on
لعبة إيران الكبرى لبلع المنطقة
العنوان الأصلي: لعبة إيران الكبرى
تتصاعد الحروب وتنحسر مثل الأنهار. مثل تحرك المحيطات في المد والجزر. في وقت مبكر من هذا الشهر، ظهر اوج الحرب الأهلية في سوريا متحولا بشدة لصالح المتمردين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد عندما تمكنوا من كسر حصار النظام على المدينة الحيوية والاستراتيجية حلب.
لقد كانت نكسة خطيرة لقوات الأسد، وتلك القوات هي ائتلاف فضفاض يتألف من حزب الله، الحرس الثوري الاسلامي الايراني (الحرس الثوري الإيراني)، والميليشيات الشيعية العراقية، وربما أكثر من 2500 من المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص الروسي،
الجنود الروس، وبقايا الجيش السوري ومجموعات كردية منشقة. ومنذ ذلك الحين، بدأ الهجوم الجوي الروسي.
وقد نال جزءا كبيرا من اهتمام وسائل الإعلام مؤخرا حول دخول روسيا في العام الماضي الحرب للمساعدة في دعم الأسد. كانت ضرباتها الجوية مدمرة -وخاصة للمدنيين المحاصرين في سوريا.
يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأمين المنشأة البحرية الروسية في طرطوس، والتي سوف تمكنه من مواصلة عرض قوته في الشرق الأوسط. كما توفر له مغامرة إمبريالية أخرى لإلهاء شعبه عن الانكماش الاقتصادي ومستويات العيش المتدنية المتزايدة التي يواجهها شعبه. وبطبيعة الحال، بوتين سيزدري الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أعلن مرارا وتكرارا أن الأسد يجب أن يرحل.
إيران تنفق المليارات على الأسد
الخوف من روسيا الانتقامية، التي تهدد الاستقرار الأوروبي بتدخلها في أوكرانيا -وباتت تهدد الآن استقرار منطقة الشرق الأوسط بتدخلها في سوريا- أذهل المراقبين.
التدخل التركي الأخير في الصراع في 24 آب، عندما عبرت الدبابات والجنود، مدعومين بغارات جوية لقوات التحالف الامريكية،عبرت الحدود لمهاجمة مواقع تسيطر عليها جماعة الدولة الإسلامية (ISIS) بالقرب من جرابلس، وسعت وعقدت المشهد فقط.
لكن دور ايران كان خاسرا إلى حد كبير وهي التي دعمت الأسد تقريبا من اللحظة التي بدأ فيها الأسد القمع الوحشي ضد المتظاهرين وتحولت الاحتجاجات الحاشدة الى حرب أهلية. الجيش السوري، وخاصة قواته الجوية، كانت دائما ساحة للتسييس أكثر من قوة قتالية فعالة. دون إيران – وتحديدا الحرس الثوري الإيراني، الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني الموهوب – لن يكون هناك أي أسد لتدعمه روسيا.
قبل أيام فقط قدم المجلس الوطني للمقاومة الايرانية (مجاهدي خلق)، وهي جماعة معارضة ايرانية في المنفى، ملفا لـ MailOnline، ادعى أنه فضلا عن تشغيل العمليات الإيرانية في سوريا من مقر سري في دمشق والمعروف باسم “البيت الزجاجي”هناك،فإنه في الواقع بوجد 6000 مقاتل تحت القيادة الإيرانية في سوريا، أي أكثر من 16000 مقاتل كان يعتقد وجودهم سابقا. وأكد الملف أيضا أن إيران أنفقت “مليارات” – ربما يقدر 100مليار $ – على دعم الأسد منذ عام 2011.
الدخيل الإقليمي
نظرا لعدائه للجمهورية الإسلامية، ضخم المجلس الوطني للمقاومة على الأرجح هذه الأرقام، لم يتم التحقق منها بشكل مستقل ولكن كانت تعتبر “ذات مصداقية” من قبل “خبراء الاستخبارات.”
قال ماثيو ماكلنيس و بول بوكالا، وهما محللين من فريق التهديدات الحرجة AEI، قالا لـ RFE / RL أن هذه الأرقام مرتفعة. ويقدرون أنه في أي وقت من الأوقات، ما بين 13000 و15000 وكيل لإيران – بما في ذلك مقاتلون من حزب الله والميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وباكستان – يشرف عليهم ما يقرب من 3000 من الضباط العسكريين الإيرانيين وغيرهم من العاملين في سورية. لاحظ ماكلنيس أن “هذه الأرقام ليست ثابتة وتتقلب على أساس دورات التناوب وتغيير المتطلبات العسكرية”. وتقدر AEI انه هناك 100000 من المقاتلين على الاقل الذين يشكلون قوات الدفاع الوطني السورية (NDF)، والتي ساعدت قوات الحرس الثوري والباسيج شبه العسكرية لإنشاء دعم لحكومة الأسد.
ومما لا شك فيه أن إيران – في الوقت الذي (رفعت عنها العقوبات بعد ابرام الاتفاق النووي العام الماضي لكبح برنامجها النووي ) قد تأثر اقتصادها بعمق- واستثمرت مواردا ثمينة في مستنقع لا يمكنها تحمله. اقتصادها في حالة من الفوضى، وحتى مع عودة الأصول المجمدة وإمكانية زيادة التجارة العالمية فهي تكافح مجموعة من المشاكل الداخلية الخطيرة – بعض منها، الشباب الايراني وعدم قدرة الدولة على توفير فرص العمل لهم، كل هذه الامور ربما تثبت امرا وجوديا.
والسؤال هو لماذا؟ والجواب هو جزء لا يتجزأ من فهم الحرب الأهلية في سوريا.
إيران، مثل إسرائيل، دخيل إقليمي؛ وهي دولة فارسية شيعية في الشرق الأوسط العربي ذي الأغلبية السنية – الشيء الذي ظهرت تكلفته عندما اصطفت جميع الدول العربية تقريبا وراء العراق خلال الحرب 1980-1988 بين العراق وايران. وكانت سوريا استثناء. البلدان حليفان منذ فترة طويلة.
ولكن أكثر من هذا. روسيا ليست الدولة الوحيدة الانتقامية في سياسات القوى العظمى اليوم. ، وُجهت إيران على نحو متزايد بمخاوف الحرس الثوري أكثر من رجال الدين في مدينة قم المقدسة، وتسعى الآن للهيمنة على الشرق الأوسط. ولذلك سوريا أمر حيوي بالنسبة لها. كما يلاحظ جوناثان سباير، مدير مركز روبين في IDC هرتسليا،: ” تريد إيران بناء خط متجاور من دول متحالفة مع إيران بين الحدود العراقية الإيرانية والبحر. وتشكل سوريا عنصرا أساسيا في ذلك. وسورية ضرورية أيضا في صيانة خطوط الإمداد من إيران إلى وكيله الرئيسي، تنظيم حزب الله اللبناني. وهو الذي يعطي ايران تواصلا ماديا للنضال ضد إسرائيل، والنضال الذي تلتزم به إيران على حد سواء لأسباب عملية وأيديولوجية “.
“أسدستان”
مع عدوها التقليدي، العراق، الآن جميع نواياه واهدافه دولة فاشلة تحت النفوذ الإيراني الضخم، و شعار ” الشيطان الأكبر” -الولايات المتحدة، كما هو متعارف عليه من قبل بعض المحافظين المتشددين في إيران – على ما يبدو مصممة على التمحور بعيدا عن المملكة العربية السعودية تجاه طهران، والخارطة الجيوسياسية تمت إعادة تشكيلها تماما تقريبا في صالحها.
ولكن الحفاظ على هذا الوضع الراهن يعتمد إلى حد كبير على إبقاء الأسد في السلطة. ما دامت طرق الإمداد لحزب الله مفتوحة بإمكانها الاستمرار بمضايقة إسرائيل والضغط عليها، المنافس الاقليمي الوحيد لإيران من أي قوة حقيقية. أكثر من هذا، إذا سقط الاسد فمن شبه المؤكد أن يتم استبداله بنظام سني معاد تماما لإيران، لأسباب طائفية، حيث يشكل السنة أكثر من 70 في المئة من السكان قبل الحرب في البلاد، ولأن مكوناته ستقضي سنوات تُقتل من قبل إيران ووكلائها.
وبدخول القوة الجوية الروسية الآن في الحرب هذا السيناريو غير محتمل إلا إذا -كما يلاحظ سباير كان هناك التزام مقابل من القوة الجوية الغربية للدفع بقوة بقضية المتمردين. “هذا شيء يقيمه بحق، ومن المؤكد تقريبا أنه لن يحدث”
في الوقت نفسه، لا يزال الأسد ضعيفا للغاية لاستعادة معظم المناطق التي خسرها في سوريا. السيناريو الأكثر احتمالا هو اقتطاع “اسدستان” التي تسمح لإيران بالمحافظة على خطوط الإمداد لحزب الله والتواصل مع الدول الحليفة. وروسيا تحافظ بشكل طبيعي على قاعدتها الجوية.
الخاسرون هم -مرة أخرى- الشعب السوري. الواقعية السياسية في الشرق الأوسط هي عمل قذر ومقرف، وإيران هي الحاكم المنفذ.
رابط المادة الأصلي : هنا.