on
النظام يرفد خزينته من تصريف الحوالات البنكية
خسر مواطنون سوريون مبالغ مالية من قيمة حوالاتهم المرسلة من دولٍ أخرى إلى سوريا، عبر شركة الحوالات النقدية العالمية “ويسترن يونيون” الشهيرة، التي لا تزال تعمل في العاصمة السورية دمشق رغم حظرها بسبب “سلسلة العقوبات الاقتصادية” المفروضة على نظام الأسد منذ انطلاق الثورة في سوريا في 15 آذار/ مارس من عام 2011.
ووردت عدة شكاوي من مواطنين سوريين لـ”صدى الشام” يتحدثون عن نقص في قيمة الحوالات المرسلة لهم من دولٍ أخرى، بسبب دخول شركة ثالثة على خط التحويل وهي تقوم بإرسال أي حوالة تُرسل من شركة ويسترن باتجاه سوريا من أي بلد إلى دبي، ومنها يتم تحويلها إلى شركة محلية وتحول إلى دمشق، والنقص يحصل نتيجة تحويل شركة ويسترن يونيون الأموال من الدولار.
نقص في الحوالات
تلقّت “صدى الشام” 5 شكاوي من مواطنين سوريين يعيشون في العاصمة دمشق، عن نقص قيمة الحوالات المالية التي يتلقونها من دول خارجية عبر “ويتسرن يونيون”.
فقد استلمت “فاطمة” مبلغ 1000 ريال عماني قبل عيد الأضحى بأسبوع عبر شركة التحويل العالمية “ويسترن يونيون”، وكان المصرف المركزي قد حدد سعر تصريف الحوالات المالية من الريال العماني بـ 1340 ليرة سورية.
وصل إلى فاطمة مبلغ 120 ألف ليرة، أي بنقص 10 آلاف و400 ليرة، (8% من الحوالة). عادت فاطمة لتستفسر من الشركة التي استلمت المبلغ بها، فكان الرد من الموظف أن “الشركة التي تم تحويل المبلغ عن طريقها لها قوانينها الخاصة، فهي محظور عليها أن تعمل داخل سوريا، لذلك تقوم بإرسال الحوالة عن طريق وسيط مالي في دبي، وهو يرسلها بدوره إلى إحدى شركات الصرافة في سوريا بعد تحويل العملة إلى دولار وفقاً لنشرته الخاصة واقتطاع اجرة التحويل من المبلغ”. ومن ثم فإن الخلل ذهب باتجاهين، الأول في شركة “ويسترن” كونها محظورة، والثاني في مؤسسات النظام التي تركت شركات الويسترن مفتوحة داخل دمشق لكسب مبالغ مادية على حساب الحوالات المالية التي يتلقاها السوريين من الخارج، حيث تثير هذه الحادثة سؤالاً مهمّاً حول كيفية عمل شركة “ويسترن يونيون” في مناطق الأسد رغم حظرها.
ما علاقة النظام؟
اعتمد النظام السوري بشكلٍ كبير على الفروقات المادية في الحوالات المالية التي ترد إلى الداخل السوري إلى السوريين الذين يعيشون في مناطقه من أقاربهم المغتربين، ولا سيما بعد موجة الهجرة الكبيرة التي اجتاحت البلاد خلال السنوات الماضية.
خبير اقتصادي: وجود شركات التحويل المالي بمناطق سيطرة النظام رغم حظر بعضها دولياً، يدرّ عليه الملايين يومياً من خلال التلاعب بأسعار الصرف
وقال الخبير الاقتصادي عبدالله المواس لـ”صدى الشام”، إن “النظام عمل جاهداً ليبقي على شركات التحويل المالي عاملة في مناطقه، رغم حظر بعضها دولياً، إلّا أن وجودها بمناطقه يدرّ عليه الملايين يومياً من خلال التواطؤ مع الشركات التي تعمل في مناطقه، عبر فرض تسليم الحوالات بالليرة السورية حصراً وتصريفها من العملة الأساسية إلى الليرة وفق النشرة التي يضعها مصرف سوريا المركزي لأسعار العملات”.
وأضاف المواس: “الكثير من العائلات السورية المقيمة في الداخل السوري تعتمد بشكل أساسي على الحوالات الخارجية لتأمين مصاريف حياتها لأن الدخل الشهري لسوريي الداخل وصل إلى الحضيض”، موضحاً أن هذه الحوالات تعود على النظام بمبالغ مالية كبيرة بعد تحويلها إلى الليرة وفقاً لنشرته الخاصة.
فروقات دولار المركزي والدولار الحقيقي
منذ بدء الثورة السورية وما أعقبها من فرض عقوبات اقتصادية على الأسد، بدأت الليرة السوري تتهاوى، وصعد نفوذ الأسواق السوداء في الداخل السوري سواء في مناطق النظام أو المناطق المحرّرة، وهو ما دفع بنظام الأسد لتحديد سعر صرف لليرة السورية بنشرته يختلف عن الأسعار الحقيقية الموجودة في السوق السوداء، واتهم “صفحات فيسبوك صفراء” بأنها تقف خلف رفع أسعار الدولار.
يعتبر الباحث الاقتصادي عبدالله المواس أن “النظام حقّقَ ثلاثة أهداف من هذه النشرة المزيفة، يأتي على رأسها إجبار السوريين في الداخل والذين يملكون الدولار على بيعه وفقاً لنشرة المركزي، وثانيها إيهام إعلامي بأن الليرة السورية منخفضة ولم تنهار أمام الدولار، إضافة لكسب أموال طائلة عبر تصريف الحوالات الخارجية وفقاً لنشرته”، مشيراً إلى أن “هذه الحوالات شكّلت أحد الأعمدة الداعمة لاقتصاد نظام الأسد، كونها الحل الوحيد أمام السوريين في الخارج الراغبين بتحويل عملاتهم إلى أقاربهم داخل سوريا”.
وشهدت أسعار صرف الليرة السورية فروقاً كبيرةً بين نشرة “مصرف سوريا المركزي” المزيّفة، وبين الأسعار الحقيقية في الأسواق السوداء، حيث وصل الفرق إلى أكثر من 30 ليرة سورية للدولار الواحد في بعض الأحيان، وهو ما عاد على اقتصاد الأسد بنفعٍ مادي كبير.