لماذا قررت تركيا الآن خوض معركة عسكرية في سورية؟


شنت القوات التركية فجر، اليوم الأربعاء، عملية داخل الأراضي السورية هي الأكبر منذ 5 سنوات، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إنها تستهدف تنظيم "الدولة الإسلامية" وكذلك الميليشيات الكردية.

 "درع الفرات" هكذا أسمت أنقرة عمليتها العسكرية التي حققت أهدافها بسرعة، إذ سيطرت قوات المعارضة السورية بعد توغل الدبابات التركية في الأراضي السورية على مدينة جرابلس في الشمال الشرقي لحلب على الحدود السورية التركية.

وأعلنت المعارضة بسط سيطرتها الكاملة على المدينة التي تعد آخر منفذ حدودي للتنظيم على الحدود السورية التركية، وسبق ذلك سيطرة المعارضة على عدة 8 قرى بمحيط جرابلس وهي: "الحجلية، الدقنق، طشطان، تل شعير، ككلجة، الحلواني، قرة قوي كراد، قرة قوي عرب".

ودأب "تنظيم الدولة" مراراً على استخدام جرابلس كمنصة لإطلاق القذائف على الأراضي التركية ما تسبب أكثر من مرة في سقوط ضحايا بين المدنيين، وهو ما يثير تساؤولاً عن سبب تحرك تركيا في هذا الوقت بالذات.

ضحايا غازي عنتاب

تأتي العملية العسكرية التركية بعد أيام من مقتل 54 شخصاً في تفجير انتحاري في مدينة غازي عنتاب القريبة من الحدود السوري، ولمح الرئيس التركي أردوغان إلى احتمال وقوف "تنظيم الدولة" ورائها، كما تتعرض المناطق الحدودية التركية منذ فترة للقصف انطلاقا من البلدات السورية التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف.

وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مديرة مركز دراسات الأمن في جامعة بهجة شهر في إسطنبول غولنور ايبيت، قالت إن "داعش يقوم مباشرة باستهداف الأراضي التركية من سورية ولهذا فان هذه العملية هي قبل كل شيء رد على ذلك".

وأضافت: "كان يمكن أن تتكثف هجمات داعش ولهذا رأت تركيا أن من الضروري اتخاذ هذه الخطوات والتحرك عبر الحدود بإرسال دبابات وجنود".

وبحسب تقرير الوكالة الذي نشرته إذاعة "مونتي كارلو"، فإن المحلل ايمري تونكالب في مركز "ستروز فريدبرغ" لاستشارة المخاطر، وافق على قول ايبيت، وأضاف أن "الوضع الأمني على الحدود شهد تدهورا واعتداء غازي عنتاب والقصف على كركميش أمس كانا بمثابة القشة الأخيرة".

أهداف التدخل

ورأت ايبيت أن أهداف العملية تنطوي على القضاء على التهديد القادم من "تنظيم الدولة" وكذلك منع القوات الكردية من التمركز في المناطق التي يتم تحريرها.

وتعتبر تركيا وحدات "حماية الشعب" الكردي امتداداً لـ"حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه منظمة إرهابية وتتفق في تصنيفها هذا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وقالت ايبيت: "يسيطر أكراد سورية على قسم كبير من الحدود لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على هذا الجزء في الوسط. لذلك فإن ما يقلق تركيا هو هل ستنتقل وحدات حماية الشعب إلى المناطق التي يتم تحريرها من داعش؟ بانتقالها إلى هذه المنطقة فان (القوات التركية) تمنع كذلك الأكراد السوريين من التموضع فيها".

وقال تونكالب إن تركيا لطالما اعتبرت المنطقة الواقعة إلى الغرب من الفرات خطاً احمر لا يمكن أن تسمح للأكراد أن يتمركزوا فيها.

وأضاف أن "أنقرة كادت تختنق عندما انتزعت قوات سورية الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري من الجهاديين بلدة منبج الاستراتيجية جنوب جرابلس والواقعة على الضفة الغربية للفرات، كان الأمر غير مقبول بالنسبة لتركيا وشكل حافزا إضافيا لدفعها للتدخل بشكل أوسع في سورية"، على حد قوله.

هل سيتضرر الأكراد؟

وترى ايبيت أن العملية التركية تعني أن أنقرة لن تسمح للقوات الكردية بالتموضع على أبوابها والتسبب بتفتيت الدولة السورية. وقالت: "ما حدث يعيد خلط الأوراق بالنسبة لأكراد سورية. لقد ظنوا أن الأميركيين سيدعمونهم في السيطرة على الأراضي حتى النهاية ولكن الأميركيين يلعبون لعبة براغماتية ميدانياً".

وقال مسؤول أميركي الأربعاء إن "قوات سورية الديموقراطية توقفت عن التقدم شمالا باتجاه جرابلس لذلك اعتقد أننا هدأنا أبرز مصادر قلق لدى تركيا".

وخلال نهاية الأسبوع قال رئيس وزراء تركيا بن علي يلديريم لأول مرة إن "الأسد هو أحد الفاعلين في النزاع السوري وأنه قد يتعين اعتباره جزءا من العملية الانتقالية".

وتنسق تركيا حاليا مع إيران وروسيا حليفتي الأسد. ولم تعترض حتى الآن أي قوة عظمى على العملية التركية التي بدأت قبل ساعات من زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لأنقرة، بل أعلنت واشنطن وألمانيا وفرنسا دعمها لها.

وقال مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن سونر كاغابتاي إن "وقف تقدم الأكراد باتجاه الشمال في سورية أهم بالنسبة لأنقرة الآن من إزاحة الأسد". وأضاف أن "وقف تقدم القوات الكردية في سورية الذي كان يعد هدفا ثانويا لأنقرة في السابق، بات اليوم يتقدم على موقفها السابق بضرورة إسقاط نظام الأسد".