مناظرة ترامب-كلينتون: عندما يتحوّل السجال الانتخابي لاستعراضٍ تلفزيوني


على وقع تظاهرات الأميركيين السود المتواصلة في مدينة تشارلوت، في نورث كارولينا، احتجاجاً على مقتل شاب أسود برصاص رجل شرطة أبيض؛ يتواجه مرشّحا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون، ليل الاثنين بالتوقيت الأميركي، في أول مناظرة تلفزيونية مباشرة بينهما في الموسم الانتخابي لعام 2016.

للوهلة الأولى، قد يعني ذلك، أنّ مسألة العنصريّة، التي تفاقم خطرها على وحدة المجتمع الأميركي في السنوات الأخيرة، هي الأجدر بأن تكون محور السجال بين المرشحَين في مناظرتهما التلفزيونية الأولى.

لكن تسريبات وسائل الإعلام الأميركية عن اهتمامات المرشحين، وخططهما خلال فترة التحضير للمنازلة التلفزيونية، وعن تدريبات كلّ منهما على كيفية مهاجمة الخصم، واستهداف نقاط الضعف في شخصيته، لا توحي بذلك، فالقضايا الكبرى، كتأمين فرص عمل للأميركيين، أو الحد من العنصرية ضد الأقليات في الولايات المتحدة، أو الإرهاب الذي ضرب في نيويورك ونيوجرسي ومينيسوتا قبل عشرة أيام، وظاهرة الإسلاموفوبيا التي تطفو على السطح مع كل هجوم إرهابي يستهدف الغرب، وكل تصريح يتناول فيه ترامب خطر المسلمين على نمط الحياة الأميركية، بالإضافة طبعاً إلى مشكلة الهجرة غير الشرعية، وما يصاحبها من ظواهر عنصرية ضد الأجانب؛ كل هذه القضايا الكبرى يتراجع الاهتمام بها لصالح اعتبارات الاستعراض التلفزيوني، والرقم القياسي في عدد المشاهدين المتوقع أن تسجّله المواجهة التلفزيونية بين ترامب وكلينتون، والذي قد يصل إلى 150 مليون مشاهد.

على هذا المنوال، يسعى ترامب، من خلال التكتيك الذي سيتّبعه أثناء المواجهة، إلى جرّ المناظرة التلفزيونية مع كلينتون إلى ميدان “تلفزيون الواقع”، الذي يتقنه الملياردير النيويوركي، ويسجّل له أنه تفوق فيه على كبار الإعلاميين والمشاهير، إضافة إلى نجاحه في مواجهة عدد من كبريات وسائل الإعلام الأميركية المرئية والمكتوبة، مثل “سي ان ان”، و”فوكس نيوز”، و”نيويورك تايمز”، و”واشنطن بوست”.

وفي تغريدة له على “تويتر”، صباح الأحد، لوّح ترامب بفتح ملفّ العلاقات النسائية للرئيس الأسبق، بيل كلينتون، زوج المرشحة الديمقراطية، من خلال دعوته العارضة والممثلة الأميركية السابقة، جينيفر فلاور، لتكون في الصفوف الأولى لجمهور المناظرة.

وفلاورز هي واحدة من عشيقات بيل كلينتون، وشغلت العلاقة بينهما وسائل الإعلام الأميركية خلال تسعينات القرن الماضي، إضافة إلى فضيحة علاقته مع الموظفة السابقة في البيت الأبيض، مونيكا لوينسكي.

ورغم الانتقادات التي طاولت أداء حملتها الانتخابية في العلاقة مع وسائل الإعلام؛ فإن كلينتون تتسلّح بتجربتها الطويلة مع المناظرات التلفزيونية، وهي السياسية الأميركية المخضرمة التي تشغل مناصب سياسية مهمة منذ 40 عاماً، خاضت خلالها غمار مواجهات وتحديات وفضائح قد لا يقدر على مواجهتها أعتى السّاسة.

ويتخوّف مستشارو ترامب من أن إثارته الملفات الشخصية، واستخدام لغة فضائحية خلال مناظرة تلفزيونية مباشرة أمام ملايين الناخبين الأميركيين مع أول امرأة أميركية تصل إلى هذه المرحلة من المنافسة في السباق إلى البيت الأبيض، قد لا يكون لصالحه، ولن يحسّن صورته الفظّة أمام الناخبات تحديداً، خصوصاً وأن هذه هي المناظرة الأولى لترامب مع منافس واحد على المسرح على خلاف مناظرات الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. في السابق، كان يعج المسرح بالمرشحين، الأمر الذي وفّر لكلّ واحد منهم فرصة التقاط أنفاسه، أو التهرّب من تقديم الإجابات على الأسئلة المحرجة.

ربّما لهذا السبب يعتقد نحو سبعين في المئة من الأميركيين، حسب استطلاع للرأي نشر السبت، أن أداء كلينتون خلال المناظرة التلفزيونية سيكون أفضل من أداء ترامب. ورغم إشارة الاستطلاعات إلى أن نحو ثمانين في المئة من الناخبين الأميركيين قد حسموا خياراتهم الانتخابية، وحدّدوا لمن سيقترعون؛ فإن نتائج المناظرة سيكون لها أثر كبير على اتجاه تصويت 20% من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد.



المصدر