‘عمار ديوب يكتب: حروب الإمبرياليات والجهاديات في سوريا’

3 يونيو، 2016

عمار ديوب

فشلت جولات التفاوض المتعلقة بالحل السياسي؛ اضطر هذا الأمر الوسيط الأممي ديمستورا إلى تأجيل عقد جولة جديدة لأكثر من ثلاث أسابيع متتالية، وأصبح لقاء أول آب معلقاً بحبال الريح. تُظهِر تصريحاته أن غياب التوافق الأمريكي الروسي الكامل عطّل وسيعطّل أية جولات جديدة، ويتضمن تصريحه ضغطاً  على دول التوافق هذه لتتجاوز الخلافات بينها، لكي تعتمد صيغةً نهائية وجدية لإنجاح أي تفاوض. لكن، وخلافاً لذلك، لا تبدو روسيا ولا أمريكا في عجلة من أمرهما؛ فروسيا تنتقل لخطة جديدة وهي محاربة النصرة وسحق الفصائل المسلحة غير الجهادية، وأمريكا تبدأ معركة تحرير الرقة والفلوجة، وترفض كل تعاون مع روسيا من أجل ذلك، وبالتالي تسقط الفرضية التي تقول أن روسيا تتعجل الحل السياسي مخافة أن تأتي إدارة جديدة لا تقبل سياسة أوباما التي خفّضت من موقع أمريكا عاليماً. إذا ليس في الأفق تفاوض جدي؛ ويظل هذا مرتبطٌ بموقف أمريكي جديد، كما حينما ضغطت من أجل الكيماوي، وأي أسباب أخرى هي مرفوعة عن الاحتمالات، ما دامت الجهادية تتوسع والفصائل الوطنية تضعف والمعارضة هشة والنظام يتابع خياره العسكري في التعامل مع الثورة دماراً وقتلاً وتهجيراً واعتقالاً.

في ساحة الجهاديات، هناك خطابات متلاحقة؛ فقد خطب الظواهري في 8-5-2016 وبعده خطب العدناني في 21-5-2016؛ الخطابان يتنافسان في التشدّد إزاء الحرب ضد بعضهما ويعلنان حرباً مقدسة ضد بقية الناس والفصائل الوطنية، وضد أمريكا وروسيا وطبعاً ضد الفصائل السلفية في سوريا. خطاب الظواهري عكس ضعفاً للقاعدة في أفغانستان واليمن وباكستان، ونقلاً لمركز تنظيم القاعدة إلى سوريا، وهذه قراءة الباحث حسن أبو هنية في مقال بعنوان ” القاعدة تنقل ثقلها إلى سوريا”، وهذا ما استدعى تشدداً من قبل الظواهري ضد داعش من ناحية وضد بقية الفصائل ولا سيما جيش الإسلام وأحرار الشام، وإن لم يذكرهما في خطابه المؤرخ آنفاً، فتكفيره للمفاوضات وللمشاركين فيها دليل على ذلك، وكذلك الحرب التي اشتعلت في الغوطة ضد جيش الإسلام، وأيضاً ما فعلته النصرة في مدينة إدلب بشكل خاص في عام 2015 و2016 وبسط سيطرتها على المدينة. الظواهري يؤكد أن سوريا أصبحت مركز القاعدة، وبالكاد يتكلم عن مناطق أخرى في العالم للقاعدة فروعاً لها.

القيادي في تنظيم الدولة الإسلامية العدناني يشن هجوماً كاسحاً على كافة الأطراف السورية وأمريكا وروسيا والسعودية، وطبعاً على تنظيم النصرة ويهزأ من سياساتهم ويعتبرهم ليسوا من الجهادية بشيء، ويؤكد أن الإدارة الوحيدة مع الشعب هي التشدد والقتل، وأن القرآن الكريم وفق قراءة داعش هو من أوصى بهذا الشكل من الحكم. العدناني، يشتم بقية علماء الإسلام كعادته، ويشير أن معركة داعش مستمرة، ومهما خسروا من مدن بل وحتى ولو عادوا مجدداً إلى نقطة الصفر؛ العدناني يجدّد إن إدارة داعش هي إدارة توحش وقتل وبالتالي أسس داعش دولته وتوسعت بسبب التضارب في المصالح الإقليمية والدولية، وفي حال حدث توافق لهذه المصالح سينحشرون مجدداً في بيئات هامشية صحراوية. هذا يعني أن داعش يعرف مصيره، وأن خياره الوحيد هو الحرب على العالم أو الموت. الجهادية لا تخرج عن ذلك، وإن كانت تستقي وجودها وتوسعها من خارجها، أي من السياسات الدولية الإقليمية والمحلية الفاشلة؛ داعش كما النصرة كما الجهادية والسلفية ابنة شروط خلقتها الأنظمة حينما قتلت كل أفق لخيار سياسي ديمقراطي.

يمكن القول أن سوريا محكومة الآن، بغياب التوافق الأمريكي الروسي على حل سياسي محدد واعتماد هذا الثنائي الخيار العسكري، فروسيا مستمرة بحربها وداعمة للنظام، وأمريكا مستمرة بحربها وداعمة للـ (با يا دي)، والعدناني يهدد كل سكان الأرض والظواهري يريد مركزة تنظيم القاعدة في سوريا، وبوجود نظام لا يعي خطوة كل هذه التطورات، أن لم يكن يعمل من أجلها، ووصول الوضع السوري إلى جهاديات من ناحية ونظام من ناحية أخرى وبالتالي هناك إطالة لأمد الحرب للتخلص أولاً من الفصائل الوطنية. إذا ليس من حلٍّ للوضع السوري وهناك إدارة له حالياً فقط.

السعودية وتركيا ما زالتا فاقدتين للمبادرة وليس بمقدورهما تأمين دعم عسكري جديّ، وقطر تعمل بسياق واحد هو دعم الإخوان وجبهة النصرة، وبالتالي الخيارات المتبقية للسوريين هي: الموت أولاً، الإفقار ثانياً، التهجير والتشرد ثالثاً، والانخراط في القتال رابعاً ومن أجل الأجور وتأمين العيش وليس نصرة لقضية أو حباً بحرب؛ خيارات السوريين هذه هي نتاج سياسات النظام أولاً وسياسات المعارضة ثانياً، وكذلك هي بسبب السياسات الإقليمية والدولية المشار إليها؛ التعقيد والتشابك الكبير هذا هدفه تعطيل أي مشروع وطني، يمكن أن ينتهجه السوريون، محطِّمين الانشراخ العامودي بين معارضة ومولاة، والالتحاق والتبعية لدول خارجية.

سوريا بالمعطيات السابقة، وكون الإمبرياليات والجهادية الأكثر تأثيراً، لا حل سياسي قريب فيها، وهناك فقط إدارة للحروب المستمرة. يُوقف كل ذلك الخيار الوطني، ولكنه ليس على قائمة البحث حالياً، والسوريون الرافضون للخيارات العامودية ما زالوا غير قادرين على المبادرة.

المصدر: روزنة

عمار ديوب يكتب: حروب الإمبرياليات والجهاديات في سوريا على ميكروسيريا.
ميكروسيريا –

أخبار سوريا ميكرو سيريا