أن محادثات السلام قد عادت إلى مسارها في الكويت بعد أن توقفت الأسبوع الماضي. وأضاف أن الطرفان قد أعربا عن استعدادهما لإجراء محادثات للتوصل إلى حل.
( الترجمة ليس بالضرورة أن تعبر عن وجهة نظر الموقع)